إنترنت الأشياء في تونس: عقبات وفرص [رأي]
يتوسّع قطاع الأشياء المتّصلة بالإنترنت، أو ما أصبحنا ندعوه بـإنترنت الأشياء (IoT)، بسرعةٍ حول العالم. ولكنّ القطاعات والأفراد لا يزالون متردّدين لأنّ بعض العقبات ستواجههم.
مثل هذا التردّد يبرز بشكلٍ ملحوظٍ في الدول النامية كتونس، حيث العقبات أكبر، وعدد مؤيدي إنترنت الأشياء والمتبنّين الأوائل لهذه التقنيّة أصغر.
لذلك، عملت شركة "شيفكو" Chifco، العضو في المجتمع التكنولوجي التونسي والفاعلة في مجال العمل على حلّ التحدّيات التي تواجه القطاع، للاطّلاع على أحدث التطوّرات حول تبنّي إنترنت الأشياء في تونس.
ومن بين النقاشات التّي دارت في تونس حول إنترنت الأشياء، نذكر تلك التي جرت في أواخر شهر آب/أغسطس، خلال فعاليّة "كوجيت كو وركينغ سباييس" Cogite Co-working Space.
ففي تلك الفعالية، سعى ممثّلو الوزارة ومدراء تنفيذيون، بالإضافة إلى روّاد أعمال وبعض المستخدمين النهائيين، إلى البحث عن المشاكل المتعلّقة بعدم إلمام المجتمع باستخدام تقنيّة إنترنت الأشياء، ونوعيّة الاتّصال بالإنترنت، والاتّصالات والأمن في تونس، بالإضافة إلى تجربة الاستخدام، والخصوصيّة.
وبعد جلسة النقاش هذه، حدّدت "شيفكو" أربع مشاكل أساسيّة (طُرِح البعض منها من قِبل المشاركين وأخرى لا)، يستطيع المجتمع التكنولوجي أن يحلّها ليتخطّى العقبات ويصل إلى ركائز النجاح، في كلٍّ من بلدنا وجميع أنحاء العالم.
وفي حال تمّ التغلّب على هذه العقبات بحلول عام 2020 كما يُتوقّع، ستصبح تقنيّة إنترنت الأشياء جزءاً من حياتنا اليوميّة في العمل، ومن المحتمل في المنزل.
1- تطوّر الاتصالات: من الأسلاك والمودم وخطّ الخدمات الرقمية عبر الهاتف الأرضي، إلى خدمة الألياف البصريّة إلى المنزلوشبكة الجيل الرابع
يعدّ بطء الاتّصال بالإنترنت وعدم انتظامه مشكلةً للأجهزة التي تعلم بتقنيّة إنترنت الأشياء.
ومن الوسائل التي يمكنها حلّ هذه المشكلة هي "خدمة الألياف البصريّة إلى المنزل FTTH، التي تستخدم أليافاً بصريّةً مباشرةًً من السنترال إلى المبنى.
بالنتيجة، ستساهم هذه الخدمة بتسريع عمليّات الاتّصال بالإنترنت بشكلٍ ملحوظ، بنسبةٍ تتراوح بين 20 و100 مرّةٍ أكثر من الاتّصال بسلك المودم العادي أو خطّ الخدمات الرقمية عبر الهاتف الأرضي DSL. من هنا، قامت شركة "اتّصالات تونس" Tunisie Telecom، إحدى أكبر الشركات في حقل الاتّصالات في تونس، بإطلاق عرضها الأوّل لـخدمة الألياف البصريّة إلى المنزل للعملاء من الشركات في أيلول/سبتمبر2012. كما أطلقت شركة الاتّصالات الأخرى "أوريدو"Oreedo عرضاً مماثلاً، في تمّوز/يوليو 2013.
في هذا الوقت، تتطوّر عمليّة الاتّصال أيضاً في شبكة الهاتف المحمول؛ فحسبما يتوقّع "تحالف الجيل القادم من شبكة المحمول" Next Generation Mobile Network Alliance، سيتمّ إطلاق شبكة الجيل الخامس عالمياً بحلول عام 2020.
ومع ذلك، نتوقّع نشر الجيل الرابع 4G في تونس نهاية هذا العام، من قِبَل ثالث شركات الاتّصالات الكبرى في تونس، "أورانج" Orange، والتي ستتبعها في ذلك الشركتان الثانيتان في العام المقبل. ويبغي الإشارة إلى أنّ هذه الشركات وعملاؤها كانوا وراء الحثّ على تحضير السوق لشبكة الجيل الرابع، بهدف مواكبة نموّ قطاع الأشياء المتّصلة بالإنترنت بشكلٍ أساسي، والذي يتوقّع ألا تعود شبكات الجيل الثالث 3G قادرةً على استقبال المزيد منها قريباً.
2- قابليّة العمل البيني : تبسيط وتفريد
التوافقيّة Interoperability أو ما يُعرف بقابليّة العمل البيني بين البروتوكولات الموجودة مثل "زيج بي" ZigBee و "زي وايف" Z-Wave، وهما من تقنيات الاتصال اللاسلكيّ المطوَّرَة على معايير عالميّة والتي تسمح للأجهزة الذكيّة بالعمل معاً؛ لا تزال تمثّل مشكلةً إضافية.
