المزارع الذكية هي الطريق نحو تحقيق الأمن الغذائي
تستهلك الإمارات أكثر من 80% من مواردها من المياه العذبة لإنتاج أقل من 15% من إمداداتها الغذائية وذلك بحسب إحصاءات حكومية. وهذا ليس الاستخدام الأكثر كفاءة لمورد ثمين كالمياه العذبة لأنه مع تفاقم ندرته في العالم، ثمة حاجة ماسة إلى توفير إمدادات غذائية أكثر أمناً واستدامة.
وقد لجأت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي إلى شراء الأراضي في بلدان أكثر خصوبة لضمان الأمن الغذائي لشعوبها، لكن إحدى الشركات الناشئة صممت حلاً أكثر تقدماً.
فقد بنت "بيور هارفست سمارت فارمز" Pure Harvest Smart Farms أول بيت زجاجي متطور تقنياً ويتم التحكّم فيه بالكامل مناخياً قرب مدينة العين في الإمارات لإنتاج محاصيل عالية الجودة وبيعها إلى تجار التجزئة. والمحاصيل، وهي في هذه الحالة الطماطم، لا تُزرع في التربة بل في محلول قشور جوز الهند من دون الحاجة إلى مبيدات حشرية أو أسمدة. وتتم مراقبة كل نبتة بواسطة أجهزة استشعار تنقل المعلومات حول كمية المياه التي تحتاجها ومتى تحتاجها. ويتيح ذلك استخداماً أكثر كفاءة للمياه ويقلل الهدر.
يقوم أساس هذه التكنولوجيا على شكل من أشكال الزراعة القائم على إنترنت الأشياء والذي يمكنه التحكّم بنظام إدارة المناخ في البيوت الزجاجية بدقة لإتاحة إنتاج على مدار العام.
ويقول سكاي كورتز، المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي في "بيور هارفست": "صمّمنا مزرعتنا للتكيّف مع المناخ الجزئي الفريد الذي يرصده جهاز تحديد المواقع في موقعنا الزراعي الحالي. وستحذو جميع المزارع المستقبلية حذونا من خلال إضافة التكنولوجيا والاستثمار اللازمين لتحسين نمو النبات".
وبحسب كورتز، تعتبر الزراعة من دون تربة أكثر كفاءة بسبع مرات في استخدام المياه. ففي الوقت الحالي، يتم إنتاج حوالي 10 إلى 14 كيلوغراماً من المواد الغذائية في كل متر مربع من الأراضي الزراعية في الإمارات، ولكن شركة "بيور هارفيست" تقول إنها يمكن أن تنتج ما يصل إلى 10 أضعاف ذلك، ولكنها مغامرة مكلفة. فالعملية تحتاج إلى طاقة كبيرة وتكاليف أولية عالية.
ولكن هذه التقنية انطلقت بالفعل في أوروبا والولايات المتحدة. وهي لا تتطلب أراضٍ صالحة للزراعة، وإنما مساحة لديها إمدادات مياه ثابتة وبنية تحتية جيدة للنقل.
ويقول كورتز إن "كل هذه الابتكارات لا تعمل فقط على تمكين مزارعنا من إنتاج الفاكهة والخضار الطازجة بشكل أكثر كفاءة وموثوقية، بل تؤدي أيضاً إلى تحسينات كبيرة في الجودة".
كما أن المزارع تنتج "كمية هائلة من البيانات" وفقاً لكورتز، تتعلق بأداء محاصيلها والمناخ وآراء المستهلكين، وهي بيانات تستخدمها الشركة لإجراء تحسينات في جميع جوانب عملياتها بما في ذلك اختيار البذور والري وإدارة الإنتاج والتعبئة والتغليف.
ومقارنة مع مناطق أخرى في العالم، تستخدم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى كمية من المياه في الزراعة ولكنها تعطي نتائج فقيرة للناتج المحلي الإجمالي.
وتستورد المنطقة 50% من موادها الغذائية، لكن هذه النسبة ترتفع إلى 90% في بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي. ومن المرجح أن يرتفع الاعتماد على واردات الغذاء مع ازدياد خطر التغيير المناخ.
والضرر الذي يلحقه التغيير المناخي واضح بالفعل، وبحسب بحث أعده معهد "ماكس بلانك" Max Plank الألماني للكيمياء والمعهد القبرصي في نيقوسيا، فإن درجات الحرارة في منتصف النهار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريفيا قد تصل إلى 50 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن ـ وهي درجة حرارة عالية جداً لنمو العديد من الزراعات.
وفقاً لمعهد "وورلد ووتش" Worldwatch، مع كل درجة فوق الـ30 درجة مئوية، تحصل خسارة بنسبة 10% في محاصيل الحبوب مثل الأرز والقمح والذرة.
ويضيف كورتز، إن المزارع الذكية هي واحدة من الطرق لضمان الأمن الغذائي في المناخات القاسية والمتطرفة. وتخطط الشركة الآن لإطلاق جولة تمويل من الفئة "أ" بقيمة 10 ملايين دولار في مطلع العام المقبل لتوسيع وجودها في الإمارات وبناء أول منشأة لها في المملكة العربية السعودية.