نقاش حول فرص وتحديات المحتوى الرقمي العربي
قد تظن أن غالبية المستخدمين العرب يفضلون القراءة بلغات أجنبية على الانترنت وتحديداً بالإنجليزية. لكن احصائيات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الاسكوا" تفاجئك بأن 90% من سكان المنطقة العربية، الذين يبلغ عددهم 360 مليون نسمة، يفضلون القراءة باللغة العربية، مما يجعل السوق العربية سوقاً هامة لتسويق برمجيات وتطبيقات المحتوى الرقمي العربي. وتوضح أرقام "الاسكوا" أيضا أن 3,6% من مستخدمي الانترنت هم عرب وأن اللغة العربية تأتي في المرتبة السادسة كأكثر اللغات انتشاراً واستخداما على الانترنت. وتشير توقعات "الاسكوا" إلى أن حجم المحتوى الرقمي العربي سيصل إلى 28 مليار دولار لعام 2015.
ومع التزايد الملحوظ في معدل النشر الرقمي واحتدام المنافسة في سوق الكتب الإلكترونية التي رصدناها، أعلن مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال "تيك" عن مسابقته السنوية لخطط الأعمال للمحتوى الرقمي العربي Start IT- DAC لتطوير وإنماء صناعة المحتوى الرقمي العربي من خلال تشجيع رواد الأعمال على بناء مشاريع وإنشاء شركات تعمل في المجال. وقدأُعلنت المسابقة على هامش ورشة "المحتوى الرقمي العربي: الفرص والتحديات" التي نظمها المركز أوائل شهر مارس/أذار الجاري.
وفي دلالة على انتشار وتأثير القراءة الإلكترونية، ذكر كون أودونل، الذي يعمل بدوام جزئي مع صندوق "ومضة"، وهو رائد أعمال مقيم Entrepreneur in Residenceبمؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، إن المؤسسة باعت 60 ألف نسخة من كتب ورقية العام الماضي بالعالم العربي في مقابل مليون نسخة إلكترونية، لافتا إلى تعاون المؤسسة مع شركاء محليين لتنشيط المبيعات الإلكترونية من الكتب في كل من الجزائر والإمارات، فضلا عن تعاونهم مع تطبيق "كتبي" الذي أطلقته شركة "فودافون" في مصر مطلع الشهر الماضي على الهواتف المحمولة، على أن يكون الدفع من الرصيد.
واعتبر أودونل أن المشكلة الكبرى تكمن في تحويل القيمة الكبيرة للمحتوى التي يقتنع بها الفرد العربي أو المصري تحديداً لدافع يجعله يدفع مقابلاً مالياً في هذا المشروع القيم. وأضاف أن "المستخدم العربي بشكل عام على استعداد لبذل بعض الجهد في التصوير أو النسخ أو النقل لكنه لن يدفع المال."
واتفق معه مصطفى فرحات، المدير الإداري لمؤسسة "نفهم" التعليمية، قائلا إن المشكلة ليست في عدم توفر المال لشراء المحتوى ولكن في غياب ثقافة شراء المحتوى أو شراء البرمجيات بالأساس عن المستخدم العربي، مقابل كامل استعداده لشراء أجهزة إلكترونية، مقترحاً "اضافة مادة عن حقوق الملكية الفكرية بالمدارس لتوعية النشء".
هل نحتاج لتغيير ثقافة المستخدم المصري إذن؟
"لا تصبّوا تركيزكم على الجمهور المحلي فالمحتوى الرقمي جمهوره العالم،" يقول جبريال الديك، مدير شركة OmniSystems اللبنانية التي تعمل في إدارة الأصول الرقمية وتقدم حلولا للويب، وهو نفس مبدأ أودونل الذي يجيب عن نفس السؤال قائلا "لن أغير ثقافة شعب. من لن يدفع سأتجاوزه لغيره. قد أطرح المنتج مجاناً في مصر ولكن بخصائص أقل، لأركز على الأسواق التي تدفع مقابل هذا المحتوى".
وحددت دراسة لـ"الاسكوا" في منتصف 2013 خمس مجالات ينبغي تطوير محتواها العربي على الانترنت هم التعليم والتعلّم، جمع وخلق المحتوى، خدمات المعلومات، الترفيه والألعاب وأخيراً الاعلام الاجتماعي.
وأثارت مسألة حماية المحتوى الرقمي العربي وحفظ حقوق نشره وملكيته الفكرية جدلاً بين الحضور. فاختلفت الآراء بين من يرى أنه لا توجد قوانين كافية لحماية المحتوى الرقمي العربي من السرقة، وبين من يرى أن المشكلة في تنفيذ القانون وأن المحاكم "يومها بسنة".
ورداً على سؤال لـ"ومضة" عن رأيها في وضع الملكية الفكرية في مصر، قالت الدكتورة جيهان فرحات، خبيرة بالملكية الفكرية، إنها "حماية شكلية" وليست حماية للمحتوى لأن القانون يتعامل حتى اللحظة مع هذا المحتوى كتعامله مع الكتب والرسم وغيرهم ويحمي الشكل وليس المحتوى الذي يمكن التحايل على مضمونه وادخال تعديلات عليه لاعادة انتاجه بينما هناك حاجة لقوانين منفصلة لكل منهم. "لكن الأوضاع الحالية في مصر لا تشير لامكانية خروج مشاريع قوانين لتداول المعلومات إلى النور في الوقت الراهن،" تقول فرحات.
ورأى عبد الرحمن وهبة، مؤسس تطبيق "اقرأ لي" للقراءة الصوتية، في ورشة "تيك" على أنه من المهم ادراك الفجوة بين مصر والعالم في المحتوى الإلكتروني لتكون التوقعات والأحلام أيضاً أكثر واقعية فنموذج بيع "واتس آب" لـ"فيسبوك" بـ19 مليار دولار لم ينبعث من فراغ، فالمنظومة كلها في أمريكا تساعد على حدوث صفقة مثل هذه.