8 تغييرات جذرية ستحدثها المركبات الكهربائية في حياتنا
لم تصل المركبات الكهربائية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد، لكنّها ستصل حتمًا في يومٍ ما، وعندما يحدث ذلك سيكون تأثيرها كبيراً كما هو في أيّ مكانٍ في العالم.
تحدّث مايكل ليبيريش، رئيس مجلس المستشارين في "بلومبيرغ نيو إنيرجي فاينانس" Bloomberg New Energy Finance، وأنغوس ماكرون، رئيس التحرير في الشركة، عن ثمانية محاور واسعة النطاق سيكون للمركبات الكهربائية فيها تأثيراتٌ كبيرة.
الفكرة بحد ذاتها بدأت تقنع مؤيّدي مركبات البنزين ليس فقط لأنّ أسعار البطاريات تنخفض بسرعة، وإنّما أيضًا لأنّ المركبات الكهربائية تتفوّق على محرّكات الاحتراق الداخلي.
وفي تعقيب كتباه، يوضح ليبيريش وماكرون أنّ "قيادة هذه المركبات سلسةٌ وهي تتسارع بشكلٍ أفضل، ويمكن شحنها في المنزل أو المكتب. كما إنّها تحتاج إلى صيانة أقلّ، وتساعد في حلّ المشاكل المتعلقة بنقاوة الهواء، وتعزز استقلالية الدول المستوردة للنفط من حيث موارد الطاقة".
"ببساطة، ليس منطقيًا أن يكون لديك أصلًا وحدة طاقة تماثلية، تُحدث ذبذباتٍ وتستهلك سوائل متطايرة وتعتمد على عوادم تُنتِج سوائل ملوثة، وتضعها بداخل نظامٍ رقمي بالكامل يعمل بالاستشعار ويخضع لتحكم إلكترونيات الجوامد".
إليكم قائمة بالقطاعات التي يتعيّن عليكم متابعتها عن كثب كروّاد أعمال. ولا تعتقدوا أنّ الوقت لا يزال مبكراً، فقد بدأت بالفعل بعض الشركات الناشئة مثل "ماي كارز"My Cars في دبي بالترويج للمركبات الكهربائية.
1. تحوّل من صندوق التروس إلى البطاريات
سيطرأ تغييرٌ جذريٌّ على سلسلة قطع غيار المركبات، إذ أنّ الطلب سيتحوّل مِن الطلب على صناديق التروس وأنظمة العوادم إلى البطاريات وبرامج الأمن والسلامة الإلكترونية.
ويعني كلّ ذلك أنّ عهد صناعات قطع المركبات التقليدية قد شارف على الانتهاء، وأنّ هذا التحوّل سيدعم ازدهار عمالقة صناعة البطاريات والبرامج الحاسوبية، مثل "باناسونيك" Panasonic و"إل جي تشيم" LG Chem.
2. انتهاء عهد خبراء ميكانيك السيارات
سيصبح من النادر رؤية حرفيّي تصليح المركبات بملابسهم الملطخة بالزيت، فانخفاض عدد القطع المتحرّكة يعني انخفاضاً في الحاجة إلى التصليح. وأيّ تغييرات في النظام سيتمّ التعامل معها من خلال تحديث البرامج الحاسوبية، بدلًا من عملية التصليح المعتادة.
سوف يقلّل ذلك بشكلٍ كبير من الحاجة إلى الصيانة وأعمال التصليح، وسيكسر القاعدة لدى وكلاء السيارات والمركبات الذين يُرفقون خدمات الصيانة مع مبيعاتهم. في هذا الإطار، يرى ليبيريش وماكرون أنّ عملية بيع المركبات ستتمّ من خلال المعارض وليس عن طريق الوكلاء الذين يمنحون مزايا طويلة الأمد.
3. تغييرات على مستوى الشبكة
بالنظر إلى المعاناة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم في تحديث أنظمتها الكهربائية القديمة، من المستبعد أن تتسبّب المركبات الكهربائية بتغييراتٍ سريعة في شبكات الكهرباء المملوكة للدولة في أيّ وقتٍ قريب.
ولكنّ الأمر مختلفٌ في بقية أنحاء العالم حيث سيكون لها تأثير ضخم. تقدر "بلومبيرغ نيو إنيرجي فاينانس" أنّ المركبات الكهربائية ستؤدّي إلى زيادة الطلب السنوي العالمي على الكهرباء بما لا يقل عن 2701 ساعة تيراواط، أو ما نسبته 8%، بحلول عام 2040.
سوف تعزّز المركبات الكهربائية الطلب على الكهرباء مع وجود المزيد من الأجهزة الفعالة التي لا تستهل الكثير من الكهرباء، كما ستعزّز التحوّل من أنظمة إدارة الطاقة بناءً على الحمل والذروة إلى أنظمةٍ قائمة على التنبؤات والتوازن، لا سيما بوجود الطاقة المتجددة. هذا وسيصبح بالإمكان شحن المركبات الكهربائية في أوقات النهار بالاعتماد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح حين توفّرها.
من جهةٍ ثانية، يمكن للبطاريات المستعملة المخصّصة للسيارات منافسة شركاتٍ مثل "تيسلاز" Teslas و"ريدفلوز" Redflows و"ديمليرز" Daimlers الشهيرة في مجال توفير أجهزة تخزين الطاقة المنزلية. كما يمكن أن توفّر هذه البطاريات خيارات أرخص ونمط حياة لا يحتاج فيه الإنسان إلى البقاء ضمن تغطية الشبكة بشكلٍ دائم.
