كيف يوفر الزحام فرصة ريادية للمبادرين؟
يكتسب المبادرون نجاحهم من قدرتهم الإبتكارية على توفير حلول فعالة للمشاكل الأكثر إزعاجا في مجتمعاتهم، فأيا كانت المشكلة التي تعالجها مشاريع رواد الأعمال سواء كانت حلا لمشكلة اجتماعية خطيرة أو مجرد وسيلة سهلة لمساعدة الأشخاص على التسوق من راحة منازلهم، تبقى قدرة رواد الأعمال على جعل حياة الناس أفضل وأكثر سهولة هي ما يميزهم.
يشكل الزحام المروري احدى أبرز المشاكل التي تواجه المواطنين في المنطقة العربية، كما أنها في الوقت ذاته واحدة من المشكلات التي تزداد صعوبة وتعقيدا بمرور الزمن. يتفاوت حجم مشكلة الزحام من دولة عربية الى أخرى، وكذا يتفاوت إهتمام رواد الأعمال بمخاطبة هذه المشكلة باختلاف الدول التي ينتمون اليها، حيث أظهر رواد الأعمال المصريون الإهتمام الأكبر بهذه المشكلة بالذات.
خدمات تتحدى الزحام
كانت زحمة السير هي الدافع الرئيسي لظهور خدمات مثل "مشاوير"، وهي شركة مصرية ناشئة تقدم خدمة شراء احتياجاتك المنزلية من السوق أو دفع فواتير تليفون، كهرباء أو مياه، أو حجز تذاكر، أو تجديد أوراق رسمية، وحتى الانتظار في العيادات الطبية مكان المريض ليأتي دوره، وأخذ الحيوانات الأليفة في نزهة خارجية. وقدمت "مشاوير" أحد الحلول الهامة للمشكلة، حيث اعتمدت على توفير الوقت والجهد الضائع في المهام الروتينية اليومية، بسبب الزحمة المرورية، بدلا من الزبون.
تطبيقات للتأقلم مع الزحام
قدم الرياديون حلولاً أخرى مبتكرة تساعد الأفراد على التأقلم مع مشكلات الطرق والزحام المروري تمثلت في صورة تطبيقات للهواتف الذكية. وكانت مصر صاحبة النصيب الأكبر من حيث نشأة هذه التطبيقات، حيث ظهرت تطبيقات مثل "أوتوبيسي فين" والذي يجمع المعلومات من مساهمات ركاب الحافلات حول مسارات الحافلات الكثيرة في أنحاء العاصمة المصرية المزدحمة، القاهرة، و تطبيقات "آي سالك" iSalik، "طريقي" و"بيقولك" والتي توفر أدوات تعتمد على مساهمات المستخدمين لتتبع الحالة المرورية على كافة الطرق. أما تطبيق "وصلني" فهو يضيف الى ذلك إمكانية إستخلاص المعلومات حول إزدحام الطرق إعتمادا على تتبع حركة الهاتف الذكي الخاص بالمستخدم، عبر خاصية تحديد الاماكن GPS، للحصول على نتائج أكثر دقة.
بلدان أخرى تواجه المشكلة المرورية ذاتها نجح رواد الأعمال بها في إيجاد فرص إستثمارية في معالجة هذه المشكلة المجتمعية، ففي لبنان ظهر تطبيق "مقطوعة" والذي يجمع المعلومات من المستخدمين حول مشكلات الطرق من حوادث سير، مظاهرات وغيرها ليساعد المستخدمين على إختيار الطريق المناسب لهم والحفاظ على سلامتهم. ومن السعودية جاء تطبيق "زحمة أو لا" والذي يستطلع حالة الزحام في طرق المملكة العربية السعودية المختلفة.
مبادرات ومسابقات
لا تتوقف الفرصة المتاحة أمام المبادرين لإستغلال مشكلة الزحام عند تأسيس الشركات وتطوير الحلول البرمجية، ولكنها تجاوزت ذلك بالفعل. لقد قدم المبادرون مبادرات فعالة للتعامل مع المشكلة عن طريق تشجيع ركوب الدراجات الهوائية، على سبيل المثال، كبديل عن السيارات أثناء التنقل في المناطق المزدحمة، أو مبادرة "كايرو رولرز" CairoRollers لإستخدام المزلاجات للتنقل.
جهات عديدة قدمت لرواد الأعمال فرصة المشاركة في مسابقات لتطوير الحلول الأكثر إبتكارا لمعالجة مشكلة زحمة السير، ربما يكون أكبر هذه الفعاليات مؤخرا هو "تحدي تطبيقات النقل في القاهرة"، وهو الحدث الذي قام البنك الدولي بإستضافته وشاركت في رعايته كلّ من "جوجل" و"أورنج" و"فودافون" ومركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات المصرية وعدد كبير من الجهات والجمعيات الأخرى.
خلاصة القول أنه باتخاذ مشكلة الزحام المروري كمثال، يجب على رواد لأعمال أن يدركوا أن المشكلات المجتمعية تمثل لهم دائما الفرصة المثالية ليصبحوا مبادرين ناجحين ومؤثرين في مجتمعاتهم، وذلك عن طريق إبتكار الحلول المناسبة لهذه المشكلات الملحة. ولا يرى رواد الأعمال المشكلة كعقبة ولكنهم يرونها كفرصة مثالية لإقتحام سوق جديد وتحقيق النجاح.