هل يصبح تعليم التكنولوجيا منهجاً بحدّ ذاته؟
جمهور من الصغار يلِج عالم التكنولوجيا. (الصوَر لـ تالا العيسى)
بينما تنشط الكثير من المبادرات والشركات في مجال التعليم الإلكتروني E-learning من خلال الاستعانة بأحدث تقنيات تكنولوجية داخل المدارس، تُعنى "أكاديمية يوريكا للتكنولوجيا" Eureka الأردنيّة بتثقيف الأطفال عن التكنولوجيا وبتأهيلهم للانخراط في الفضاء التقني، محوِّلةً بذلك التكنولوجيا من مجرّد وسيلةٍ إلى مُحتوى مُمَنهج.
تّوفر "يوريكا" منهاجاً تكنولوجيّاً وهندسيّاً للأطفال ما بين 6 أعوام و16 عاماً، بحيث يشمل 16 مرحلة تُغطيّ مجالاتٍ مختلفة من ضمنها الهندسة الإلكترونية والكهربائية، وعلم الروبوتات والبرمجة.
"الهدف الأساسي من ’يوريكا‘ يكمن في تدريب الأطفال وتأهيلهم ليصبحوا منتِجين للتكنولوجيا عوضاً عن أن يكونوا مجرّد مُستهلِكين لها،" حسبما تقول أفنان علي، مؤسِّسة الأكاديمية، والتي تعمل حاليّا على توسيع المشروع في ثلاث محافظات، إضافةً إلى عمّان والعقبة اللتين تستضيفانه الآن.
بالإضافة إلى ذلك، تنوي علي استقطاب طلّابٍ من مدارس حكومية ولاجئين سوريين إلى منتخبٍ تكنولوجيّ تأمل أن يمثّل الأردن في المستقبل. أمّا بالنسبة إلى تعزيز المحتوى التكنولوجي في المنهاج الرّسمي للمملكة، فتقول المؤسِّسة إنّها ستسعى لذلك في عام 2017.
يجدر الذكر أنّه بعد عامَين على تأسيس "يوريكا"، استطاعت هذه الشركة الناشئة أن تدرّب أكثر من 300 طالب.
روبوتاتٌ من صنع الطلّاب في الأكاديمية.
بالرغم من أنّ تعليم "يوريكا" يقوم خارج المدرسة كنشاط أسبوعي، إلّا أنّه يعتبر حافزاً للنشاط المدرسي وليس مُعرقلاً له.
وتقول ليان عبيدو البالغة من العمر 14 عاماً، إنّه "يتوجّب عليّ تنظيم وقتي؛ فكما أخصّص وقتاً للمدرسة، أخصّص أيضاً وقتاً لـ’يوريكا‘. وعندما تخبرني والدتي أنّني مهدّدة بالخروج من ’يوريكا‘ إنْ كان أدائي المدرسي ضعيفاً، أبدأ تلقائياً بالدراسة."
ما أهميّة تعليم التكنولوجيا للأطفال؟
في عام 2014، أعربَت شركاتٌ عالمية، من ضمنها "فايسبوك" Facebook و"مايكروسوفت" Microsoft و"روفيو" Rovio، في رسالةٍ مفتوحة إلى وزراء التربية في الاتحاد الأوروبي، عن قلقها جرّاء شغور 900 ألف وظيفة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات في أوروبا لن تلقى موظفين في حلول عام 2020.
وفي هذه الرسالة، أوضحَت الشركات أنّ "القدرة على البرمجة ليست طمعاً تجاريّاً فحسب، بل إنّ الكثير من الوظائف الإبداعيّة والشّيّقة تعتمد ولو بشكلٍ جزئي على البرمجة. فتحليل النتائج الطبيّة، أو تصميم برنامجٍ أمنيّ أو صناعة الأفلام،" كلّها ستتطلّب الحاجة إلى مَن يتقِن البرمجة.
في هذا الإطار، وفي عام 2014، برزَت المملكة المتّحدة كأوّل دولةٍ تُدخِل البرمَجة على منهاج الدولة الرسمي، بحيث أصبحَت المدارس البريطانية مُلزَمة بتعليم البرمجة للأطفال ما بين 5 و14 عاماً.
ويعتقد غافين باترسون، الرئيس التنفيذي لشركة "بي تي" BT التي كان لها دورٌ مساعدٌ للحكومة البريطانية في تطبيق إصلاحها التعليمي، أنّ تأسيس ثقافة تكنولوجيّة أمرٌ بغاية الأهميّة. ويقول باترسون في تقرير لشركته حول تعليم التكنولوجيا: "مثلما يتوّجب على الأطفال تعلّم القراءة والكتابة استعداداً للحياة، يجب أن يتعلّموا التكنولوجيا."
فريق "يوريكا" مع الأطفال.
لاعبون آخرون من المنطقة والعالم
بينما تُقدّم "يوريكا" منهاجاً موسّعاً يشمل الهندسة والبرمجة معاً، تختّص بعض الأكاديميّات الأخرى في الأردن بتعليم البرمجة والترميز، مثل "مرحباً لعالم الصغار" Hello World Kids و"كودينج سيركل" Coding Circle؛ وأخرى بعلم الروبوتات مثل "أكاديميّة الروبوتات الدوليّة".
ومن بين المؤسّسات الأخرى على الصعيد الإقليمي، نذكر أكاديميّة "المهندس الصغير" The Little Engineer التي تعمل في كلٍّ من قطر ولبنان.
أمّا على الصعيد العالميّ، فنذكر من المؤسَّسات والشركات التي تهتمّ بهذا النوع من التعليم للأطفال كلّاً من "نيو تك كيدز" New Techkids، و"كود.أورغ" Code.org، و"نادي البرمجة" Code Club، و"مؤسسة معلّمي التكنولوجيا والهنسة الدوليّة" International Technology and Engineering Educators Association (ITEEA).
مثلما قام التعليم الإلكتروني بإحداث ثورةٍ في التّعليم الحديث، يأتي الآن تعليم التكنولوجيا كعاملٍ مساهمٍ يحثّ على تعزيز الإبداع التقني عند الأطفال لتأهيلهم لمستقبلٍ يتطلّب الكثير من المهارات التكنلوجية.