صندوق تمويل سعودي يستثمر لغاية مليوني دولار في شركات التقنية العالية
منذ عام 2010، استثمرَت "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية" KAUST في أكثر من 30 مشروعاً عبر صندوقها للتمويل التأسيسي، بحيث زوّدَت هذه الدفعاتُ النقدية الشركات الناشئة التي انطلقَت من الجامعة بما يناهز 200 ألف دولارٍ أميركيٍّ لكلٍّ منها. وبعد خمس سنوات، أطلقَت هذه الجامعة صندوق تمويلٍ جديد، في إطار سعيها للتأثير أبعد من الجامعة نفسها وكذلك خارج المملكة.
"وهذا نموذجٌ جديدٌ ضمن المؤسّسات الأكاديمية وهو الأوّل من نوعه في السعودية،" بحسب مدير "صندوق دعم الابتكار" Innovation Fund الذي أُطلِق حديثاً، نيقولا بيتيو (الصورة إلى اليسار).
صندوق تمويل جديد، رؤيا جديدة
يهدف هذا الصندوق الجديد إلى دعم الشركات الناشئة التي تعمل في مجال الطاقة الشمسية، ومعالجة المياه، والمواد والبتروكيماويات الجديدة، والنفط والغاز، والتكنولوجيا الحيوية biotech، وتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات ICT.
ووفقاً لبيتيو، فإنّ الشركات الناشئة التي تعمل في هذه القطاعات لا تحظى بالاهتمام الكافي، لأنّ أذرع الاستثمار المخاطر في كلٍّ من "موبايلي" Mobily و"أرامكو" Aramco و"أس تي سي" STC تستثمر في المؤسَّسات التي تركّز على التجارة الإلكترونية وتطبيقات متجر "آبل".
وسوف يعمد هذا الصندوق إلى الاستثمار في المرحلة التأسيسية والمرحلة المبكرة بما يصل إلى مليونَي دولار، كما سيتشارك في الاستثمار مع الجهات المموّلة الأخرى. وقال بيتيو: "نريد جذب المستثمِرين في المشاريع المخاطرة والمشاريع الصناعية الذين يشاركونا وجهة النظر نفسها."
إنّ العمل بطريقة رأس المال المُخاطِر سوف يسمح للفريق الذي يقوده بيتيو بأن يصبح أعضاؤه كالمستثمِرين الاستراتيجيين، وأن يعملوا كمستشارين ومرشدين أيضاً. وإضافةً إلى الدعم المالي والإرشاد الذي سوف يوفّره الصندوق للشركات الناشئة، سوف تستفيد هذه الأخيرة أيضاً من مجموعة خدماتٍ غير ماليةٍ تشمل:
- تبسيط عملية إدراج الشركات المحلّية والخارجية في المملكة.
- توفير المكاتب والنفاذ إلى المختبرات ومرافق التصنيع ومجمّعات البحوث الجامعية في "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية".
يذكر أنّه إلى جانب مساعدة روّاد الأعمال على إنفاق المال بفعالية، فإنّ المعرفة والتجربة وشبكات العلاقات التي يوفّرها المستثمِرون لهم تشكّل في معظم الأحيان العناصر الأساسية التي تساعد الروّد على تحقيق رؤاهم. وهذا ما كان قد أشار إليه سابقاً أمير فرحة من "بيكو كابيتال" BEKO Capital خلال مقابلةٍ مع "ومضة"، حيث قال: "نقضي كثيراً من الوقت في مساعدتهم من خلال الخطط الاستراتيجية وبناء الشراكات مع شركاتٍ محدّدة أو شركات اتّصالات. نساعدهم في عملية تطوير الأعمال والحصول على العملاء، وأيضاً في عملية التوظيف."
تحسين أداء الألواح الشمسية في مجمّع البحوث في "جامعة الملك عبدالله". (الصورة من صفحة الجامعة على "فايسبوك")
تعريف الابتكار
يمكن تعريف الابتكار بعدّة طرق، أمّا بالنسبة لبيتيو فالابتكار لا يرتبط بالمنتَج نفسه ولكن بالتأثير الذي يخلّفه. "الابتكار الحقيقي هو كلّ ما يمكن أن يؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على المشاكل الإنسانية،" قالها بيتيو في إشارةٍ إلى المواضيع التي يركّز عليها صندوق التمويل الجديد.
وبالنسبة لعملية التمويل، فهي سوف تبدأ بعدما تنتهي برامج تسريع الأعمال التي تنظّمها "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية"، لمساعدة روّاد الأعمال على تطوير أفكارهم وتحضيرهم لجمع المال وحضور ورش عمل وفعاليات. ومن بين هذه الشركات الناشئة التي شاركَت في المعسكر التدريبي حول ريادة الأعمال الانسيابية lean startup، كانت شركة "نوماد" NOMADD التي طوّرَت نظاماً منخفض التكلفة لتنظيف الألواح الشمسية في الصحراء.
المسألة ليست في نقص الموارد المالية
تتوافر الموارد المالية في السعودية بكثرة، ولكنّهم يحتاجون في هذا البلد إلى التنويع في القطاعات التي يعملون عليها، بحسب بيتيو الذي قال: "[لدينا] في السعودية عددٌ قليلٌ من المستثمرين المهتمّين برأس المال المخاطر، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلّق بالاستثمار في شركةٍ تقنيةٍ ناشئةٍ في مراحلها الأولى."
أما الهدف الأكبر؟
"يجب أن ندعم الشركات الناشئة لدينا بأبعد من التمويل التأسيسيّ البسيط،" وفقاً لما أجاب بيتيو، متابعاً أنّه يجب أيضاً "تشجيع الشركات التقنية الناشئة التي تكون في مراحلها الأولى على الانتقال إلى السعودية، وجذب المستثمِرين المحلّيين وأصحاب رأس المال المخاطر الدوليين إلى البيئة الحاضنة للابتكار في المملكة، والتي لا تزال حديثة العهد نسبياً."