تحدّيات إنترنت الأشياء وإمكاناتها
اليوم الأول من "أسبوع تكنولوجيا المستقبل" كان حاشداً. (الصور من "أسبوع تكنولوجيا المستقبل")
العبارات التي باتت رائجةً في مجال التكنولوجيا - مثل البيانات الكبيرة big data وإنترنت الأشياء Internet of Things والحوسبة النقالة mobility وأمن المعلومات information security - تمّ تداولها بكثرةٍ في الفعالية الأولى من "أسبوع تكنولوجيا المستقبل" Future Technology week، بين 29 و31 آذار/مارس الماضي.
من المنازل الذكية إلى النظارات الذكية للمكفوفين، ومن الأجهزة القابلة للارتداء لتسجيل الذكريات إلى حلول المدينة الذكية، بدا "أسبوع تكنولوجيا المستقبل" في "مركز دبي التجاري العالمي" DWTC وكأنّه فيلم خيال علمي يُعرَض في الواقع الملموس.
في هذه الفعالية التي شهدَت دول أعمالٍ مزدحمٍ ومتداخلٍ في بعض الأحيان، كان على المشاركين الذين قارب عددهم الـ10 آلاف أن يختاروا من بين الجلسات المختلفة التي اشتملَت على المحاضرات وورش العمل ومختبرات السوق.
في "منطقة الابتكارات" Innovation Zone، بدأ اليوم الأول مع مسابقة "ذا هايف - مواجهة القرن بين رواد الأعمال الواعدين" The Hive Start Up Showdown التي بلغت جائزتها 50 ألف درهم إماراتي، ومن ثمّ مسابقة "أمسك العلَم" Capture The Flag للأمن السيبراني، تلاها ماراتون أفكار.
هيمن مفهوم إنترنت الأشياء IoT على اليومَين الأوّلين من "أسبوع تكنولوجيا المستقبل". ففي حين عرضَت "جنرال إلكتريك" GE في كشكٍ مخصّصٍ لها أبرز ما لديها من آخر التقنيات، قام مروان الروب، المدير التنفيذي لـ"مركز جنرال إلكتريك للابتكار" بالمشاركة في حلقة نقاشٍ ومن ثمّ إلقاء كلمةٍ عن "الطاقة والماء: حلول المدينة الذكية وعوائد الخبرة" Power and Water: Smart City Solutions & [The] Return of Experience. بدوره، شدّد ربيع دبوسي، مدير شركة "سيسكو" Cisco في الإمارات، على أنّ إنترنت الأشياء لم يكن خياراً جديداً على المحادثات ضمن القطاع، بل كان يبشّر بـ"الثورة الصناعية الرابعة" منذ سنوات.
خلال مسابقة "أمسِك العلَم" في اليوم الثالث من الفعالية في "منطقة الابتكارات".
شرح دبوسي الأمر بالقول إنّه "بالكاد وصلنا إلى بعض ما نستطيع تحقيقه من ناحية الأجهزة الإمكانات غير المحدودة." في المقابل، "تبلغ نسبة المتصّلين بالإنترنت أقلّ من نصف سكّان العالم، وبالتالي، مع هذا العدد المحدود للمتّصلين بالإنترنت، كنّا قادرين على تحقيق ما حقّقناه في فترةٍ قصيرةٍ جدّاً، وهذا بحدّ ذاته فرصة كبيرة."
هذه الفعالية التي نظمها "مركز دبي التجاري العالمي" شهدَت أربع منصّاتٍ: "معرض ومؤتمر الخليج لأمن المنصّات" Gulf Information Security Expo & Conference GISEC، "معرض ومؤتمر الخليج للحوسبة النقالة للمؤسسات" Gulf Enterprise Mobility Exhibition & Conference GEMEC، "معرض إنترنت الأشياء" Internet of Things Expo IoTX، و "مؤتمر البيانات الكبيرة" The Big Data Show.
العمل بذكاء
تركّزت المناقشات حول حلول المدن الذكية على الاستفادة من الإمكانيات اللا محدودة.
وفي هذا الإطار، قام جايمي كادن، مدير "برنامج المدن الذكية" Smart Cities Program في "مجلس مدينة دبن" Dublin City Council بإلقاء نظرةٍ عامّة على انتقال دبلن في طريقها لأن تصبح مدينةً ذكية. وإذ كان من الصعب إغفال أوجه الشبه الكبيرة بين المدينة الإيرلندية ودبي، أشار كادن إلى أنّ مدينته دبلن هي بمثابة دبي للشرق الأوسط بحيث تشكّل مركزاً لعدّة شركات تواصل اجتماعي وشركات تكنولوجية أخرى تحاول الوصول إلى دول المنطقة والعالم.
وقال إنّ "موظّفي [هذه الشركات] يحتاجون إلى مدينةٍ ذكية، وهذا بالفعل أحد الدوافع التي تسير بمدينتنا إلى أن تصبح مدينة ذكية،" مضيفاً أنّ إنترنت الأشياء هو في ذروة التوقّعات الآن، وهو لا يقوم على عدد أجهزة الاستشعار [في المدينة] بل على ما تفعله بها وكيف تصنع التغيير مع هذه التكنولوجيا... وذلك يتطلّب التعاون بين مختلف الوكالات ويتطلّب نماذج عمل جديدة. بيئة إنترنت الأشياء معقّدة للغاية، إنّها حول إعداد جدول الأعمال وما نريد أن نتعلم من هذه المحادثات."
من جهةٍ أخرى، وفي حين ناقش الدكتور أرافيند فيجايريغاهافان، المحاضر في مادة النانو في "جامعة مانشستر"، أمور مواد التكنولوجيا المستقبلية الرائدة مثل الجرافين، كشف شون مور، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسّس لشركة "تشوي" Chui التي تنتِج جرس باب ذكي، عن طريقة بناء جهاز يعمل مع الإنترنت.
