هل يعرقل انهيار العملات الرقمية ثورة الويب القادمة؟
ريتشارد واترز وهانا ميرفي في سان فرانسيسكو وسكوت شيبولينا في لندن
إيثان بوشمان، الشريك المؤسس في شبكة Cosmos للبلوك تشين يبذل قصارى جهده في التحدث بكلمات رزينة خالية من أي انفعالات. فمنذ شهر يناير، أدى انهيار أسعار العملات الرقمية إلى شطب 80% من قيمة الرموز المميزة لعملة Atom التي ترتكز عليها Cosmos مما أدى إلى اقتطاع 10 مليار دولار من إجمالي قيمتها.
يقول بوشمان عن انهيار سعر الرموز المميزة Tokens التي تُستخدم في تأمين الشبكة: "بعض الأشخاص يفقدون أعصابهم والبعض يشعرون بالرعب، لكن آخرون يرونها فرصةً للإصرار على ما يؤمنون به".
ويضيف جوزيف لاو، الشريك المؤسس في شركة بلوك تشين أخرى تُسمى Alchemy: "(عندما ينهار السوق) تكون دائمًا لحظة مرعبة للجميع ". ويُصر على أن أسعار العملات الرقمية المتهاوية لا تعني أن كل المشروعات المرتبطة بها مصيرها الفشل أو أن المطورين العاملين عليها سوف يفقدون اهتمامهم. فانهيار الأسعار لا يعني أن مشروعات العملات الرقمية "لن تحقق زخمًا على المدى البعيد". الأشخاص العاملون في هذه المشروعات "مستمرون في التطوير بصرف النظر عن الأسعار".
أما إن كانت آراء لاو وبوشمان غير صحيحة، فقد تتوقف الثورة التي تشهدها العملات الرقمية. إن الانهيار الذي شهده السوق هذا العام، والذي يمثل جزءًا من الابتعاد الأوسع نطاقًا عن الأصول المالية المحفوفة بالمخاطر في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة، قد يُضعف بشدة الدوافع التي جعلت من العملات الرقمية إحدى الزوايا الساخنة في العالم التقني.
لن تجد شخصين لديهم هوس تقني متشابهين تمامًا، إلا أن انهيار السوق والمزاعم بأن الانهيار لن يعطل ثورة العملات الرقمية يعيد للأذهان لحظة أخرى مؤثرة في التاريخ التقني الحديث وهي ازدهار شركات الإنترنت وانهيارها في مطلع القرن.
السبب في حدوث الفقاعتين ظهور تقنية ثورية يُفترض أنها تُضعف سيطرة الجهات السياسية والتجارية على الأنشطة التي تحدث على الإنترنت وبداية عالم لامركزي على الإنترنت تنتقل فيه السلطة إلى الأشخاص. في حالة العملات الرقمية، بدأ شيء في صورة رؤية للنقود الرقمية يتمركز حول البيتكوين، ثم توسع وتحول إلى حركةً عُرفت باسم Web3 تعتمد على نفس تقنية البلوك تشين التي تسجل الأصول المشفرة وتتبع حركتها، وستدعم جيلًا جديدًا من الخدمات عبر الإنترنت يتحكم فيها المستخدم ومن شأنها إسقاط عمالقة الإنترنت اليوم.
تعريفات: التمويل اللامركزي DeFi
التمويل اللامركزي هو مصطلح شامل يضم مجموعة من مشروعات الأصول المشفرة التي تهدف إلى الاستغناء عن وسيط مركزي، مثل البنوك أو الصرافة، لتقديم الخدمات المالية، وتستخدم شكل جديد من التطبيق المُوزع المعروف باسم DApp لتنفيذ الخدمات المشتركة مثل الإقراض وحسابات الادخار والعملات التجارية.
في فترات الركود المالي نجد أيضًا متوازيات وثيقة. في شهر نوفمبر العام الماضي، ارتفع إجمالي قيمة كل العملات الرقمية إلى أعلى المستويات قبل انخفاضها قرابة 70%، مما أدى إلى اقتطاع تريليوني دولار من قيمتها. أما بيتكوين التي تمثل قرابة 42% من 900 بليون دولار المتبقية فقد تكون هي المسيطرة على المشهد، لكن العالم المشفر تشكله كثير من الأصول الرقمية الأخرى. خلال الثمانية أشهر التي تلت ارتفاع أسهم شركات الإنترنت في بداية عام 2000، قُدرت خسائر شركات الإنترنت المسجلة في البورصة بقيمة 1.7 تريليون دولار أو 60% من قيمتها.
