ماذا بعد إطلاق 'أدوية الحكمة' صندوقاً لتمويل الرعاية الصحية الرقمية في المنطقة؟
منذ تأسيسها في آب/أغسطس 2015، تركّز "حكمة فنتشرز" على الرعاية الصحّية الرقميّة (الصور من "حكمة فنتشرز").
أطلقت "أدوية الحكمة" Hikma Pharmaceuticals صندوق تمويل مخاطر استراتيجي بقيمة 30 مليون دولار يركّز على الشركات الناشئة في مجال الرعاية الصحّية الرقميّة digital health (أي دمج التكنولوجيا الرقمية بالصحة والرعاية الصحيّة والمجتمع) وتقديم العلاجات والتشخيص. وهذا الصندوق الذي يحمل اسم "حكمة فينتشرز" Hikma Ventures يعمل انطلاقاً من عمّان بمثابة ذراع الاستثمار المخاطر للشركة الكبرى "أدوية الحكمة"، منذ أن تأسّس في آب/أغسطس 2015.
من جهتها، تأسّست "أدوية الحكمة" عام 1978 في عمّان أيضاً، وهي تُنتِج الأدوية العامة وأدوية ذات علامات تجاريّة مثل "بلو برس" Blopress و"بروجراف" Prograf و"سوبراكس" Suprax في 28 مصنعاً في 11 بلداً. وقد أصبحَت هذه الشركة التي أسَّسها سميح دروزة شركةً مساهمة عامّة في عام 2005 حين دخلت قائمة بورصة لندن London Stock Exchange.
بحسب المديرة العامة لـ"حكمة فنتشرز"، لانا غانم، تمّ إطلاق الصندوق كوسيلةٍ لدعم نشاطات البحث والتطوير في الشركة ومساعدة "أدوية الحكمة" على الدخول إلى عالم الرعاية الصّحية الرقمية المزدهر في الوقت عينه.
في حين يأتي مبلغ التمويل بأكمله، الـ30 مليون دولار، من ميزانيّة "أدوية الحكمة"، تقترب اليوم "حكمة فنتشر" من أولى مجموعة صفقاتٍ لها وتتوقّع غانم أن تُستَكمَل في الشهرين القادمين. يصل حجم الاستثمار الأولي إلى 3 ملايين دولار في الجولة الواحدة مع فرصة تمويل إضافي في جولاتٍ لاحقة follow-on funding.
وتقول غانم عن هذا الأمر: "سوف نستثمر في الشركات في مراحل مختلفة من المرحلة التأسيسيّة إلى جولة التمويل الأولى والثانية."
منذ انطلاق هذا الصندوق، عملت غانم على إيجاد الصفقات من خلال شبكة "أدوية الحكمة" وبالتعاون مع مسرّعات نموّ وحاضنات أعمال وصناديق تمويل مخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها.
وتشير المديرة العالمة لـ"حكمة فينتشرز" إلى أنّهم يهتمّون "بأجهزة الرعاية الصحيّة الرقمية، والأجهزة القابلة للارتداء ومنصّات تحليل البيانات الضخمة والتطبيب عن بعد telemedicine، في مجالات مثل إدارة الأمراض المزمنة، وعلم الأورام، والأمراض التنفسية وصحّة المستهلك والصحّة العقلية."
بالرغم من أنّها تركّز لأسباب استراتيجيّة على الرعاية الصحّية الرقمية وتوصيل الأدوية، إلّا أنّ "حكمة فينتشرز" ستكون مرنةً فيما يتعلّق باختيار الشركات التي سوف تستثمر فيها.
لأنّه و"فيما نبذل جهداً في إيجاد صفقات في الرعاية الصحية الرقميّة وتوصيل الأدوية، نشعر بالتفاؤل؛ فقد نجد شيئاً [خلال أبحاثنا] وندرسه بجديّة،" بحسب غانم.
وبالرغم من اتّخاذها عمّان مقرّاً، لن يقتصر عمل "حكمة فينتشرز" على مكان معيّن، إذ يسعى الفريق إلى إيجاد الصفقات في كلّ أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإضافة إلى أمريكا الشمالية وأوروبا. فوفقاً لغانم، "نحن لسنا محدودين بالجغرافيا."
الانضمام إلى الثورة الرقميّة في مجال الصحّة
قبل إطلاق "حكمة فينتشرز"، انضمت غانم إلى شركة "أدوية الحكمة" في عام 2012 كمساعدةٍ للرئيس التنفيذي. وخلال عملها، لاحظت أنّ "أدوية الحكمة" تستثمر في البحث والتطوير بنسبةٍ أقلّ بكثير من منافسيها، ووجَدت أن تأسيس صندوق تمويل مخاطر لهذه الشركة الكبرى هو الطريقة الأمثل لمعالجة هذه المشكلة، و"هكذا جاءت الفكرة وراءه."
