5 أخطاء ترتكبها الشركات الناشئة عند توسيع أعمالها
غالباً ما تطمح الشركات الناشئة في العالم بشكل عام وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص في توسيع وتطوير أعمالها الى أسواق جديدة. الا أنّ هذه الطموحات ليست مهمة سهلة وغالباً ما تصطدم بالعديد من العقبات والتحديات. كان مختبر ومضة للأبحاث قد نشر في آذار/ مارس أول دراسة بعنوان "تخطي العقبات أمام رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتطوير وتوسيع أعمالهم" التي عرضت تفصيلاً دقيقاً عن التحديات التي يواجهها رواد الأعمال الذين يسعون لتنمية أعمالهم. أرادت هذه الدراسة توفير المعلومات اللازمة لمتخذي القرارات والجهات المعنية من أجل المساهمة في بناء بيئة داعمة للريادة في المنطقة.
الا أننا اليوم، أردنا التطرّق الى أبرز الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال في عملية توسيع نشاطاتهم الى أسواق أكثر نمواً جديدة، أكانت أسواق إقليمية أو عالمية. ولهاذ الغرض، تحدّثنا مع وجهَين بارزين في عالم ريادة الأعمال خلال قمة أبو ظبي هذا الشهر: دايف ماك كلور، مؤسس حاضنة الأعمال "500 ستارتبس" 500Startups وكريستوفر شرودير، ريادي أميركي رائد في مجال الانترنت ومستثمر مشاريع ومؤلف كتاب "نهوض الشركات الناشئة -ثورة ريادية تعيد صناعة الشرق الأوسط" Startup Rising: the entrepreneurial revolution that's remaking the Middle East .
وجدت دراسة مختبر ومضة للأبحاث أن البيئة الداعمة للريادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نمو مستمّر إذ أن أكثر من 140 مؤسسة ناشطة تعمل مع رواد الأعمال في المنطقة؛ أمر أكّد عليه ماك كلور الذي اعتبر أن البيئة الحاضنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من حاضرة للتوسّع وأن كلّ من يظنّ أن المنطقة غير جاهزة "أغبياء" لأنهم سينتظرون جانباً ويفوتون الفرصة. وأضاف "هناك العديد من الزبائن والمواهب المتوفرة الا أن التحديّ الوحيد قد يكون الحصول على رأس المال."
ما هي إذاً أبرز الأخطاء؟
-
الأسواق الغربية هدف معظم رواد الأعمال. اعتبر شرودير ضرورة إعادة النظر، أكثر فأكثر، بكون الشركات ورؤؤس الأموال الغربية الهدف الوحيد. وفصّل فكرته مضرباً مثلاً بشركة "علي بابا"Alibaba الصينية التي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار والتي حققت نجاحها من دون جميل الغرب. "لا بد أن نفكّر بطريقة مختلفة، فلا ضرورة للحصول على بركة الغرب"؛ لم تعد الفكرة بأن الطريقة الوحيدة لبناء شركة بقيمة مليار دولار هي التواجد في وادي السيليكون صالحة اليوم. كانت الفكرة صائبة قبل أعوام في مجال التكنولوجيا الا أن النزعة تتغيّر والسنوات الخمس أو العشرة المقبلة ستكون مختلفة. "فلم يعد الغرب الحَكم النهائي للفشل أو النجاح". وأضاف "عندما يخبرني رواد الأعمال أنهم يريدون التوسّع الى الولايات المتحدة، أحرص دائماً على الحديث مطوّلاً معهم والتأكّد من ضرورة ذلك. "يتوه أحياناً رواد الأعمال ويظنّون أن شركاتهم ستتحول الى شركات بقيمة مليار دولار إذا توجهوا الى الولايات المتحدة. أقدّر هذا الطموح. ولكن، في هذه الأثناء، يمكنهم أن يؤسسوا شركة بقيمة 50 أو 100 مليون دولار ضمن المنطقة ثم التوسّع الى دول أخرى"، على حدّ قول شرودير. فكرة أكّد عليها أيضاً ماك كلور الذي اعتبر أنه يجدر برواد الأعمال التفكير مليّاً بالسوق التي يريدون استهدافها وهي قد تكون في دول مجاورة أو ذات لغة وثقافة مشابهة. واعتبر أن أفضل فرصة حالياً للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي "الأسواق الناطقة باللغة العربية في دول مجلس التعاون الخليجي والمشرق العربي وشمال إفريقيا." وشدد على أنه حتى لو أن التوسّع عاليماً فكرة جيدة تنضوي على الكثير من التحديات الا أن التساؤل حول ما هو أفضل أمرٌ ضروريّ. وشرح فكرته قائلاً :"إذا كنت محاطاً بمليون دولار ولا أحد يتنافس عليها في حين أن هناك 100 مليون دولار على بعد أميال منك يتنافس عليها أكثر من 1000 شخص، لا شكّ أنه عمل أحمق أن تتجاهل المليون دولار لاسيما أن العشرة ملايين دولار موجودة في بلد لا تعرفه وليس مألوفاً لك."