ستيفان كاسريل، مدير التجارة والتقنيات المالية والمشرف على جهود بلوك تشين في مجموعة التواصل الاجتماعي Meta، من بين الأشخاص الذين يرون أنه بعد أن تهدأ الأمور، فإن الهوس بالعملات الرقمية شأنه شأن فقاعة شركات الإنترنت سوف يتضح أنه بمثابة المقدمة الجنونية لثورة تقنية أكثر استقرارًا واستمراريةً.
يقول: "تمر كثير من هذه التقنيات بنفس دورة الضجيج والجدل" وحدوث حالة من النشوة والتكهنات المبكرة التي يعقبها ركود، لكنه يضيف، مثلما حدث في فقاعة الإنترنت في بداية القرن، فإن تقنية بلوك تشين التي ترتكز عليها "تحل مشكلة حقيقية يواجها الأشخاص" وسوف تكون "مفيدة للعالم في العموم لفترة طويلة جدًا".
"محفوفة بالمخاطر ومَعيبة وغير مُثبتة"
هذا ليس معتقدًا عالميًا. فما طبيعة هذا "الشيء" بالتحديد، أو ما طبيعة استخداماته التي لا يمكن تنفيذها باستخدام التقنيات الموجودة اليوم، ليست أمورًا واضحة. تُستخدم التقنيات المشفرة حتى الآن في المضاربات المالية والأنشطة الإجرامية والتمويل اللامركزي DeFi (الموجود خارج الأطر التنظيمية) واستحداث الرموز الرقمية الفريدة وتجارتها والمعروفة باسم NFTs التي مرت بمرحلة ازدهار وركود.
تقول مارثا بينيت، التي كانت تعمل مديرة للتقنيات المتطورة في مجموعة التأمين Prudential في المملكة المتحدة في ذلك الوقت: "جزء كبير من اللغة (الخاصة باللامركزية) عبارة عن نسخة طبق الأصل تقريبًا مما تحدثنا عنه في التسعينات"، لكنها أشارت إلى فرق جوهري بين الأيام الأولى من شبكة الإنترنت وWeb3 الآن: "كانت لدينا كثير من الخدمات في عام 1995، فلدينا بريد إلكتروني وكثير من المعلومات على الإنترنت، أما في حالة Web3، فليس لدينا أيًا من هذا".
بينيت التي تعمل الآن في تحليل التقنيات الجديدة في مؤسسة Forrester Research تقول إن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على ما إذا كنا سنجني أشياء نافعة تستمر معنا، إلا أن مجموعة متزايدة من المنتقدين في عالم التقنية يرون أنه بخلاف ما حدث أيام فقاعة الإنترنت، فإن التقنيات التي تعتمد عليها العملات الرقمية لا تتمتع بمميزات الاسترداد على الإطلاق.
في مايو، كتبت مجموعة تتكون من 26 عالمًا وأكاديميًا في مجال الحاسوب إلى أعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة للتحذير من هذه التقنية "المعيبة وغير المثبتة والمحفوفة بالمخاطر". بروش شناير، الخبير في أمن الحاسوب وأحد الكتاب يقول إن أي تطبيق مبني للعمل على بلوك تشين سيكون أكثر أمانًا وعمليًا وأقل تكلفةً إن كان يعتمد على تقنيات أخرى، ويقول: "أيًا كان ما تفعله، فمن الأفضل أن يكون من دون تقنية بلوك تشين".
يعود ازدهار العملات الرقمية إلى التقنيات الجديدة والقوى الاجتماعية المناهضة للمؤسسات والدوافع المالية القوية التي اجتمعت في عصر يسهل فيه الحصول على القروض مما أدى إلى إنتاج مزيج متفجر، ومع انتهاء هذا العصر، فهي الآن تدخل مرحلة جديدة صعبة.
وإذا ما أردنا اختصار الآراء ضد العملات الرقمية وWeb3، فيل ليبين، عالم الحاسوب والمدير التنفيذي السابق في Evernote، تطبيق تدوين الملاحظات، يصف القوى التي أدت إلى زيادة حجم الفقاعة: "80% طمع و20% أيديولوجية وصفر في المئة تقنية".
تعريفات: إيثريوم
بلوك تشين شارك في تأسيسها فيتاليك بوتيرين وهو عالم حاسوب كندي روسي. تُعد إيثريوم في صميم جهود Web3 لتحويل بلوك تشين إلى ما هو أكبر من مجرد قاعدة بيانات لعمليات الانتقال. التقنيات الخاصة بها بإمكانها الاحتفاظ بالأصول وتُمكن المبرمجين من تكويد مهام الشراء والبيع في عقود ذكية، إضافةً إلى توفير الركائز الأساسية لأغلب التطبيقات الموزعة DApps للتمويل. أما إيثر Ether الرمز المميز المرتبط بإيثريوم فهو ثاني أعلى عملة رقمية تداولًا على مستوى العالم.
