English

الحلول في المشاكل: تحدّيات التغيّر المناخي في الأردن فرصة لرواد الأعمال

English

الحلول في المشاكل:  تحدّيات التغيّر المناخي في الأردن فرصة لرواد الأعمال

The arid landscape of Jordan

قد تصبح الأردن قاحلةً بالكامل (الصورة من Letstravelsomewhere.com)

بصفتها قاحلة، وفقيرة بالموارد، لطالما اعتمدت الأردن على البلدان الأجنبيّة لتأمين حاجاتها الأساسيّة من الطاقة والموارد الأخرى.

وحتى عام 2012، كانت الأردن لا تزال تستورد 97% من الطاقة التي تعتمد بغالبيتها على الوقود الأحفوري.

أمّا المزيج بين تغيير في المناخ وزيادة في عدد السكّان، فيهدد قدرة الأردن على تأمين حاجات مواطنيها الأساسيّة من دون زيادة اعتمادها على الموارد الأجنبيّة التي ترافقها زيادة في كلفة استيراد الطاقة.

وقد يكون الحلّ لهذه المشكلة مختبئاً لكنّه على مرأى من الجميع.

خلال إحدى الفعاليات الأخيرة في العاصمة الأردنيّة، أشار مصطفى المومني، مدير "جمعيّة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات" في الأردن IEEE Jordan Young Professionals إلى أنّ "الأردن من أغنى البلدان بموارد الطاقة الخضراء؛ ويمكننا الاستفادة من التكنولوجيا الخضراء لتخطّي تحديّات الطاقة."  

افتقار الأردن لموارد الطاقة ‘التقليديّة‘ لا يعني افتقارها للطاقة، ففي هذه البلاد يوجد الكثير من البدائل لهذه الموارد.

تتضمّن التكنولوجيا الخضراء أو التكنولوجيا النظيفة ابتكاراتٍ مثل ألواح الطاقة الشمسيّة، وأجهزة التسخين على الطاقة الشمسيّة، وتوربينات الرياح، وأجهزة تجميع المياه وأجهزة تنقية المياه، تهدف جميعها إلى إيجاد موارد للطاقة زهيدة الثمن ومستدامة تخفّف من آثار نشاطات الإنسان المضرّة بالبيئة.

بالاستعانة بهذه التكنولوجيا، أنشأ روّاد أعمال كثر حول العالم بدائل للطاقة فيما أسّسوا شركاتٍ ناشئة مستدامة. وذلك، يمكن أن يحصل- وقد بدأ- في الأردن.

تشهد الأردن أكثر من 300 نهارٍ مشمسٍ في العام، وهي من أكثر البلدان تعرّضاً للشمس في العالم، وبالتالي يمكن اعتبار الطاقة الشمسيّة فيها من الموارد الوطنيّة.

من جهةٍ أخرى، لا تزال المملكة في مراحل الاستفادة من هذه الفرصة. فلقد بدأت باستخدام النظم الكهروضوئيّة photovoltaic systems (الألواح الشمسيّة) في المناطق النائية حيث يتمّ من خلالها إنتاج الطاقة للإضاءة وضخّ المياه وغيرها من الخدمات، وباتت حوالي 15% من المنازل في الأردن مجهّزة بأنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسيّة.

وفيما يتعلّق بالخطّة الأساسيّة للأردن في مجال الطاقة، من المتوقّع أن تجهّز 30% من المنازل بأنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسيّة بحلول عام 2020.

وعود التكنولوجيا الخضراء في الأردن تتخطّى الطاقة الشمسيّة ولا تنحصر فيها. وبالرغم من وجود مجال كبير للابتكار في حقل الطاقة الشمسيّة، إلا أنّ حلولاً أخرى للطاقة النظيفة متاحةٌ وهي تكمن في الرياح وجمع المياه وتنقيتها والصرف الصحّي.

تغيير المناخ والفرص في الأردن

في إطار التوجّه نحو الحلول الخضراء، عرضَت الفعاليّة الأولى من نوعها باسم "ملتقى الابتكار الأردني" Jordan Innovation MeetUP التي أقيمت في الثالث من آذار/مارس، فيديو على "يو تيوب" Youtube بعنوان "تاريخ مفاوضات تغيير المناخ في 83 ثانية" The History of Climate Change Negotiations in 83 Seconds يُظهِر مناقشات واتهامات المجتمع الدولي بعضه بعضاً حيال أسباب التغيّر المناخي.

في المقابل، لم يجتمع المشاركون الذي بلغ عددهم 85 في "منصة زين للإبداع" Zain's Innovation Campus للجدال حول التغير المناخي بل للنظر إليه كفرصة للابتكار، بخاصةٍ في مجال الطاقة.

Attendees of the Jordan InnovationMeetUP

المشاركون في "ملتقى الابتكار الأردني" الأوّل (الصورة لصمويل وندل)

هذه الفعاليّة المنظّمة من قبل "جمعيّة مهندسي الكهرباء والإلكترونيات" في الأردن، الفرع المحلّي لـ"جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات" IEEE العالمية، تضمّنت عروضاً من خبراء في التواصل والأعمال، وكان هدفها تقديم برنامج عمل للمشاركين يمكّنهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع في حقل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء.