وبالتالي قامت غانم بمساعدة المدير العام لـ"داش فنتشرز" DASH ventures، عمر ساطي، في تحضير اقتراحٍ لتأسيس صندوق تمويلٍ استراتيجي، ثمّ عرضته أمام مجلس الإدارة في آب/أغسطس 2015. وعندما وافق مجلس الإدارة على الاقتراح، وُلد صندوق "حكمة فنتشرز".
فريق" حكمة": لانا غانم، وأيمن العالول، وهاني الصاحب.
تعقيباً على الفكرة الأساسية وراء الصندوق باعتباره وسيلةً لإكمال أنشطة البحث والتطوير، قرّرت "حكمة فنتشرز" احتضان مجال الرعاية الصحية الرقميّة كفرصة لإضفاء قيمة للشركة.
فقد "لحظنا أن لمحاذاة التطوّر التكنولوجي وللبقاء على صلة [بالتقدّم]، يجب التركيز على الصحة الرقميّة بشكل أساسي،" بحسب غانم.
تتصدّر الرعاية الصحية الرقميّة كلّ طرق معالجة تحدّيات الرعاية الصحيّة حول العالم. فمن خلال التكنولوجيا الحديثة، تساعد هذه الرعاية على محاربة الأمراض المزمنة وتخفيض التكلفة وتسريع عمليّة العناية الصحيّة وسدّ الفجوة في مجال الرعاية الصحيّة بشكلٍ عام.
وفيما تنشأ ابتكارات الرعاية الصحّية الرقمية من عالم الشركات الناشئة، تلحظ الشركات الكبرى أنّ صناديق الاستثمار المخاطر التابعة لها تشكلّ بديلاً مغرياً عن مشاريع البحث والتطوير المكلفة والبطيئة التقدّم.
بالنسبة إلى المنطقة العربية، يبدو واضحاً أن قطاع الرعاية الصحيّة بشكل عام مهيّأ للابتكار وأنّ الرعاية الصحيّة الرقميّة مستعدّة لتبتكر، إذ أنّ المؤشّرات كلّها تدلّ على ذلك. ففضلاً عن عوامل البنى التحتية الأساسية، مثل زيادة استخدام الإنترنت والهواتف الذكيّة، يزيد الإنفاق على الرعاية الصحية في المنطقة كما يزيد عدد الشركات الناشئة التي تعمل في قطاع الرعاية الصحية الرقمة.
وبالتالي عند أخذ هذه التوجّهات في عين الاعتبار، تشير غانم إلى أنّ إطلاق صندوق استراتيجي للشركات الناشئة في مجال الرعاية الصحيّة الرقمية يصبح خياراً منطقيّاً للشركة. وتشرح أنّ "[القطاع] لا يزال بدائياً بالمقارنة مع الأسواق الأوروبية والأمريكية، لكنّ الفرص تنشأ هنا"
ماذا يحمل المستقبل؟
تشرح غانم في حديثها مع "ومضة" أن "الـ30 مليون دولار هي بمثابة مبلغ أولّي، وهو ما نراه كبدايةٍ لاكتساب الزخم."
في غضون ذلك، قد تلجأ "حكمة فينتشرز" إلى إعادة هيكلة الصندوق في المستقبل ليضمّ مستثمرين آخرين، وفقاً لغانم. أمّا في الوقت الحالي، فيبدو كأنّ "حكمة فينتشرز" تضفي طابعاً جديداً للعلامة التجارية الخاصّة بشركتها الأمّ، فيما تطأ قدمها قطاع الرعاية الصحيّة الرقمية في المنطقة العربية وخارجها.
"إنشاء البيئة الريادية في المنطقة سيتطلّب جهوداً تفوق جهود القطاع الخاص وشركات الأدوية،" بحسب غانم التي تضيف أنّ "هذا يستدعي ثقة شركات التأمين ووزارة الصحّة بنجاح قطاع الرعاية الصحيّة الرقميّة."
وفي نهاية حديثها، تلفت إلى أنّ "أدوية الحكمة" تريد من خلال صندوق التمويل المخاطر هذا أن تخوض غمار هذه المنافسة، "فهذا النموذج سيصل إلى أسواقنا لا محالة، ونحن نريد أن نكون روّاد هذا المجال."