الحماس تجاه العملات الرقمية في عالم التقنية يدعمه الاعتقاد بأن بلوك تشين، وهي عبارة عن قواعد بيانات مفتوحة وموزعة يستطيع أي شخص نظريًا تحديثها، تمثل أساسًا جديدًا للأنشطة على الإنترنت. أما البلوك تشين العام فتستخدم "آليات إجماع" ذات تصميم خاص ليتمكن المشاركون من الموافقة على التحديثات بدقة. يزعم المؤيدون أن بلوك تشين والعملات الرقمية المستخدمة للتصديق على هذه التحديثات سوف تكون الأساس لمجموعة جديدة من الخدمات على الإنترنت يكون المستخدمون فيها هم المسيطرون بدلًا من المؤسسات أو الحكومات.
وإذا ما نظرنا إلى مؤيدي Web3 فهم يعترفون بأن تقنيات بلوك تشين الحالية غير كافية إطلاقًا لدعم الخدمات الجماعية على الإنترنت. أما شبكة إيثريوم التي تعد في صميم أنشطة Web3، بإمكانها معالجة 30 معاملة فقط بحد أقصى في الثانية الواحدة، في حين أن الشبكات الأحدث والأسرع مثل سولانا Solana لا تزال في حاجة إلى إثبات قدراتها. من الصعب على غير الخبراء التعامل مع هذه التقنية ولا تزال تعاني من مشكلات في الخصوصية والأمان والأمور القانونية.
يقول المؤيدون إن كل ذلك نتيجة عدم النضج التقني وليس بسبب أخطاء جوهرية. جوان بينيت، الرئيس التنفيذي في Protocol Labs التي تمتلك شبكة Filecoin وهي بمثابة سوق لامركزي للتخزين الحاسوبي، يقارن بلوك تشين الموجودة اليوم بالأيام الأولى للحوسبة السحابية. في هذا الوقت، كان موضوع الحوسبة السحابية يثير اهتمام كثيرين في الصناعة التقنية في التسعينات، ويقول لكنها "احتاجت 20 عامًا لبنائها" قبل أن نراها بديلًا جديًا. ويتوقع أننا في انتظار "نضوح" تقني مماثل في العملات الرقمية.
في غضون ذلك، فإن نموذج اللامركزية المثالي كما يتخيله المتحمسون للعملات الرقمية يواجه خطر الإضعاف إلى الحد الذي يصعب فيه التفريق بينه وبين التقنية التي يسعى إلى إحلالها.
أحد التحولات ذائعة الصيت تتمثل في رؤية آليات "إثبات العمل" (التي تشمل تنافس "عمال المناجم المشفرة" في حل ألغاز التشفير للتحقق من القيود الجديدة على بلوك تشين واستهلاك كميات ضخمة من الطاقة) واستبدالها بنظم "إثبات الحصة" (حيث يستطيع الأشخاص الذين يمتلكون عملات رقمية بالفعل التحكم في كيفية إدارة الشبكة). وفقًا للتعريف، فإن نظم إثبات الحصة تعطي أغلب السلطة للأفراد الأكثر ثراءً وهو ما يُضعف من الفكرة المثالية للسلطة الموزعة التي ترسخها نظم العملات المشفرة كما يقول ليبين.
البنية التحتية للتقنية الجديدة المبنية على رأس بلوك تشين مصممة لتجعلها أسهل في الاستخدام وتعالج عدد أكبر من المعاملات، لكنها تهدد أيضًا بإضعاف طبيعتها اللامركزية. فيمكنها أن تؤدي إلى ظهور مجموعة جديدة من الشركات المسيطرة التي تعمل باعتبارها "جهات حارسة" وتتحكم في إمكانية الوصول إلى التقنية بنفس الطريقة التي تتحكم بها شركات التقنية الكبرى اليوم في العالم على الإنترنت كما تقول بينيت في Forrester.
