براعم التكنولوجيا الزراعية تتفتّح في الأوساط الريادية في لبنان
في منطقة برمانا الجبلية في لبنان، يزرع رائد أعمال نباتاته بالاعتماد على الزراعة المائية hydroponics، ويأمل في نهاية المطاف بتلبية حاجات لبنان والخارج.
لا يخفي علي مخزوم حماسه وهو يتحدث عن ابتكاره الموجّه للشركات لزراعة وتنمية الفاكهة والخضار، من خلال الري بطريقة عامودية وباستخدام جهازٍ وبرمجية. ويقول "إننا سنصبح بلداً ينتج ولا يستهلك فحسب". تلغي الطريقة التي يعتمدها مخزوم الحاجة إلى التربة والمبيدات الحشرية، وتساهم في تنمية المنتجات عضوياً باستخدام قسم قليل من الماء المستخدَم عادة، وبسعر أقل بكثير من أسعار المواد الغذائية العضوية.
يرى مخزوم أنّ "المزارعين القدامى يختفون، فالطرق الزراعية القديمة تتطلب الكثير من العمل والقليل من المال. أنا ألعب دور الوسيط، وكوني ابن عائلة فقيرة فإنّ عدم قدرة الكثير من الناس على شراء [الأغذية العضوية] يعني لي الكثير".
يأمل الريادي الشاب مع شركته الناشئة "لايف لابز" Life Labs أن يعيد ابتكار طريقة زراعة الغذاء واستهلاكه، وتزويد المزارعين بتحديثات آنية عن منتجاتهم بمساعدة الإنترنت، وصولاً إلى تمكين المستهلكين من اختيار خضرواتهم من الحقل مباشرة.
ليست الزراعة بالطبع أول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير في إدارة الأعمال، ولكنّ بعض الخبراء يرون الابتكار ضرورياً لتزويد المزارعين في لبنان والشرق الأوسط بما يحتاجونه من دعم للصمود في هذا العصر الذي يشهد تحديات للزراعة - مثل التصحّر، والتضخم السكاني، وزيادة تكاليف الإنتاج، وخفض الدعم للزراعة التقليدية والعائلية.
مركز للتكنولوجيا الزراعية
يشكل هذا كله جزءاً من الزخم الذي أسست له "أجريتك" Agrytech، مركز الابتكارات الزراعية في بيروت الذي يضم مسرعة أعمال ومنصة موارد. وقد أطلق في شهر كانون الثاني/يناير، من قبل حاضنة الأعمال "بيريتك" Berytech بالتنسيق مع السفارة الهولندية في لبنان.
يقول رامي بوجودة، نائب المدير العام في "بيريتك"، إنّ "ما نريد إثباته هو أنّه يمكن تطبيق التكنولوجيا في مختلف القطاعات"، لافتاً إلى أنّ هذا البرنامج هو مجرد البداية للابتكار الزراعي في المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق حيث دمرت الصراعات القطاع الزراعي في حين لا يزال هناك مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة.
ويضيف أنّه "نظراً إلى أهمية الأمن الغذائي، من المهم أن نركز على الابتكار في القطاع" الزراعي.
تهدف هذه المسرعة إلى "تطويرالأفكار المبتكرة في قطاع الأغذية الزراعية وتحويلها إلى أعمال ناجحة ذات تأثير عالمي". ويمكن أن تشمل الابتكارات الزراعية الجديدة مجالات مثل التجارة الإلكترونية وقابلية التتبعtraceability، والمدفوعات، والبيانات الكبيرة، والذكاء الاصطناعي، وأجهزة الاستشعار، وإنترنت الأشياء، والإنترنت، والدفع عبر المحمول، والطائرات بدون طيار، والخدمات اللوجستية.
ابتداء من هذا العام، ستحصل 30 شركة ناشئة على فرصة لبناء منتَج أساسي على مدى أكثر من شهرين. ثمّ سيتم اختيار نصفها للمشاركة في برنامج تسريع لمدة أربعة أشهر لتطوير منتجاتها، وبعد ذلك ستتأهل ثمانية شركات للمشاركة في برنامج احتضان لمدة ستة أشهر ومنحها الدعم اللازم للتوسع عالمياً والحصول على استثمارات من أجل التوسع.
مبادرات أخرى في مجال التكنولوجيا الزراعية
إلى جانب "لايف لابز" التابعة لمخزوم، تقدمت عدة شركات لبنانية أخرى إلى هذا البرنامج الذي يستمرّ تمويله عامين.
ففي "الجامعة الأميركية في بيروت"، تعمل مجموعة من الأساتذة، من خلال شركتهم "إي تو" E2، على تطوير آلة تفصل حبات الخيار بحسب حجمها لصالح شركات بيع المخلل، وهي عملية حساسة للفرز قد تؤدي إلى تلف هذه الخضار إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
في الوقت نفسه، طور أنطوان سكيم نظام ريّ باسم "رييجو" Riego، يستخدم الأجهزة والبرمجيات للحد من استهلاك المياه في الزراعة، وهو استهلاك يفوق 80% من المياه المستخدمة في معظم البلدان.
"لقد رأيت فرصة في السوق تتمثل في الحاجة إلى تحسين كل الموارد"، على حد قول سكيم الذي طور نظام الري في البداية لعميل ثم أدرك أنه يمكن أن يلبي حاجة أكبر بدءاً من لبنان وبقية حوض البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى ولاية كاليفورنيا المعرضة للتصحر.
بدوره يرى روجر فان هوسل، مستشار برنامج التكنولوجيا الزراعية من "بيريتك" ومدير شركة "فود فالي" Food Valley للابتكار الزراعي في هولندا والمختصة بالمنتجات الغذائية، أنّ "لبنان يمكن أن يكون نقطة انطلاق لبقية دول الشرق الأوسط".
ويعرب عن أمله في "اقتناع الشركات اللبنانية بأهمية الأعمال الزراعية وألاّ يتوقف الأمر بعد عامين".
الصورة الرئيسية من "ويكيميديا كومونز" Wikimedia Commons.