ثلاث شركات فشلت في الأردن وتفتخر بفشلها: ما هي النصائح التي تقدّمها؟
[ملاحظة من المحرر: قال لي شخصٌ خبير في مسائل الشركات الناشئة مؤخراً: "إنّ بناء ثقافة تشجع على الفشل هي الطريقة الوحيدة لبناء بيئة عمل صحية". بعد أن تكلمنا العام الماضي عن بعض الشركات التي أغلقت أبوابها في الأردن، حان دور فعالية "عمّان تك تيوزدايز" Amman Tech Tuesdays الآن لتبادر في بناء هذه الثقافة المرتكزة على الفشل. وقد أحْسَنَت فعلاً.]
في فعالية "عمّان تك تيوسديز" التي تطرقت إلى فشل الشركات والتي انعقدت في 7 أيار/مايو، تحدّث مؤسسو ثلاثة شركات ناشئة عن تجارب الفشل التي اختبروها، وقدّموا دروسًا للحاضرين حول أهمية الاعتراف بالفشل وكيفية تجنبه.
جمعت الفعالية ما بين ثلاثة مؤسسين كان موقع "ومضة" قد تحدّث عن فشل شركاتهم مسبقًا، وهم إبراهيم منّا، مؤسس "ويلز اكسبرس" Wheels Express وغيث قوار، مؤسس "تَكتِك جايمز" وصهيب ظياب، مؤسس "ويزردز برودكشنز" Wizards Productions، حيث قاموا بمشاركة قصة فشلهم مع حشدٍ كبير من مؤسسي شركات ناشئة ورواد أعمال طموحين ومستثمرين وفنيين أردنيين. وتولّى إدارة حلقة الحوار المستثمر التأسيسي الأردني ماهر قدورة، ويمكن استخلاص العبر الخمسة التالية من المتكلمين الثلاث:
1) ابنِ فريق مؤسسين مناسب.
يقول ظياب: "حدّد المسؤوليات منذ اليوم الأول!" ويشدد على أهمية تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح لكل فردٍ من الشركاء المؤسسين لتجنب المشاكل في ما بعد، وهذا ما عانت منه "ويزردز" وفقاً لما أخبره لـ "ومضة". ويضيف أنّ الأهم من ذلك كلّه هو أن "تحدد رؤيتك الخاصة بك المتعلقة بالشركة" وأن يوافق عليها الفريق المؤسِّس، على أن تبقى خطوط التواصل مفتوحة لتشارك أيّ مسائل أو مشاكل مع شركائك، أكانت كبيرة أو صغيرة.
والنقطة الأهم التي اتفق عليها ظياب وقوار هي أن يكون من بين مؤسسي الشركة الناشئة فرداً تقنياً لديه خلفية هندسية قوية، بدلاً من توظيف مطورين من الخارج لا مصلحة لهم في الشركة وقد لا تتمكن من استبقائهم؛ على الفريق المؤسس أن يقوم بأبرز وظائف الشركة الناشئة، من المهام التكنولوجية إلى تطوير العمل.
2) التوقيت أهم شيء؛ متى يجب التوسّع ومتى يجب تخفيف الكلفة
مع نجاح نموذج العمل في عمّان وحجم المنافسة الصغير جداً، سعى منّا لتوسيع "ويلز اكسبرس" بسرعة أكثر من اللازم. فتصاعدت نفقات إنشاء الشركة أسرع بكثير من تصاعد عائداتها، وعندما لم يعد منّا قادراً على تأمين المزيد من مبالغ الاستثمار للشركة، كان لا بد من إغلاقها. في حين أنّه من المهم أحياناً توسيع العمل بسرعة للتغلّب على المنافسين، يقول منّا: "عليك أن تحرص على أن عائداتك أعلى من نفقاتك حتى وإن كان تلقيت تمويل من مستثمرين".
"ويزردز" عانت أيضاً في موضوع التوسيع، فيقول ظياب: "لم نفكّر بالتوسع منذ البداية". ففي بادئ الأمر، حاولت "ويزردز" أن تبقى صغيرة، مقللةً من قيمة قدرتها على التوسع في السوق. وعندما أرادت الشركة التجدد لاستيفاء الطلب المتنامي، كان قد فات الأوان للتغلب على منافسيها. لذا، ينصح ظياب بالتوسع بأسرع شكل ممكن بعد تلقي النصائح والإرشاد من الخبراء المختصين في مجالك.
3) ادعم فريقك وكن شفافًا وصريحًا.
