رائدتان سعوديتان تنشئان شركة لتسهيل فهم بيانات الطاقة الشمسية
لطالما شكّلَت السعودية قوةً عالميةً في القرن العشرين بفضل نفطها. أمّا اليوم، في القرن الحادي والعشرين، فهي لا تزال تؤدّي دوراً مهيمناً، إنّما هذه المرة من خلال طريقة غير منتظرة، ألا وهي الطاقة المتجدّدة.
الشركة الناشئة "ماتيريال سولفد" MaterialSolved التي شاركت في برنامج احتضان "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية" King Abdullah University for Science and Technology (KAUST) التي تُعَدّ إحدى جامعات الأبحاث في المملكة، تصمّم حالياً برنامجاً لإدارة أداء الخلايا الشمسية الكهروضوئية.
"سيُستخدم برنامجنا لتصميم الخلايا الكهروضوئية وتصويرها واستخراج التوقّعات منها، تماماً كالبرامج التي يستخدمها المهندسون المعماريون لتصميم المباني وتصويرها،" حسبما تقول المؤسِّسة الشريكة أمل أبو الحسن، مضيفةً: "نحن نخطّط للبدء بتركيب النموذج التجاريّ المدفوع الأوّل خلال العام المقبل."
وتشير إلى أنّه ستتم تجربة النسخة الأولى في خمس إلى عشر جامعات دولية تتعاون في أبحاثها مع "جامعة الملك عبد لله للعلوم والتقنية" KAUST، قبل التوسّع بها عالميّاً والانتقال بها إلى مجمّعات البحوث لدى الشركات.
في عام 2013، كانت السعودية قد وضعَت ميزانيةً بلغَت 109 مليارات دولارٍ أميركيّ لخطّةٍ تهدف إلى توليد ثلث طاقة البلاد من الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2032. ومنذ ذلك الوقت، تمّ إطلاق مراكز عدّة ومنها "مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجدّدة" King Abdullah City for Atomic and Renewable Energy (KACARE) و"مركز أبحاث هندسة الطاقة الشمسية والخلايا الضوئية"Solar and Photovoltaics Engineering Research Center (SPERC) في "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية" للمساعدة على البحث عن وسائل لتوفير مستقبل أكثر استدامة للطاقة وتطويرها.
وتحتضن هذه الجامعة روّاد أعمالٍ طلّاب يعملون على شركات ناشئة في مجال الطاقة المتجدّدة، كما يتمّ تزويدهم بالأدوات والدعم الضروري لتطوير أفكارهم والمساهمة في إنشاء بيئةٍ أكثر نظافة.
من جهتها، شاركت أبو الحسن سابقاً في برنامج تسريع نموّ الشركات الجديدة "نيو فينتشر أكسيليريتور" New Ventures Accelerator الذي أطلقته "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية"، وتخرّجَت منه في شهر آذار/مارس. وخلال هذه الفترة، عملَت على نموذج عملها، وأجرَت مقابلات مع عملاء، وقدّمت طلباً للحصول على براءة اختراع، وضمّت إليها مؤسِّسةً شريكة هي أمنية السعدني.
من اليسار إلى اليمين: الشريكتان المؤسِّستان أمنية السعدني وأمل أبو الحسن. (الصورة من MaterialSolved)
في هذا الإطار، كان لـ"ومضة" حديثٌ مع أبو الحسن حول ما ألهمها، كما ناقشَت الإمكانات الكبيرة لاستخدام الطاقة الشمسية في السعودية.
"ومضة": ما الذي أثار فيكِ شعلة الابتكار؟
أبو الحسن: ترتكز هذه الفكرة إلى بحث شهادة الدكتوراه الذي قمتُ به. فأنا أعمل بشكل وثيق مع علماء المواد الكهروضوئية منذ ثلاثة أعوام، وأدركت خلال هذه الفترة حاجة المجتمع الماسّة إلى برنامج يتوافق مع الاحتياجات المتعلّقة بالتصميم البصري، إذ لا وجود لأداة كهذه في السوق. نتمتّع أنا وشريكتي بعشر سنوات من الخبرة في مجال الرسومات الحاسوبية computer graphics والواقع الافتراضي والحوسبة البصرية visual computing والتصوّر، ولذلك تمكّنا من الخروج بفكرة حول كيفية تصميم إطار برنامجٍ يسدّ هذه الفجوة.
