غرين ٱل: تحويل المخلفات المنزلية إلى كهرباء
في الجزائر، تصل المخلفات المنزلية إلى 13 مليون طن كل عام، أو ما يوازي كيلوجرامًا واحدًا لكل فرد يوميًّا، وتجدر الإشارة إلى أن 45% من هذه المخلفات يمكن إعادة تدويرها، لكن الدولة في الوقت الحالي تعيد تدوير 4% فقط.
أما خيرة بن عيسى مؤسسة غرين الجزائر، Green Algeria الشركة التي يُشار إليها أحيانًا باسم GreenAL، فقد دفعتها هذه الإحصائية الصادمة إلى تطوير حل يساعد الأسر على تخفيض المخلفات، وبدأت في إنشاء نظام تحلل حيوي متنقل لتحويل المخلفات العضوية إلى غاز قابل للاشتعال يُستخدم في أغراض الطبخ وضخ المياه، وسماد عضوي يُستخدم في الأغراض الزراعية.
تقول بن عيسى: "بعد حصولي على درجة الدكتوراه (في إدارة المخلفات)، بدأت أفكر في تأسيس شركة بهدف إيجاد حل للمجتمعات المعزولة والمزارعين في جنوب الجزائر الذين ينقصهم مصادر الطاقة وليس لديهم غاز أو كهرباء".
تقول بن عيسى: "تغطي الصحراء قرابة 80% من مساحة الأرض في الجزائر، وعلى الرغم من أن الدولة هي الأعلى في إفريقيا في إمكانية الحصول على الكهرباء، فإن هذه المناطق المعزولة بها مجموعات لا تزال تعاني "محدوديةَ الحصول على الطاقة"، ولا تستطيع الجزائر بناء خطوط أنابيب بسبب طبيعتها الجبلية، ومن الصعب الوفاء بمتطلبات هذه المجتمعات المعزولة بسبب ارتفاع التكاليف".
في البداية، عملت بن عيسى على حلٍّ يهدف إلى تحويل روث الإبل إلى وقود حيوي، لكن سرعان ما تحول انتباهها إلى المخلفات المنزلية ومخلفات المطبخ. يقدم نظام التحلل الحيوي الذي طورته GreenAL أداتين مختلفتين؛ الأولى مخصصة للاستخدام المنزلي ويصل سعرها إلى 600 دولار أمريكي تقريبًا، مع إمكانية إنتاج غاز حيوي مدة ساعتين وهو ما يوازي ساعتين من الكهرباء، وأما الأداة الثانية فهي للاستخدام الصناعي بتكلفة 915 دولارًا، مع إمكانية إنتاج 6 ساعات من الغاز الحيوي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التكلفة ليست في متناول كثير من عملاء شركة GreenAL، وهو ما دفع الشركة إلى تبني استراتيجية "الشراء الآن والدفع لاحقًا" لتشجيع العملاء الذين لا يمكنهم تحمل تكاليف شراء هذه الأدوات، وأسست الشركة مقرًّا فعليًّا في مدينة الجزائر أيضًا، وعقدت شراكات مع متاجر زراعية لتتمكن من الوصول إلى المجتمعات التي قد لا تتمتع بخدمات الإنترنت.
وعلى الرغم من أن الحل الذي ابتكرته الشركة هو وليد دولة الجزائر ويهدف إلى تلبية احتياج محلي، فإن بن عيسى تؤمن بأن نجاح هذا الحل سيتعدى حدود الدولة، فقد بدأت شركات مثل ميتسوبيشي وغيرها من الشركات العالمية المهتمة بمجال مصادر الطاقة المتجددة والمستدامة في تقديم حلول مشابهة.
"يستطيع منتجنا تقليل البصمة الكربونية من 2000-6000 طن من بصمة ثاني أكسيد الكربون، أما الدول (خارج الجزائر) تدفع أموال للشركات العاملة في مجال تقليل الانبعاثات الكربونية، ونحن نقدم منتجًا بإمكانه الحفاظ على البيئة وتقليل البصمة الكربونية"، وفقًا لما قالته بن عيسى.
وكما هو الحال مع نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي، يعتمد الاقتصاد الجزائري اعتمادًا كبيرًا على قطاع المحروقات الذي يمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) و90% من صادراتها. وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، سعت الجزائر إلى تنويع اقتصادها ورأت في ريادة الأعمال الوسيلة لتحقيق ذلك، فقد كانت الجزائر من بين الدول الأولى التي أسست وزارة للشركات الناشئة، وأطلقت الحكومة مؤخرًا الصندوق الجزائري للمؤسسات الناشئة Algeria Startup Fund بقيمة 411 مليون دولار للاستثمار في الشركات الناشئة في 58 ولاية، مع إمكانية حصول الشركة الناشئة الواحدة على تمويل يصل إلى مليون دولار.
وعلى عكس الدول المجاورة لها في مجلس التعاون الخليجي، لا تتمتع الجزائر بالمستوى نفسه من الاستقرار أو البنية التحتية التي تساعد الشركات الناشئة على الازدهار، ويعمل مؤسسو الشركات الناشئة تحت وطأة اللوائح التنظيمية المرهقة والقيود التي تفرضها البيروقراطية.
تقول بن عيسى التي كافحت من أجل تسجيل شركتها بسبب عملها في وظيفة محاضرة جامعية: "من الصعب تأسيس شركة، وعندما أسست شركة GreenAL، أمضيت 20 يومًا بين البنك والمكاتب لأتمكن من إتمام التسجيل، وهذه المسألة مكلفة للغاية إذ توازي راتب خمسة أو ستة أشهر (وفقًا لمتوسط أجور الجزائريين)".
وتقول أيضًا: "أعمل في وظيفة حكومية، وكان لدينا قانون يمنع الشخص من العمل في وظيفتين، وكان عليَّ الانتظار شهورًا قبل تغيير هذا القانون".
وعلى الرغم من توفر مزيد من التمويل للشركات الناشئة، فإن الاستثمار لا يزال تحديًا كبيرًا، ومع ذلك نجحت شركة GreenAL حتى الآن في الحصول على تمويل من المسابقات والمنح، وحصلت على جائزة الريادة النسائية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط 2022.
تقول بن عيسى: "نشعر ببعض الدعم، لكن ليس من السهل الحصول عليه، فالجزائر دولة كبيرة والمنافسة قوية جدًّا جدًّا، ويصعب دائمًا الحصول على التمويل بسبب البيروقراطية التي تمثل العقبة الأكبر في طريقنا".