بعد أن عقدت "تكتِك جايمز" صفقة تُحسد عليها مع الناشر العالمي "تشيلينجو" Chillingo، كانت في طريقها إلى النجاح في نيسان/أبريل 2012. ولكن، مع مرور الوقت، فقدت الشركة الناشئة جزءاً هاماً من طاقمها الموهوب الذي كان قد تدرّب في الشركة قبل إيجاد وظائف بأجور أعلى في دول الخليج. وعندما لم تعد "تكتِك" قادرة على القيام بالتعديلات التي تطلبها منها "تشيلينجو" على ألعابها، اضطرت إلى إغلاق أبوابها.
والمشكلة تكمن في أنّ الموظفين لا يقدّرون ثقافة الشركات الناشئة، فيقول قوار: "يقارنون الشركة الناشئة بالشركات الكبيرة". ويضيف أنّ هذا النقص في الخبرة الخاص بالتقلبات التي تمر بها إدارة شركة جديدة هي واحدة من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى فشل الشركات الناشئة في الحفاظ على موظفيها. ومع ذلك، اعتمد قوار في "تكتِك جايمز" مقاربةً عملية لإشراك الموظفين عبر مشاركتهم نظرته والاحتفال بنجاحاتهم، فيقول: "عليك فعل بذلك إذا كنت صاحب شركة ناشئة".
ويضيف ظياب: "كن شفافاً ومنفتحاً مع طاقم عملك"، حتى عندما يتأخر الاستثمار، "فإذا أرادوا المغادرة [أثناء انتظارك للاستثمار]، فذلك يعني أنّهم سيغادرون في كلّ الأحوال".
4) انطلق بسرعة وافشل بسرعة أكبر.
بعد عامٍ ونصف من تطوير ألعاب إلكترونية ثلاثية الأبعاد ومتعددة اللاعبين، لم تلقَ تقنيات "ويزردز" ترحيباً جيداً من المستخدمين، فقرر الفريق أن يجرب حظّه في ألعاب الهواتف الجوالة. غير أنّ هذا التأخير في الإنتاج خلال تعلم الطاقم مهارات جديدة لم تستطع الشركة تحمله.
يعترف ظياب قائلاً: "اعتقدنا أنّنا نفهم سوقنا جيداً". ويضيف أنّه عليك أن تطلق منتجك بأسرع وقت ممكن، حتى وإن لم يكن جاهزاً بالكامل؛ اختبر السوق بأسرع وقت ممكن وكرر العملية بسرعة باعتماد مقاربة مرنة والبقاء على اتصال بزبائنك. فلا يمكن للشركات الناشئة تحمل كلفة الاستثمار كثيراً في تطوير المنتج قبل اختباره في السوق.
واتفق المتحدثون الثلاثة على أنّه على رواد الأعمال أن يكونوا طموحين، ولكن أن يبقوا واقعيين. فيقول قوار إنّه لا يجب على مؤسس الشركة الناشئة أن يهدف لإنتاج منتج مبتكر بالكامل وعليه أن يبقى واقعياً؛ فاعتماد 20% من الابتكار و80% من الممارسات المتبعة هما أفضل للشركة الناشئة والنفقات والفريق والمستثمرين، وفقاً لقوار الني ينصح بإطلاق المنتج، واختباره، وتكرير العملية والابتكار بشكل تدريجي.
5) اختر المستثمرين بدقة وأشركِهم في العمل.
يقول قوار بصراحة: "إنّ علاقتك كرائد أعمال مع المستثمرين هي’علاقة زواج‘". وهو ينصح بأن تكون واضحاً مع المستثمرين المحتملين منذ البداية حول ما تريده من العلاقة، سواء تريد التمويل أو الإرشاد أو كلاهما معاً. وكل مستثمر يقدم خدمات إضافية مختلفة مع تمويله.
ينصح ظياب رواد الأعمال أن يكونوا صريحين مع مستثمريهم وأن يدعوهم للمشاركة أكثر في تنمية عمل الشركة. وعلى كلا رواد الأعمال والمستثمرين أن يكونوا أكثر واقعية بشأن توقعاتهم منذ البداية وألا يعدوا بأكثر مما يمكنهم تحقيقه.
ويضيف قدورة أنه كمستثمر يشجع المستثمرين الآخرين على استثمار وقتهم في تقديم الإرشاد لرواد الأعمال وبخاصة في البيئة الريادية الحاضنة العربية.
أمّا أبرز ما يمكن استخلاصه من هذه الفعالية التي عقدتها "عمّان تك تيوسديز" هذا الشهر، فهو أنّه عند تأسيس شركة ناشئة، يبقى الفشل احتمالاً كبيراً؛ لكنّ المفتاح هنا هو أن تفشل بسرعة وعلى نطاق صغير. أمّا إذا فشلت على نطاق كبير، فيجب تعلّم كيف تتخطّى الأمر وتتابع طريقك.