يوضح ليبيريش وماكرون أنّه "بمجرّد أن يتدنّى أداء البطارية بنسبة 30% تقريبًا، يمكن أن تصبح متاحةً للتخزين الثابت. وفي تقريرٍ قادم أعده فريق النقل المتطوّر في ’بلومبيرغ نيو إينيرجي فاينانس‘BNEF، يتّضح بأنّه بحلول عام 2018 لن تتجاوز تكلفة هذه البطاريات المستعملة 49 دولارًا لكلّ استخدام بحجم كيلوواط ساعة لإعادة التوظيف، مقارنة بالبطاريات الثابتة الجديدة التي تصل أسعارها اليوم إلى 300 دولار لكل كيلوواط ساعة".
4. وداعًا لهيمنة النفط وأهلًا بعالم رواد الأعمال
تشير "بلومبيرغ نيو إنيرجي فاينانس" إلى إمكانية حدوث انخفاضٍ في الطلب على النفط بحوالي 13 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2040، والسبب بالطبع هو الاعتماد على المركبات الكهربائية.
بالرغم من أنّ استخدامات النفط لا تقتصر على البترول المخصّص للمركبات فقط، إلّا أنّ تأثير السيارات الكهربائية على هذا القطاع سيكون كبيراً ومؤلمـًا لا سيما في الدول التي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على مصدر الطاقة هذا.
وقد بدأنا بالفعل سماع بعض الأصوات تتعالى من السعودية والكويت والبحرين، واعدةً بدعم القطاعات الرقمية وريادة الأعمال، كونها جميعها تدرك مخاطر الاستمرار في الاعتماد على النفط.
هذا لوحده يدلّ على أنّ الآن هو الوقت المناسب كي تكون من روّاد الأعمال في الشرق الأوسط.
5. الطرق والبنى التحتية للشحن
ستحتاج المركبات الكهربائية إلى الكثير من محطّات الشحن، كما أنّ مالكي المركبات سيرغبون بشحن مركباتهم في أيّ مكان، سواء في المنزل أو المكتب أو أثناء التسوق، وبالطبع بشكلٍ دائم خلال الرحلات الطويلة.
عن هذا الموضوع يقول ليبيريش وماكرون إنّ قطاع الإنشاءات سيكون أوّل المستفيدين من هذا التغيير، أولًا بحكم الحاجة إلى إنشاء تلك المحطات بما يتوافق مع تنظيم المباني، وأيضًا على الطرق السريعة التي يحتاج فيها السائقون إلى التوقّف باستمرار، تمامًا كمحطات تعبئة الوقود.
6. تغيير المشهد العمراني في المدن
يؤكد محلّلو "بلومبيرغ نيو إنيرجي فاينانس" أنّ أكثر التغييرات وضوحًا سيكون إضافة نقاط الشحن.
وبحسب ليبيريش وماكرون، "ستكون محطات الشحن منتشرة في كل مكان؛ في مواقف المركبات البلدية، وتلك المكوّنة من أكثر من طابق، وتلك المخصّصة للموظفين، وفي مراكز التسوق والفنادق والمطاعم. ونظرًا لأنّ الكثير من مالكي المركبات الكهربائية المحتملين لن يملكوا مواقف خاصّة أو منافذ كهرباء خاصّة، فإن تجّار التجزئة هم مَن سيقود عملية الشحن وسيدركون أنّ الشحن المجاني يجسّد طريقةً ممتازة لاستقطاب الزبائن الدائمين".
7. الدراجات والباصات والشاحنات وعربات الثلج الكهربائية
فيما يخص وسائل النقل الكهربائية، لا يقتصر الأمر على السيارات فقط، لا اليوم ولا في المستقبل. فعلى سبيل المثال، يوجد في الصين 200 مليون دراجة كهربائية، كما أنّ شركات "تيسلا" و"مرسيدس" Mercedes تعمل على تطوير تصاميم الشاحنات. ولكنّ الشركات الناشئة "بروتيرا" Proterra و"نيكست فيوتشر ترانسبورتيشن"Next Future Transportation في الطليعة بتصاميمها التي دخلت حيز التنفيذ بالفعل.
في هذا الشأن، يقول محلّلو "بلومبيرغ نيو إينيرجي فاينانس" إنّ المحركات الخفيفة مثل جزازات العشب وعربات الثلوج ستبدأ بالاعتماد على أنظمة البطاريات قبل غيرها، الأمر الذي سيسهم في تحسين تقنيات التحكم بالطاقة. بعد ذلك، ستنخفض أسعار البطاريات وتنتشر موجة التغيير لتطال المحرّكات الثقيلة أيضًا.
8. تغيير جذري في الشأن المالي الحكومي
لن تقتصر المعاناة من انخفاض الطلب على البترول على منتِجي النفط فقط، بل ستتأثّر كافة الحكومات التي تحقّق ضرائب باهظةً من النفط.
ستخضع الميزانيات إلى ضغطٍ ملحوظ مع تخبّط الحكومات وتزاحمها لمحاولة العثور على مصادر جديدة للدخل، ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة بين الفئات العاملة في القطاعات الصناعية المتدهورة كقطع السيارات والصيانة.
"بالرغم من احتمالية وجود منفعة اقتصادية حيث أن هؤلاء الأشخاص سيكونوا متفرغين للاضطلاع بادوار أخرى في سوق العمل، إلّا أّن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانوا قادرين على اكتساب مهارات جديدة ومناسبة،" كما يقول ليبيريش وماكرون.
وأخيرًا، إذا بدأ قطاع النقل بطرح ملايين الوظائف، يضيف الثنائيّ أنّ الجدال حول الدخل المضمون– الذي لم يُختبَر إلّا في سويسرا حتى الآن– سيتزايد وينمو.
الصورة الأساسية من "مرسيدس بنز": "مرسيدس مايباخ 6" هي نموذجٌ أوّلي يهدف إلى منافسة "تيسلا" في قطاع المركبات الكهربائية.