فبروتوكول "زي وايف" هو بروتوكول غير مفتوح، وسيتفاعل فقط مع أجهزة من البروتوكول المماثل له؛ أمّا بروتوكول "زيج بي" فهو مفتوح، لكنّه سيتفاعل فقط مع الأجهزة المرخّصة التي تستخدم البروتوكول ذاته.
وبالتالي، هذا ما ظهر كمشكلةٍ في إطار العمل على تحويل القطاعات والأفراد إلى تبنّي إنترنت الأشياء، كما أنّ البروتوكولات تجعل الاستثمار صعباً ومهماً من حيث الأجهزة والبرامج.
لذلك، فإنّ اتّحاد الترابط المفتوح "أوبن إنتركونكت كونسورتيوم" Open Interconnect Consortium الذي يضمّ مجموعةً من الشركات الرائدة في القطاع التي تؤمن بنهجٍ مشتركٍ لقابليّة التشغيل البيني وبالتنفيذ مفتوح المصدر من أجل توسيع هذا النطاق، لجأ إلى تولّي زمام المبادرة عبر التوصّل إلى حلٍّ واحد.
في الواقع، يمكن لحلٍّ عالميٍّ شامل أن يجعل الاستغناء عن البروتوكولات ممكناً، وأن يجعل عملية توسّع القطاع ونبنّيه أكبر وأسهل.
3- المنصّات والتطبيقات تشمل الجميع
يمكن لفكرةٍ تطرح منصّةً واحدةً أو تطبيقاً واحداً لإدارة كل أجهزتك أن تبسّط عملية أتمتة المنزل في الوقت الراهن، وهي عمليةٌ تعدّ من أكبر مكوّنات قطاع إنترنت الأشياء.
تخيّل أنّك تستطيع السيطرة على كافة أرجاء منزلك أو مكتبك عبر "سطح بيني" interface واحد، أو حتّى باستخدام صوتك. هل بيدو ذلك أمراً بسيطاً؟ سيكون كلّ ذلك ممكناً عمّا قريب بفضل المجتمع التكنولوجي الذي يعمل على حلولٍ لتبسيط عملية التحكّم بمحيطك عبر إنترنت الأشياء.
وعلى سبيل المثال، تعمل شركة "آبل" Apple حالياً على نظام "هوم كيت" HomeKit، وهو عبارةٌ عن لغةٍ مشتركة يمكن لجميع الأجهزة الذكيّة من أيّ شركةٍ مصنّعة كانت أن تفهم هذا اللغة وتدعمها.وبدوره، فإنّ نظام "بريلو" Brillo لإنترنت الأشياء، الذي تمّ تطويره بعد شراء "جوجل" Google لشركة "نيست" Nest، يقوم تقريباً بالشيء نفسه.
4- تجربة المستخدم: بيع منتَجاتٍ تبيع نفسها بنفسها
من شأن العمل على حلّ المشاكل أعلاه أن يجعل عمليّة دمج إنترنت الأشياء في عاداتنا اليوميّة أكثر سهولة. وبالتالي، يصبح تبنّي حلول إنترنت الأشياء أكثر جذباً عندما لا تكون هذه الحلول مثقلةً بالكثير من الأجهزة والبرامج.
غير أنّ تصميم منتَجٍ مع تجربة استخدام متقنَة من ناحية التصميم وسهولة الاستخدام والكفاءة، هو أيضاً عامل أساسي. فالمنتَج الذي يستخدمه المستهلك ويكون متلائماً مع حياته، يجعل الاستغناء عنه أمراً صعباً.
إمكانيّات المنزل المتّصل بالإنترنت.
في وقتٍ قريب، ستكون الأشياء المتّصلة بالإنترنت جزءاً عادياً من حياتنا، سواءً كان ذلك رقميّاً أم بشكلٍ ملموس.
نحن قريبون من ذلك أساساً، فوسائل التواصل الاجتماعيّ على سبيل المثال، لم تعد تقتصر على التفاعل البشري وحسب: الهواتف وأجهزة الكمبيوتر ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، كلّها تقوم فعلاً بتوصيل المعلومات إلى ملفّاتنا الشخصيّة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع تزايد الأجهزة المتّصلة بالإنترنت أكثر فأكثر، فباستطاعة المعلومات التي تقدّمها آلاتنا عنّا أن تقلب الموازين مقابل ما نقدّمه نحن من معلوماتٍ مباشرة.
في بعض الأحيان، تصل إلينا تكنولوجيات الأشياء المتّصلة بالإنترنت والآلات التي تتصل ببعضها بدون أن ندرك ذلك حتّى. لذلك، يبدو أنّ جميع الخبراء يعتقدون أنّه بحلول عام 2020 ستصبح تقنية إنترنت الأشياء ميزة جوهريّة وواسعة الانتشار في حياتنا اليوميّة.
في النهاية، إنّ التوسّع السريع للأجهزة وقابليّتها على ذلك، يساهمان في تحويل المشاكل إلى حلول. وأنْ يكون الشخص من المتبنّين الأوائل للتكنولوجيا، هو أمرٌ يُشعِره بأنّه يجاري التطوّر دائماً.