ويب 3 بالمقارنة مع شركات التقنية الكبرى
تسلل المركزية إلى منصة الحوسبة Web3 التي يُفترض أنها موزعة سوف يؤدي إلى تكرار مسار الشبكة التي سبقتها. إن بروتوكولات التواصل المفتوحة التي يعتمد عليها الإنترنت تمنع أي حكومة أو منظمة من ممارسة سيطرتها، إلا أن النظام أتاح فرصًا متعددة للشركات الخاصة لبناء إمبراطوريات على راس المؤسسات التقنية التي وعدت بعالم أكثر ديموقراطية على الإنترنت ولكنها لم تستطع الوفاء بوعدها.
هذا يساعد في تفسير سبب اهتمام شركات مثل Meta بتجربة بلوك تشين على الرغم من الحديث عن كون Web3 يمثل تهديدًا وجوديًا لشركات الإنترنت العملاقة الحالية.
يقول كاسريل عن التقنية المبنية عليها شركة التواصل الاجتماعي المعروفة سابقًا باسم فيسبوك: "كانت المسألة دائمًا عبارة عن مزيج من الأشياء المركزية والأشياء اللامركزية". تشمل خططها في الوقت الحالي استحداث بلوك تشين يُمكِّن مطوري البرمجيات من التحكم في المحتوى الرقمي الذين يريدون مشاركته على شبكات Meta.
تعريفات: إثبات العمل بالمقارنة مع إثبات الحصة
في نظم إثبات العمل، تتنافس مجموعات تُعرف باسم عمال المناجم المشفرة في حل ألغاز التشفير للتصديق على المعاملات مع حصول الفائز على جوائز في صورة عملات رقمية. هذه النظم التي تشمل بيتكوين تُنتقد على نطاق واسع بسبب كم الطاقة الهائل المستخدم في محاولة حساب النتيجة. أما نظم إثبات الحصة تختار شخص اختيارً عشوائيًا للتصديق على المعاملات من بين مجموعة من الأشخاص يمتلكون العملة المشفرة وأثبتوا حصة ممتلكاتهم أو نشروها باعتبارها ضمان داخل الشبكات. هذا النظام يستخدم طاقة أقل بكثير مقارنةً بنظام إثبات العمل، لكنه يركز السيطرة في أيدي أصحاب العملات الرقمية الأكثر ثراءً. تقع إيثريوم في منتصف تحول تأخر طويلًا ما بين إثبات العمل وإثبات الحصة.
الشركة ليست في حاجة إلى استخدام بلوك تشين لهذه الفكرة كما يقول كاسريل. وأضاف أنه على المستوى التقني، يمكنها الوصول إلى نفس النتيجة باستخدام أساليب أخرى، لكن التنازل عن السيطرة من خلال بلوك تشين سوف يساعد في تهدئة الأشخاص الذين لا يثقون في Meta للاعتناء بمصالحهم
وعلى الرغم من ذلك، يرى المنتقدون مثل شناير أن أوجه القصور التي تعاني منها هذه التقنية كبيرة جدًا مما يجعل استخدامها العملي ضعيف. وفي حال تبين لنا أن الوعد بوجود عالم لامركزي على الإنترنت هو مجرد وهم، فلن يتبقى سبب واحد للتوصية باستخدام التقنية.
إذا استمرت الشكوك الخطيرة بخصوص الجدوى طويلة المدى للتقنية وراء Web3، فهذا يعني قلة الشكوك بخصوص القوى التي انطلقت بسبب ازدهار العملات الرقمية. إن هذا المزيج من المثالية والطمع يشبه النشوة التي كانت مسيطرة في أثناء فقاعة الإنترنت. وفقًا للمؤيدين، فإن وجود عدد كبير من الأشخاص الملتزمين تجاه القطاع يجعل هذه التقنية أمرًا يستحيل تجاهله.
يقول أفيشال جارج في Electric Capital وهي مؤسسة استثمار متخصصة في الشركات الناشئة في مجال Web3: "لدينا قاعدة أساسية على الإنترنت، في حالة وجود 100 مليون شخص يعملون شيء معين، فهو شيء يستحق الانتباه".
بناء أمازون متخصصة في Web3
في صميم هذا الهوس، نجد العملات الرقمية والرموز المميزة Tokens وهي جزء لا يتجزأ من شبكات بلوك تشين. إن رغبة الناس في إعطائها قيمة، إما لأن شأنها شأن البيتكوين يُعتقد أن لها بعض المواصفات المشتركة مع النقود، وإما لأنها محورية في الشبكات على الإنترنت التي قد تدعم يومًا ما اقتصادات جديدة رقمية ولامركزية، كانت القوة الدافعة وراء ازدهار سوق العملات الرقمية.
