تشخيص حالة السوق: وصفة للنجاح في قطاع الرعاية الصحّية
الثورة الصحّية (مضدر
الصورة).
في وقتٍ لا يتوقّف فيه قطاع الرعاية الصحّية عبر الأجهزة النقّالة m-health في الشرق الأوسط عن النموّ، استضافَت دبي مؤتمرها الأوّل عن الرعاية الصحّية الرقمية "ديجيتال هيلث لايف" Digital Health Live 2015، الأسبوع الماضي، بمشاركة خبراء دوليين وقادة الفكر في هذا القطاع.
وكجزءٍ من المؤتمر، استضاف القسم الخاصّ بمؤسسّة روّاد الأعمال الصناعيين في دبي "ذا إندَس أنتربرينير" The Indus Entrepreneurs Dubai (TiE) ندوةً قمتُ بالإشراف عليها، تبحث في ثورة الرعاية الصحّية عبر الأجهزة المحمولة وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي إطار مناقشة توجّهات القطاع ونقاطه الهامّة، بالإضافة إلى ديناميّات التوسّع والفرص في المنطقة، تحدّث كلٌّ من جاك يونج، مدير صندوق التمويل "كوالكوم لايف فاند" Qualcomm Life Fund والشريك العامّ في "كوالكوم فينتشرز" Qualcomm Ventures؛ ومارتين كيلي، مؤسِّس "هيلث إكس إل" HealthXL ومديرها التنفيذيّ؛ وجوانا ووليرت ميلن، الشريكة المؤسِّسة في "ترايس إيماجينج" Trice Imaging Incومديرة العمليات التنفيذية فيها؛ وأشخان عبد الملك، مؤسِّس "عالم هيلث" AlemHealth ومديرها التنفيذيّ.
اللجنة: (من اليسار إلى اليمين) المشرف رولان ضاهر، جوانا ووليرت ميلن، جاك يونج، أشخان عبد الملك، مارتن كيلي.
إليكم بعض الأفكار والرؤى التي وردَت خلال هذه الندوة:
قم بعملية تشخيصٍ لسوقك: يوجد عدّة لاعبين في قطاع الرعاية الصحّية، وبذلك يكون الفشل في فهم الصورة العامّة والديناميّات المختلفة بين مكوّنات هذا القطاع بمثابة وصفةٍ للكارثة.
إنّ المريض يقع في صميم البيئة الحاضنة، فهو/هي يتمّ خدمته من قبل ‘مزوّدي الخدمات‘ (مستشفيات، عيادات)، ومن ‘واصفي العلاجات‘ (الأطبّاء). ويحصل هذان الأخيران على المال من ‘دافعي المال‘ (يمكن أن يكون المريض هو نفسه من يدفع)، وكلّهم يعملون تحت أنظار هيئاتٍ تنظيميةٍ (مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA)، ويتأثّرون بالسياسات العامّة (قانون المحاسبة للتأمين الصحي HIPAA وبرنامج المساعدة الطبية MMA). أمّا الفخّ الذي يقع فيه روّاد الأعمال غالباً، فهو، بحسب عبد الملك، التركيز على لاعب واحدٍ وتجاهل الآخرين، ممّا يؤدّي إلى فشلهم عند ذهابهم إلى السوق.
إنقاذ الأرواح لا يكفي: أشار يونج إلى القيود الحكومية على النفقات المتعلّقة بالرعاية الصحّية، وكيف ساهمَت في تعزيز الابتكار في مجال الرعاية الصحّية الرقمية. فاللاعبون في البيئة الحاضنة، يضطرّون أثناء العمل ضمن فاتورةٍ صحّيةٍ صغيرة، أن يكونوا مبتكِرين بهدف الحدّ من التكاليف والحفاظ على هوامش الربح. ولكنّ هذا، لسوء الحظ، لا يكفي لكي يكون المنتَج أو الخدمة لإنقاذ الحياة وحسب. ويجب أن يؤخَذ الاقتصاد بعين الاعتبار، بحيث يقوم ‘دافعو المال‘ بالدفع أقلّ أو يقوم ‘مزوّدو الخدمات‘ بزيادة الإنتاج.
لا يمكنك التوسّع مثل "أوبر" Uber: بدورها، أثارت ووليرت ميلن قضية الحصول على موافقةٍ في بلدٍ جديد. فإذا كان أحدهم محظوظاً، سوف يتطلّب الأمر المستوى نفسه من الاستثمار في الوقت والمال. ومع ذلك، قد تزداد الأمور سوءاً.
وكمثالٍ على ذلك، تمّ ذكر تصنيف المنتَج الذي قد يختلف من بلدٍ لآخر، ممّا يستتبع خوض عملية موافقةٍ مختلفة؛ قد تختلف القوانين بشكلٍ كبيرٍ بين البلدان، كما هو حاصلٌ في الولايات المتّحدة الأميركية حيث يُسمَح بتخزين صورة المريض سحابياً، ولا يُسمَح بذلك في فرنسا. وهذه العقبات هي من القيود الرئيسية التي يمكن أن تعاني منها أيّ شركةٍ تريد أن تعمل مباشرةً أو من خلال الشراكة في مشروعٍ ما مع شركةٍ محلّية (كما هو الحال في الصين). ولذلك، حتى لو حاولتَ التمثّل بشركة "أوبر" ضمن قطاع الرعاية الصحّية، فإنّك لن تكون قادراً على التوسّع بالطريقة ذاتها.
لا بدّ للفيَلة أن ترقص في النهاية: فيما يسعى قطاع الرعاية الصحّية للتحوّل باتّجاه تحسين النتائج، وفيما تتصاعد الضغوط المالية، فإنّ الشركات الكبرى تنفتح أكثر وأكثر على التعاون مع الشركات الناشئة.
مع الإشارة إلى اقتناع كبرى الشركات بحقيقة أنّ الابتكار يحدث بشكلٍ أسرع في عالم الشركات الناشئة، وخصوصاً في قطاع الرعاية الصحّية الرقمية، انقسم المتحدّثون في آرائهم حول كيفية. ففي حين تشبّه ووليرت ميلن العمل مع الشركات الكبرى بالرقص مع الفيَلة، يقول كيلي إنّ الشراكة بين الشركات الكبرى والشركات الناشئة يمكن أن تتحسّن. ومردّداً فلسفة برنامج "تراكشن" Traxn من "ومضة"، الذي يقوم على ربط الشركات الناشئة القائمة بالموارد الصحيحة ضمن الشركات الكبرى، يعتقد كيلي أنّ وجود الشركات الكبرى أمرٌ حيويٌّ لتوسيع الابتكار في الشركات الناشئة.
في المرّة القادمة، سوف أعمل على استكشاف آراء المتحدّثين والتوجّهات المتوَقّعة، حول ما سوف يبدو عليه قطاع الرعاية الصحّية في العقد القادم.