كيف ينوي تطبيق لبناني عن زحمة السير جني المال من البيانات الضخمة؟
في بداية العام الحالي، أطلق الريادي والمطوّر اللبناني رامي خوندي تطبيق "طريقك" Tari2ak للهاتف المحمول، لمساعدة السائقين في بيروت في معرفة وضع زحمة السير على طرق المدينة خلال تنقلهم بسياراتهم.
قد لا يبدو هذا الخبر جديداً بالنسبة لك في هذه المرحلة، اذ أصبح من المألوف كثيراً الحديث عن تطبيق مرتبط بزحمة السير في المنطقة. فقد شهدنا في السنوات القليلة الماضية مجموعة واسعة من التطبيقات التي تحاول حل هذه المشكلة. بعضها طرحت حلّ مشاركة السيارات مثل "كايرو رولرز" CairoRollers في مصر و"وصّلني" في غزة أو "باص بولينغ" Buspooling في القاهرة، بالإضافة إلى بعض التطبيقات مثل "وصّلني" و"بيقولّك" التي تعتمد على معلومات مجمّعة عن الزحمة من الناس لمساعدة المستخدمين على اختيار الطرق في القاهرة والاسكندرية.
وكتبت الزميلة ستيفاني دارك تايلور العام الماضي في "ومضة" أن شركة "جوجل" نفسها سمحت بنشر تحديثات حيّة حول وضع زحمة السير ضمن خرائط "جوجل" Google Maps في الإمارات والسعودية (في جدّة) ومدينة الكويت.
وفي لبنان بشكل خاص، بنى المطوّر محمد طه في العام الماضي تطبيق "هابين" Happin (مقطوعة سابقاً) للمحمول، يركز على معلومات من مصادر جماعية تتعلق بالطرق المقطوعة والتظاهرات وحوادث السير. واستطاع التوسّع إقليمياً وربما عالمياً قريباً.
وقال خوندي الذي طوّر أول تطبيق له عام 2004 حين كان في عمر الـ17، "ميس باتش" Mess Patch وهو ملحق لـ"أم أس أن" MSN. وقال: "تم تحميله أكثر من 10 مليون مرة بحلول 2008 ولكنه توقف بعد أمر بالكف عن العمل من "مايكروسوفت" Microsoft.
وبعد عامين ونصف من دراسة علوم الكومبيوتر في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، ترك خوندي الدراسة للعمل في شركة برامج في بريطانيا. وبعد ثلاث سنوات قرر إنهاء شهادته في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST) حيث كانت "طريقك" مشروع التخرّج وحصل على جائزة أفضل مشروع تخرّج في الجامعة.
كيف يعمل التطبيق؟
يهدف "طريقك" الى معرفة وضع الطرق في الوقت الحالي من خلال مصادر جماعية. وأثناء محاولة معرفة وضع الزحمة، يساعد المستخدمون في قياسها. ويوضح خوندي: "حين تستخدم التطبيق للحصول على معلومات أنت تساهم في ادخال المعلومات اليه في الوقت نفسه".
ونجح الريادي الشاب في بناء خوارزمية تعثر على المعلومات أثناء العمل في خلفية الهاتف. ومن أجل جمع معلومات حول الزحمة، كل ما يحتاج الأمر هو تحميله وليس بالضرورة فتحه أو إدخال أي معلومات. فكل من نزّل التطبيق يشارك معلومات حول وضع الطرق كلما كان يقود السيارة.
ولتجاوز مشكلة سائدة لدى جميع مستخدمي المحمول، لا يستهلك "طريقك" الكثير من الطاقة. فهو يستيقظ في خلفية الهاتف حين يرصد حركة أوتوماتيكية لدى المستخدم، أي حين يكون في سيارة. ويسجّل الموقع الجغرافي والسرعة لبضع ثواني ثم ينام مجدداً ليستيقظ ويفعل الأمر ذاته كل بضع دقائق. وهو يعرف متى يشغّل نظام تحديد المواقع ومتى يطفئه ليستهلك أقل ما يمكن من الطاقة. ويظهر لك التطبيق وضع السير لفترة 60 دقيقة.
وفي حين قد تتطلّب تطبيقات أخرى مساهمة يدوية من الجمهور (أثناء القيادة) وغالباً يكون الحافز المناسب لهم غائباً، قد يتم التشكيك بمصداقيتها إذ قد يعطي المستخدمون معلومات خاطئة. ويقول خوندي: "استخدام التطبيق آمن وغير معرّض للأخطاء البشرية ويعمل أثناء قيادة المستخدمين للسيارة دون أي جهد".
بيانات ضخمة عن الزحمة
يقدّم "طريقك" خدمة أخرى أيضاً وهي بيانات ضخمة حول معلومات تتعلق بالزحمة من أجل إعطاء نظرة وافية عن وضع الطرق. وهذه الخدمة مفيدة للحكومات والوزارات من أجل تنظيم مدني أفضل وتخطيط أفضل للبنى التحتية خصوصاً في الخليج. ويقول خوندي: "القيمة المضافة تكمن في البيانات ونريد أن نبني على ذلك".
ومرة أخرى، يمكن أن تقف الفوضى في لبنان في وجه نجاح "طريقك". فهذا التطبيق يعتمد على أسماء الطرق من أجل تحديد كثافة السير من خلال الألوان. ولكن نظراً إلى أننا نحن اللبنانيين لا نعرف كثيراً أسماء الطرق ونادراً ما نستخدمها، فالتطبيق يحتاج الى بعض الوقت ليعتاد المستخدمون عليه.
ويشير خوندي إلى أن "أعداد تنزيل التطبيق تتضاعف تقريباً شهرياً في لبنان ولكننا نرغب في استهداف دول أخرى في المنطقة ونحن نؤسس بنية تحتية لذلك".
ومع 1500 مستخدم نشيط يومياً و8 آلاف مستخدم نشيط عامة، يوسّع التطبيق ببطء انتشاره في لبنان. ويلفت خوندي إلى أن "كلما زاد عدد مستخدمينا، كلما أصبح التطبيق أكثر قيمة ودقة".
لم يبدأ الفريق بعد الإعلانات داخل التطبيق وهو يخطط لتطبيق نموذج تجاري وسطي. ويقول خوندي عن ذلك: "نحن نجمع البيانات عن الزحمة ونقدم بثاً حياً عنها ولكننا نعمل مع شركات إعلامية لبيعها بيانات حية يمكن أن تستخدمها محطات التلفزة".
وبعد الحصول على الشروط الرسمية من عدة عروض استثمار، لا يزال فريق "طريقك" يفاوض. ويقول "نتطلّع إلى مستثمرين استراتيجيين يمكنهم أن يربطونا بالعالم العربي".