حين تتحوّل المخلّفات إلى روبوتات
حين كان عبد الصمد طفلاً، كان يفكك الأجهزة الكهربائية في بيته ليرى مما تتألّف ومن ثم يعيد تركيبها. وهذا الحسّ الفضولي هو الذي أمل هو والمؤسسون المشاركون معه في تشجيعه لدى إطلاق "جنكبوت" Junkbot وهي عُدّة شخصية لصنع روبوت.
تقوم الشركة على استخدام المواد المعاد تدويرها مثل صناديق الكرتون أو زجاجات المياه لبناء روبوتات خاصة مع مكوّنات كهربائية أساسية تأتي في عُدّة الأدوات.
يقول عبد الصمد، المدير المالي وأحد مؤسسي "جنكبوت" "إنها أداة تعليمية وتتطلب أن يكون لدى الأطفال هذا الفضول. نحن بحاجة إلى تمكينهم ومنحهم هذه الوسيلة للاستكشاف".
انطلقت شركة "جنكبوت" في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015، بعد استكمال الفريق المؤسس لبرنامج حاضنة "تورن 8" Turn 8 وحصوله على استثمارات بقيمة 30 ألف دولار من موانئ دبي العالمية و30 ألف دولار إضافية من حكومة تشيلي، حيث تقوم الآن بتلبية احتياجات أكثر من 300 مدرسة في البلاد مع خطط للتوسع أكثر في دول مجلس التعاون الخليجي.
ويوضح عبد الصمد أن "رؤيتنا تقوم على أن يكون في كل بيت مخترع. ونحن نعتقد أن هناك حساً لدى كل طفل للابتكار، ولكنهم يحتاجون فقط إلى عنصر يسهّل خروج هذا الحس إلى النور. نحن بحاجة إلى تمكين كل طالب من أجل فهم تقنيات الجيل المقبل".
الحاجة إلى المعرفة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM
يشير تقرير صادر عن منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية إلى أنّ 75% من الوظائف في المستقبل سوف تتطلب مهارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM ولكن 80% من خريجي الجامعات يشعرون أنهم غير مستعدين لوظائف المستقبل.
لذلك يرى عبد الصمد أنّ أدوات مثل "جنكبوت" يمكن أن تساعد تلامذة المدارس وطلاب الجامعات على اكتساب مهارات حل المشاكل والتفكير النقدي وبناء النماذج الأولية بالإضافة إلى الدراية الفنية التي تحتاج إليها سوق العمل بشدة.
بمجرد تجميع "جنكبوت"، يحصل المستخدم على تعليمات وبرمجة عبر الإنترنت. وباستخدام "سكراتش" Scratch، البرنامج الذي صمّمه معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لأطفال المدارس يمكن للمستخدمين ببساطة سحب وتوجيه الأوامر إلى الروبوت الذي يمكن التحكم فيه بواسطة تطبيق للهاتف المحمول أو الاتصال بشبكة "واي فاي" واستخدامه كجهاز إنترنت الأشياء.
يمكن أن تحتوي كل عُدّة على 120 طريقة استخدام مختلفة مما يسمح للأطفال بأن يكونوا مبدعين وخلاقين مع تزويدهم بأسس بناء مهارات تكنولوجيا المعلومات، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي. ووفقا لعبد الصمد، فإن تعريض الأطفال لعلم الروبوتات في سن مبكرة سيشجعهم على دراسة مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتجربة أفكار جديدة.
تستعد الشركة الآن لإطلاق عُدة تركز على البيع بالتجزئة مع قشرة من الورق المقوّى للروبوت وعجلات ليأخذ شكل دمية ويصل إلى جمهور أوسع.
البدء في سن مبكرة
تعتبر دراسة التكنولوجيا اليوم أولوية لدى عدة حكومات في الشرق الأوسط في محاولة لتنويع اقتصاداتها. وقد اكتسبت مبادرة المليون مبرمج عربي زخماً كبيراً في جميع أنحاء المنطقة، في وقت تعمل وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية على تقديم تخصّصات في مجال الروبوتات، والذكاء الاصطناعي والأمن الإلكتروني عبر 30 جامعة في أنحاء المملكة.
وعلى الصعيد العالمي، تشجّع المزيد من الحكومات الطلاب على دراسة مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في سن مبكرة. وقد ولّد ذلك طفرة في التكنولوجيا التعليمية والنزعة إلى "تقديم المعلومات عبر أدوات ترفيهية". وفي بريطانيا، استطاعت شركة "راسبيري باي" Raspberry Pi التي تنتج كومبيوتر بحجم بطاقة ائتمان ومنخفض التكلفة انطلق عام 2012 لتعليم الأطفال أسس البرمجة، بيع أكثر من 19 مليون وحدة حتى الآن. وفي الوقت نفسه، يستمر توسّع شركة "ليتل بيتس" LittleBits ومقرها الولايات المتحدة، التي تقدّم قطعاً إلكترونية للأطقال لبناء "اختراعاتهم" الخاصة وقد أسستها آية بدير عام 2011، وهي اليوم متوفرة في 70 دولة حول العالم.
يرمي كل ذلك إلى استهداف الأطفال في سن مبكرة لتمكينهم بمنحهم المهارات المناسبة. ويقول عبد الصمد "يتطلّب ذلك من المستخدم أن يفكّر، وهذه وسيلة لبناء الذكاء. فإذا استطعت صنع لمبة يمكنك بناء مدينة تستخدم الطاقة الشمسية".