"ومضة": أيّ نوع من البيانات سيوفّر هذا البرنامج؟
أبو الحسن: توفّر "ماتيريال سولفد" برنامج تصوّر وتمثيلات رسومية [رسوماً بيانية] تمكّن العلماء من رؤية المعلومات المفيدة في بياناتهم المعقدة.
"ومضة": كيف ستجنيان المال منه؟
أبو الحسن: نحن نخطّط لبيع البرنامج من الدفع مقابل إعطاء ترخيصٍ لاستعماله، أو عبر تقديمه بشكل برنامج كخدمة SAAS. هذه المسألة سنبتُّها لاحقًا بعد إطلاق النموذج التجاري الأوّل (الاختبار) والحصول على إحصاءات أفضل حول تفضيلات المستخدمين، كما نخطط أيضًا لبيع خدمات استشارية (وبخاصةٍ للعلماء والباحثين). ويُتوقّع أن تحظى هذه الخدمة بأهمّيةٍ كبيرة، إذ يعمل العلماء عادةً على مجموعة واسعة من البيانات والمتطلّبات. وبالتالي، سيحتاجون إلى تلقّي المساعدة لإرشادهم حول كيفية إعداد البيانات قبل استخدامها في برنامجنا.
"ومضة": لماذا ترين حاجةً إلى الاعتماد على التكنولوجيا الشمسية في السعودية اليوم؟
أبو الحسن: يعتمد العالم حالياً على موارد غير نظيفة وغير متجدّدة، وسوف تُستنفد هذه الموارد ذات يومٍ فنجد أنفسنا وسط أزمةٍ. لذا أعتقد أننا بحاجةٍ إلى ايجاد حلولٍ لطاقة نظيفة ومتجدّدة في أقرب وقتٍ ممكن، وعلى المملكة بشكلٍ خاص أن تشارك في هذه العملية بما أنّها تعتمد على النفط بشكلٍ أساسي للحصول على الطاقة ودعم اقتصاد البلاد.
حوالي 10% من سكان السعودية غير متّصلين حالياً بشبكة الكهرباء الوطنية ويتطلّب تزويدهم بهذا الاتصال ما يصل إلى 20 ألف ميل من خطوط التوصيل الجديدة، لذا قد تكون مشاريع الألواح الكهروضوئية المتوسّطة الحجم والعالية التركيز medium-size high-concentrating photovoltaic (HCPV) الحلّ المثالي لتزويد القرى النائية بالكهرباء. وتتناسب هذه الألواح تماماً مع المجمّعات التي يرتفع فيها استخدام الكهرباء كالمستشفيات والجامعات، بفضل طبيعتها المقسّمة إلى وحدات. ونظراً لارتفاع الإشعاع الشمسي العادي المباشر Direct Normal Irradiance (DNI) في البلاد، قد تكون الألواح أكثر منفعةً أيضاً مقارنةً بنظام ألواح التتبعّ ثنائية المحور المصنوعة من السيلكون dual-axis tracking silicon في منشآت توليد الطاقة الشمسية (ألواح التتبع ثنائية المحور هي ألواح شمسية قادرة على تتبع حركة الشمس أفقيّاً وعامودياً).
"ومضة": كيف تخططان لإخراج المشروع من نطاق "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية"؟
أبو الحسن: يستهدف هذا البرنامج العلماء الذي يعملون على الألواح الكهروضوئية في أنحاء العالم كافّة. وسبق لنا أن بنينا شبكة علاقات مع مجموعات بحثية في ‘جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية‘ وفي الولايات المتحدة، ونخطّط لاستخدام هذه الشبكة للوصول إلى العلماء كخطوةٍ أولى، ولنقوم بعدئذٍ بتوسيع تسويقنا للبرنامج عبر مزيد من القنوات، كالمؤتمرات على سبيل المثال.