خلال ندوة "معرض إنترنت الأشياء" IoTx عن اتّصال المدن في المستقبل.
تطرّقت النقاشات أيضاً إلى دور إنترنت الأشياء في التعليم، وخصوصاً للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة. فرأى إبراهيم الفضل، الأستاذ في "جامعة مصدر"، أنّه يمكن استخدام إنترنت الأشياء لتعزيز الحوسبة النقالة وبالتالي نقل الصفوف لذوي الاحتياجات الخاصّة.
أما سيف سالم بامدهف، المدير التقني في "كليات التقنية العليا" Higher Colleges of Technology، فقال إنّه "إذا كان على إنترنت الأشياء أن تقوم بشيءٍ ما، فهو تسهيل حياة الناس."
تكنولوجيا الرعاية الصحّية
وفقاً لماثيو وولهيد، مدير تطوير الأعمال الخاصّة بإدارة المعارض والفعاليات في "مركز دبي التجاري العالمي لتطوير الأعمال"، فإنّ "الرعاية الصحّية والتعليم والمرافق والنقل والمدن الذكية، يُنظَر إليها على أنّها القطاعات الأساسية التي تساهم في نموّ إنترنت الأشياء."
تواجدت الرعاية الصحّية بقوّةٍ في الفعالية، بحيث فازَت في مسابقة "هايف" الشركة الناشئة التي تتّخذ من دبي مقرّاً لها، "موزايكس" Mosaikx، عن جهازها لتسجيل الذكريات الذي صُمِّم في الأساس الذين يعانون من فقدان الذاكرة.
كما برز أيضاً جهاز "إمباتيكا" Empatica القابل للارتداء الذي يمكنه الكشف عن أعراض الصرع، وهذا فعلت "بادي أو" BodyO، المنصّة التي تربط أجهزة العناية الشخصية وتستخدم البيانات لتحسين اللياقة، والتي ابتكرها مدرب اللياقة البدنية في المنتخب الإماراتي باتريس كوتار.
أمّا مايك بوجامبي، الرئيس العالمي لقسم التحليلات في "جاست جيفنج" JustGiving، التي تَستخدِم البيانات لتحليل عادات الناس في العطاء، فتحدّث خلال "معرض البيانات الكبيرة" عن "النموذج الجديد من البيانات".
وذكر أنّ ما تمّ جمعه حتى الآن غير منظّمٍ بشكلٍ كبير، "فالبيانات الكبيرة التي تأتي على شكل صور وصوت ومشاعر، تسمح لنا أن ننظر إلى العالم كلّه على أنّه مختبر، حتّى نتمكّن من معرفة السلوك."
الكبير يعني كبير
خلال العامَين الماضيين تمّ إنشاء بيانات أكثر ممّا تمّ إنشاؤه في التاريخ البشري كلّه.
وفي غضون ذلك، يتوقّع أن يصل الإنفاق العالمي على إنترنت الأشياء إلى تريليونَي دولار بحلول عام 2020، وأن يصل عدد الأجهزة المتصّلة بالإنترنت إلى 100 مليار جهازٍ بحلول عام 2025، وفقاً لشركة "هواوي تكنولوجيز" Huawei Technologies.
لذلك، شهد "أسبوع تكنولوجيا المستقبل" عدّة ندواتٍ ونقاشات حول الأمن والحماية، بحيث نظّم خلال "معرض ومؤتمر الخليج لأمن المنصّات" جلسةً حيّة حول القرصنة مع تيودور إناش، المتخصّص في "فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي" aeCert في الإمارات.
وعلى الرغم من عدم نجاحه في قرصنة جهازٍ صغير قابل للتوصيل plug، شرح إناش كيف يمكن لهذا الجهاز الذكي أن يصبح جهازاً شريراً ويخترق الأجهزة الأخرى المتّصلة بالشبكة نفسها. كما ذكر أنّ إمكانية الوصول والربط مع أجهزة "واي فاي" WiFi المجّانية يمكن أن يضع الكثير من الناس تحت الخطر.
في المقابل، تصدّى لهذه المخاطر هارشول جوشي، نائب رئيس قسم الحوكمة الإلكترونية وإدارة المخاطر والامتثال في "دارك ماتر" Dark Matter.
وشرح أنّه "كلّما تزايدت الاتصالات ارتفع منسوب ناقات التهديد، وبالتالي للحدّ من احتمال الاختراق نعمل على أربعة أصعدة - الوقاية، مدى السرعة التي يمكننا الكشف فيها عن الخطر، وإذا اكتشفناه بأي سرعةٍ يمكننا أن نتجاوب، وإذا حدث أمرٌ سيء بالفعل فبأيّ سرعةٍ يمكننا أن نصحّح... إنه حقلٌ جديد؛ أمّا المفتاح فهو التعاون والعمل معاً."
بدوره، لجأ بوجامبي إلى علوم البيانات لفكّ شيفرة شعبية إنترنت الأشياء والبيانات الكبيرة والنقل والأمن في هذا القطاع.
"من أحد الأسباب التي تدفع الناس للاهتمام بهذا هو الخوف من التغيير،" حسبما قال بوجامبي مضيفاً أنّ "الكثير من المنظّمات الكبيرة تحاول تجنّب تأثير ’نتفليكس‘. وهي لا تريد وصول شركةٍ ناشئةٍ جديدة إلى المعلومات لإحداث تغييرٍ في القطاع القديم الذي يعملون فيه. الشركات تضع مالها حيث يناسبها... كما أنّ كلّ قطاعٍ بات يهتمّ بهذا القطاع."