هل تنجح "شركتي" في إعادة صياغة تجربة "يوريكا" في مصر؟
يقول الكثير من رواد الأعمال أن التمويل هو حجر العثرة الرئيس في تنمية أعمالهم والخروج بها إلى النور. تلك المشكلة ألهمت البعض لتدشين منصات تمويل جماعي تكون كهمزة وصل بين الشركات الناشئة والمستثمرين من أفراد أو شركات.
تعاقبت منصات التمويل الجماعي بالمنطقة واحدة تلو الأخرى خلال العاميٌن الماضييٌن. فرأينا "بداية"Bedaya، و"ذومال"Zoomal، و"يُمكن"Yomken، و"شكرة"Shekra، وغيرها، على اختلاف نماذج عمل كلٍ منها.
ولعل أبرز الأدلة على نجاح التمويل الجماعي في المنطقة كفكرة، هو تجربة "يوريكا"Eureeca، منصة التمويل العالمية التياتخذت من دبي مقرًا لها وقررت التركيز على الشرق الأوسط.
وفي الوقت الذي نجحت فيهفرقة "مشروع ليلى" الموسيقية اللبنانية في حشد 60 ألف دولار على "ذومال"، في سبتمبر/أيلول الماضي، شهدت "يوريكا" على نجاح عدد من الشركات الناشئة في حشد مبالغ التمويل؛ دعمتهم في رحلتهم نحو الخروج بمشاريعهم إلى حيز عالم الأعمال.
تضمن ذلك حشد شبكة التوظيف "نبش"Nabbesh مبلغ 100 ألف دولار، وموقع SearchinMena مبلغ 140 ألف دولار، وموقع "حرير"Harir للموضة مبلغ 50 الف دولار.
قصص النجاح المتتالية تلك، كانت حافزًا لمنصة التمويل الجماعي المصرية "شركتي"Sharquity، لتعلن انطلاقها منذ أيام، بهدف دعم المزيد من الشركات الناشئة بالحصول على مبالغ التمويل اللازمة لها لتحقيق الإستدامة.
تسعى "شركتي" إلى إعادة تطبيق نموذج "يوريكا" في مصر، إذ تتيح المجال للمصرين الراغبين في الاستثمار في الشركات الناشئة، بنظام المساهمة، من خلال منصة مفتوحة للجميع لطرح الأفكار المختلفة.
"تزايدت نسبة البطالة في مصر في أعقاب ثورة يناير، ووجدنا ضرورة لمنصة تمويل جماعي أخرى تخدم القطاع الريادي المتعطش دائمًا للتشبيك مع المستثمرين، كونه القطاع الأبرز من حيث خلق فرص للعمل والنهوض بالإقتصاد المحلي"، هكذا قالت هانيا الحمروشي، مديرة التسويق ومؤسسِة شريكة في "شركتي".
فيما أكد كريم إمام، المؤسس الشريك في "شركتي"، على الرؤية ذاتها، قائلًا: "لن يتوقف دور المساهمين عند التمويل، بل قد يطلب رواد الأعمال من شركائهم المساهمة بالخبرة في مجال ما يتعلق بمجال عمل الشركة، وهو ما سيقوم بدور حتمي في تنشيط وضع التوظيف بمصر".
تعتزم "شركتي" مساندة رواد الأعمال المتقدمين لطلب تمويل على منصتها بتوجيههم نحو مرشدين يساعدونهم في كتابة خطط العمل ودراسات الجدوى واستعراض الأفكار، "نقوم (بشكل ودي) بدعم الشركات الناشئة المتقدمة لطلب تمويل، إذ أن دورنا الحقيقي يتمثل في فتح طلب التمويل للشركة على منصتنا بعد مناقشة المؤسسين في أفكارهم وخططهم"، وفقًا لـ الحمروشي.
لا يتطلب الانضمام إلى منصة "شركتي" أي شروط، سوى أن تكون الفكرة واضحة، وأن تكون الخطة الربحية متماشية مع طبيعة نموذج العمل. ويمكن للشركات من مختلف القطاعات الفنية والتكنولوجية والتعليمية والخدماتية، عرض أفكارها على المنصة.
كما ويمكن لرواد الأعمال طلب تمويل من 50 إلى 500 ألف جنيه مصري (75 ألف دولار). كما يمكن للمستخدمين المساهمة بمبلغ 500 جنيه مصري (حوالي 75 دولارًا) بحد أدنى لتمويل أي مشروع، وحتى 10 آلاف جنيه مصري (1500 دولار). أما شركات الاستثمار والمستثمرون المغامرون فيمكنهم الدعم بمبلغ يصل إلى 500 ألف جنيه (75 ألف دولار).
تمنح "شركتي" كل مشروع مهلة 6 أشهر لحشد مبلغ التمويل المحدد، وإذا لم يوفق، يتم غلق الطلب تلقائيًا.
على صعيد آخر، في حال وجود دعم كافِ من قبل المستثمرين لتغطية التمويل المطلوب، يقوم وكيل المؤسسين ببدء الإجراءات القانونية لتأسيس الشركة، حتى يتسنى تجميع رأس المال المطلوب.
وبمجرد اكتمال المبلغ، يتم تأسيس الشركة ولا يتم الإفراج عن رأس المال لرائد الأعمال، صاحب فكرة المشروع ومدير الشركة، إلا في حال إنهاء إجراءات إشهار الشركة رسميًا بسجل تجاري وبطاقة ضريبية.
في هذه المرحلة يحصل المساهمون على أوراق تُثبث مساهمتهم بالشركة، ويكون بذلك دور "شركتي" قد انتهى، ومن ثم تحصل على 10% من قيمة مبلغ التمويل الإجمالي.
من لحظة التأسيس الأولى، يحدد مجلس إدارة كل شركة ناشئة المهلة التي يمكن للمساهم بعدها حق المطالبة بالحصول على أرباح، علمًا أنه يحق للمساهم المطالبة ببيع أسهمه، عن طريق التواصل مباشرة مع الشركة وطبقًا للقانون.
"نعتزم بناء جسر من الثقة مع المستخدمين، باختيار أفكار واعدة، ومتابعة كل التفاصيل بدقة منذ تفعيل طلب التمويل وحتى اكتماله، وذلك لضمان توفير عنصر المصداقية مع الشركات والأفراد التي ستطرق باب التعامل معنا"، تقول الحمروشي.
لاتزال الحمروشي وإمام يدرسان بضعة أفكار تقدمت بها شركات ناشئة منذ الإعلان عن تدشين المنصة الأسبوع الماضي. كما واستعان المؤسسان بحملات تسويقية على "فيسبوك"، و"جوجل أدوردز"، لدعم المنصة في الوصول إلى أكبر شريحة من رواد الأعمال الباحثين عن قناة تمويلية.
وبالرجوع قليلًا إلى مرحلة الإعداد، قالت الحمروشي "استغرق التأسيس والتجهيز لإطلاق المنصة أكثر من عاميٌن، وقد يكون السبب في ذلك تعقيدات في الوصول للشكل القانوني الأمثل الذي يتماشى مع القوانين المُنظِمة في مصر، وهي عقبات أتمنى أن تتلاشى مستقبلًا في بلدنا، وخاصة في ظل محاولات الإصلاح الجادة التي نلمسها في مختلف القطاعات الآن".
ربما عطٌلت تلك التحديات خطوات الحمروشي وإمام، غير أنها لم تعرقلهما، بل على العكس، يخطط المؤسسان للتوسع لدول الخليج انطلاقًا من السعودية والامارات، بمجرد أن يستقر وضع "شركتي" في مصر.