القيمة المرتفعة لهذه الأصول الرقمية أوجدت سبيلًا لتمويل مشروعات بلوك تشين مثل Cosmos وجذب الموهوبين إلى هذه الصناعة، إضافةً إلى أنها لفتت انتباه مستخدمي الإنترنت إلى أولى خدمات المستهلكين المبنية على بلوك تشين. وتشمل هذه الخدمات ما يُعرف باسم ألعاب "اللعب من أجل الربح" حيث يتسنى للمشاركين الفرصة لربح رموز مميزة tokens يمكنهم بيعها فيما بعد.
يقول فينود خوشلا، أحد المستثمرين المغامرين في وادي السيليكون، إن هذه الحوافز المالية الجديدة يمكنها حل مشكلة مزمنة تواجه الشركات الناشئة التي تخدم المستهلكين عبر الإنترنت وهي كيف تجذب عددًا كافيًا من الأشخاص لتتمكن من البدء في تقديم خدمة جديدة، وتستفيد من تأثير الشبكة الذي يجعل الخدمات عبر الإنترنت أكثر قيمة كلما استخدمها عدد أكبر من الأشخاص.
يرى المنتقدون أن استخدام الرموز المميزة لتحريك التفاعل على الإنترنت يعطي المستخدمين دافعًا ماليًا لتنفيذ أفعال معينة كانت قبل ذلك لا تخضع للحوافز التجارية، وقد يؤدي ذلك إلى "تمويل" الخدمات عبر الإنترنت الذي يحول كل تفاعل إلى فرصة لتحقيق أرباح.
أما ريان وات، المدير السابق في مجال الألعاب في YouTube ويدير حاليًا شركة ألعاب بنظام بلوك تشين تسمى Polygon Studios يرى أن هذا الانتقاد يفشل في إظهار الطبيعة عالية التنوع للخدمات المقدمة عبر الإنترنت. من بين الأشخاص الكثيرين الذي يلعبون الألعاب على الإنترنت، نجد عدد قليل نسبيًا منهم يحتاج المشاركة في ألعاب مبنية بنظام بلوك تشين ليتمكن من النجاح.
وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار الأصول الرقمية كان عاملًا قويًا في شق طريق الصعود، فإن انخفاض الأسعار الآن يثير المخاوف من أن تتسبب هذه الأسعار في السقوط بشدة إلى أسفل.
سوف يؤثر انهيار الأسعار بالسلب على الموارد المالية لمشروعات بلوك تشين التي استفادت من قيمة الرموز المميزة المرتفعة. فالكثير من الأشخاص يبيعون الرموز المميزة للحصول على سيولة نقدية ويحتفظون بمدخراتهم في صورة عملات رقمية مما يجعلهم عرضةً لانهيار أسعار العملات الرقمية.
لا يزال المناصرون يزعمون حدوث تغير كبير فيما يطلبه المستخدمون وأن هذا التغير ظاهرة ستعيش فترة أطول مقارنةً بفقاعة الإنترنت. يقول ويات إن توقعات جيل من مستخدمي الإنترنت قد تغيرت بالفعل بسبب العملات الرقمية، ويعتقد أن الأشخاص لن يَقبلوا بخدمات عبر الإنترنت تتركهم من دون أي سيطرة أو حصة في الأرباح.
تزعم المنظمات بما فيها Cosmos وAlchemy أن أسعار العملات الرقمية المنهارة لم تُضعف عزيمة المطورين المسؤولين عن بناء شبكاتهم. وفقًا لآراء المؤمنين بالعملات الرقمية، فإن صعوبة توقع الاستخدامات النهائية للتقنيات التي تعتمد عليها العملات الرقمية وWeb3 لا ينبغي أن تكون مصدرًا للقلق. وفي النهاية، كثير من الأشياء التي يرتكز عليها عالم الإنترنت اليوم، بدءًا من شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك ومرورًا بإنترنت الهاتف المحمول الذي حركه الآيفون ومنصة الحوسبة السحابية Amazon Web Services لم ترَ ضوء النهار إلا بعد مرور فترة من الركود الذي سببته شركات الإنترنت.
يقول ويات في Polygon Studios "لو استغرق الأمر 10 سنوات لنرى شركة مماثلة لأمازون في Web3 فلا مشكلة". "فهذه شركة تساوي التريليونات من الدولارات ستكون معتمدة على بلوك تشين. أظن أننا سوف نكون سعداء بذلك".
حقوق النشر The Financial Times Limited 2022
© 2022 The Financial Times Ltd. جميع الحقوق محفوظة. يُرجى عدم نسخ ولصق مقالات FT وإعادة توزيعها باستخدام البريد الإلكتروني أو نشرها على الإنترنت.