-
تهميش قوة العلاقات بين الأسواق الناشئة. أخبرنا شرودير أنه التقى ببعض رواد الأعمال الذين يقللون من شأن نظرية "E to E" أي العلاقة بين الأسواق الناشئة المتعددة. "من الرائع أن تفتح مكاتب في وادي السيليكون ولربما ستجذب المزيد من رؤوس الأموال المخاطرة. ولا شك أن الولايات المتحدة تعتبر سوق كبيرة ولكن لا بد أن نتذكر أن الكثير من الأمور تجري في إفريقيا أو تركيا أو البرازيل." وأضاف أنه يشعر أحياناً أن الناس يشاهدون ما يحدث على شبكات التواصل الاجتماعي على DVD أو "نتفليكس" Netflix ويشعرون بضرورة التوجّه الى الولايات المتحدة. ولكنه يضيف "لا شك أن هناك العديد من الأسباب التي تدفع رواد الأعمال الى التوجه للولايات المتحدة الا أن العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار كثيرة أيضاً. وفي حين تقضي هذه الشركات الناشئة الكثير من الوقت والجهود للتوسّع بعيداً، قد تكون الفرص الأسهل متوفرة على مقربة منها.
-
الاخفاق في تقييم التسويق والمبيعات كوظيفة رئيسية. لام ماك كلور معظم رواد الأعمال الذين يتوقّعون أن يبيع المنتج نفسه بمفرده. وقال "في عالم ريادة الأعمال، نواجه سوء فهم مشترك للمنهجية القائمة على أن المنتجات المميزة تبيع نفسها بنفسها وأن استقطاب سوق كبيرة بفضل تناقل أخبارالمنتجات بين الأفراد ستساعد على تحقيق نجاح باهرٍ وغزو الأسواق." وأضاف "غالباً ما نقدّس قطاعات التشفير والمهندسين ومصممي المنتج الا أننا لا نركّز على المبيعات والتسويق التي تعتبر عوامل أساسية للتوسّع." فلا شك أن أحد أهم العوامل للشركات التي تطمح الى التوسّع هو تمحور الشركة الناشئة حول خطة تسويق ومبيعات على الانترنت وخطة أرباح تتضمّن ميزانية للانفاق من أجل الاستحواذ على الزبائن.
-
تخصيص القليل من الوقت لاتقان أسس التسويق والمبيعات. واعتبر ماك كلور أن خطأ الشركات الناشئة في ايلاء أهمية كبيرة لاستراتيجية لتسويق والمبيعات يؤدي الى ارتكاب خطأ آخر ألا وهو عدم تخصيص الوقت الكافي لتعلّم أسسس التسويق الالكتروني كالاستحواذ على الزبائن على المنصات الاجتماعية والمحمولة وغيرها وليس التسويق على الطريقة التقليدية فحسب. وشدّد على ضرورة قضاء الوقت ذاته في تعلم استراتيجيات التسويق الالكتروني وفي تعلّم التشفير لاسيما أن معظم التفنيات جديدة. " لا تتخطى خبرة التسويق على المحمول العشرين عاماً لا بل بالكاد خمس سنوات والأمر مماثل على شبكات التواصل الاجتماعي. في حين أن الخبرة في مجال التسويق عبر مقاطع الفيديو تعود الى ثلاث سنوات والتسويق على منصات الرسائل والدردشة حديثة الولادة." فتخيّلوا أن تقنيات التسويق على كل هذه المنصات التي تضمّ مئات الملايين من الأشخاص وأحياناً أكثر من مليار فرد ما زالت غير مفهومة بشكل جيدّ!!!! ويتساءل ماك كلور "إذا أخبرك أحدهم عن وجود فرصة نشر إعلانات مجانية في إحدى الصحف التي توزّع على أكثر من مليار شخص، ألن تنتهز الفرصة؟ معظم الناس لا يفعلون ذلك."
-
التعويل على الشراكات مع الشركات الكبرى. شدّد شرودير على أن معظم رواد الأعمال غالباً ما يخلطون بين العلاقات العامة والنجاح ويعتبرون أن الحصول على الكثير من الانتباه أو قضاء الكثير من الوقت للسعي وراءهذا الانتباه يساعدهم على بناء صورة وسمعة لهم في حين أنهم يضيّعون التركيز المطلوب لبناء شركة ناشئة. ويضيف شرودير "يظنّ البعض أن الحصول على شراكة استراتيجية مهمة، ستفي بالغرض وأنه إذا حصلوا على صفقة مع جوجل، ستسير الأمور من طلقاء نفسها. الا أن الواقع مختلف جداً لاسيما أن الشركات الكبيرة تملك العديد من الأولويات ونادراً ما تملك الوقت لتنفيذ أو حتى الرغبة في تنفيذ ما تقوله." ويخبرنا أن بعض الشركات الناشئة، في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى، تمنح الأسهم مجاناً من أجل الحصول على شراكة مع علامة تجارية معروفة الا أنها لا تحظى بأي استراتيجية محددة وملموسة تساعدها على أن تكون أكثر نجاحاً."
ويبقى الأهم بالنسبة لماك كلور وشرودير التفكير مليّاً قبل الاقدام على التوسّع لئلا يضيع التركيز على ما هو أهم: نجاح الشركة الناشئة وبقاؤها. فمتى تحقق النجاح في أسواقك المحلية تستطيع الاستفادة منه بشكل فعال وسريع للتوسّع الى أسواق بعيدة كبرلين أو لندن أو إفريقيا.