وقال المومني إنّ "التغير المناخي هو من أكبر التحدّيات التي تواجه هذا الجيل والجيل الآتي، ونحن في مهمّةٍ لجذب اهتمام الشباب إلى هذه القضيّة ليكونوا جزءاً من الحلّ."

انطلقت الفعاليّة مع نظرةٍ عامة عن أثر التغير المناخي في المنطقة، قدّمتها صفاء الجيوسي، مؤسِّسة "إندي أكت" IndyAct في الأردن ورئيستها التنفيذية، وهي منظَّمة غير حكوميّة لبنانيّة تركّز على سياسات حماية البيئة وتغيّر المناخ.

وقدّمت الجيوسي في عرضها أساليب وطرق تسمح للمشاركين بالاستفادة من خطر التغير المناخي والتخفيف من آثاره على الأردن.

ابتكارات التكنولوجيا الخضراء في الأردن

بعد تسليط الضوء على الفرص التي تقدّمها الطاقة المتجددة، انتقل "ملتقى الابتكار الأردني" إلى عمليّة تأسيس الشركة وتوسيع أعمالها.

واستمع المشاركون إلى فؤاد جريس الذي أخبرهم عن خبرته في تأسيس الشركة الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية "كاش باشا" Cash Basha ومسيرته مع تحقيق النجاح. ومن ثمّ سمعوا مداخلة سليمان عربيات، المدير في مسرّعة النموّ "أويسيس500" Oasis500، عن تكوين رأس المال capital formation والإرشاد.

ومن خلال ربط الطاقة المتجددة بأساسيّات إدارة الأعمال، أمل المومني إلهام المشاركين للسير على خطى روّاد الأعمال المبتكرين في مجال التكنولوجيا الخضراء.

Taqetna solar panels at work

ألواح "طاقتنا" الشمسيّة في السعوديّة. (الصورة من "طاقتنا")

اكتشفَت عدّة شركات ناشئة محليّة قدرات الطاقة النظيفة وباتت تعمل في مجالها، مثل الشركة الناشئة "طاقتنا" Taqetna التي تطوّر منتَجاتٍ مثل توربين "رياح" Reyah المصمّم ليعمل بفعاليّة مع الرياح منخفضة السرعة.

وفي هذا السياق، قال المومني إنّ "‘طاقتنا‘ هي الشركة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تقدّم توربين رياح على مستوى عالمي. وهذه القصص هي تحديداً ما نحتاج لنعرّف مجتمع المهندسين في الأردن بها."

من الشركات الناشئة الأردنية الأخرى في مجال الطاقة النظيفة، "سولار بياتزوكلين" Solar PiezoClean التي طوّرت جهازاً ينظّف الغبار عن الألواح الشمسيّة، خصوصاً وأنّ من أحد الآثار الجانبية للعيش في أكثر المناطق شمساً وجفافاً في العالم هي الغبار، وتراكمها على الألواح الشمسيّة الذي يخفّف كمية الطاقة التي تمتصّها.

مستقبل أكثر اخضراراً  

تأمل "جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات" زيادة اهتمام الشركات الناشئة أكثر فأكثر بالطاقة المتجددة.

و"أويسيس500" التي تراهن بدورها على إمكانيات التكنولوجيا الخضراء، أعلنت في نهاية الفعالية عن خططها لتنظيم معسكرٍ تدريبي للشركات الناشئة حول محورٍ معيّن في المستقبل القريب، مثل "تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا النظيفة" ICT and clean technologies و"تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وحلول المدن" ICT and Urban Solutions.

ووفقاً للمومني، تخطّط "جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات في الأردن" لإقامة فعاليّات أخرى لـ"ملتقى الابتكار الأردني" في مجالات أخرى، لكنّ أولى هذه اللقاءات قدّمت فرصة نادرة لمناقشة التغيّر المناخي والطاقة المتجددة.

أنس الدرادكه، الطالب في نظم إدارة المياه في "جامعة الأردن" University of Jordan، قال إنّ الفعاليّة تشكّل فرصة نادرة للتعرّف على المهتمّين بالتغيّر المناخي، وهذا هو ما دفعه لحضورها. كما أعرب عن اهتمامه "بالتحدّث مع أشخاص من القطاع البيئي لإيجاد موضوعٍ لأطروحة الدكتوراه"، مضيفاً أنّه وجد عرض الجيوسي مفيداً جدّاً.

في هذا الإطار، يمكن القول إنّ "جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات" قد حققت أهدافها، ويظهر ذلك في حديث الموني: "نأمل إلهام المشاركين للتفكير في طريقة تحوّل العمل التقليدي في مجال الطاقة إلى طاقةٍ خضراء تحقق العدالة المناخيّة وتوسّع الفرص الاقتصادية للدول النامية".

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.