شركة "مُزارع" تُقدم قروضاً لصغار المزارعين في مصر
أشارت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى أن القطاع الزراعي أكبر قطاع توظيف في مصر، حيث يعمل في الزراعة ما يقرب من 28% من إجمالي القوى العاملة. ولكن صغار المزارعين عادةً ما يحققون أقل هوامش ربح على مستوى سلسلة إمدادات الأغذية الزراعية.
وفي ظل مواجهة كثير من التحديات مثل ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية المستوردة، بالإضافة إلى التقلبات العالمية في العرض والطلب الناجمة عن أزمة كوفيد-19، لا يزال صغار المزارعين يعانون اقتصادياً، لا سيما في غياب الدعم الحكومي المباشر.
وصرَّح حسين أبو بكر، أحد مؤسسي شركة "مُزارع" الناشئة للتكنولوجيا المالية الزراعية، قائلاً: "بذلت وكالات التنمية والحكومات جهوداً كثيرة لتحسين وضع صغار المزارعين طوال الفترة الماضية التي تتراوح من 10 سنوات إلى 12 سنة. ولكن معظم هذه البرامج قصيرة الأجل وتتناول جانباً واحداً من المشكلة، لذلك أردنا توفير منتج يمكنه معالجة المشكلة الرئيسية التي تؤثر على صغار المزارعين، سواء مشكلة مالية أو تقنية أو تجارية".
وقد تأسست شركة مُزارع في أيار/ مايو 2021 على يد أبو بكر وتامر الراجي ومحمد عكاشة، وتسعى إلى تقديم الخدمات المالية للمزارعين الذين لا يتلقون خدمات بنكية.
وتعتمد هذه الشركة الناشئة على حاجة المزارعين المتزايدة إلى القروض الائتمانية البالغة الصغر، في ظل الزيادة الحالية في وسائل الدفع عبر الهاتف المحمول التي سرَّعتها أزمةُ كوفيد-19. وتأمل الشركة أن تصبح مركزاً شاملاً يسمح للمزارعين بإجراء المعاملات المالية إلكترونياً، مثل دفع الفواتير وتحويل الأموال وشراء السلع والخدمات.
ومن أهم الصعوبات التي تواجه صغار المزارعين افتقارهم إلى التمويل الكافي في الوقت المناسب. ولذلك يلجأ المزارعون عادةً إلى المستثمرين الأفراد للحصول على المال.
يقول أبو بكر: "لا يمتلك صغار المزارعين الأصول اللازمة للحصول على قروض، على عكس كبار المزارعين، وإذا حصلوا عليها، فلا تكون كبيرة بما يكفي لتغطية تكاليف عملية الزراعة نفسها. ونهدف إلى مواجهة التحدي الأزلي المتمثل في موسمية التدفق النقدي عن طريق تقديم قروض متناهية الصغيرة للمزارعين لمساعدتهم على تمويل العملية الزراعية بأكملها وإدخالهم تحت مظلة الشمول المالي".
وإضافةً إلى ذلك، تقدم هذه الشركة الناشئة مجموعة متنوعة من المنتجات التمويلية الضمنية، مما يُمكِّن المزارعين من شراء المبيدات الحشرية والشتلات والأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية. وبعد بيع المحصول أو تصديره، يمكن للمزارع سداد المبلغ الذي اقترضه إلى جانب تكاليف هذه المنتجات عبر أقساط.
الزراعة التعاقدية
تهدف شركة مُزارع إلى تمكين المزارعين من الحصول على مصدر دخل ثابت، وتُسهِّل أيضاً على المزارعين إبرام اتفاقات الزراعة التعاقدية، من خلال ربطهم بشبكة المُصنِّعين والموزعين التي كوَّنها أبو بكر من خلال عمله في شركة Plantform، وهي شركة لتجهيز المنتجات الزراعية أسسها منذ ست سنوات. فتحصل الشركة على المواد الخام والمنتجات الطازجة من المزارعين مباشرةً، وتحولها إلى منتجات غذائية، ثم تبيعها في مصر وفي أسواق دولية أيضاً.
ويرى أبو بكر أن شركة مُزارع تُعدّ خطوةً نحو مزيد من "التوسع الأفقي" لخدمة مزيد من المزارعين وربطهم بالشركات المُصنِّعة من خلال أداة قائمة على البيانات.
وأوضّح أبو بكر ذلك قائلاً: "الزراعة التعاقدية تُمكِّن المزارعين من التخطيط المسبق، والاستثمار، والحصول على التمويل، مع السماح لهم باستعادة مكانتهم في سلسلة الإمدادات الزراعية. كما أنها تمنح المُصدِّر القدرة على زيادة حجم مبيعاته بسعر متفق عليه مسبقاً. وتغيير الطريقة التقليدية [للزراعة التعاقدية] بجعلها عملية قائمة على التكنولوجيا، سيساعدها في نهاية المطاف على اكتساب زخم أكبر في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
ومن بين 20 ألف مزارع يستخدمون تطبيق Mozare3، يتعاون 1000 مزارع مباشرةً مع سبع شركات مُصنِّعة موجودة على المنصة. وتأمل الشركة في العام المقبل أن تضم ما يصل إلى 1500 مزارع، ومزيداً من الشركات المُصنِّعة.
التمويل
في أيار/ مايو 2021، حصلت شركة مُزارع على 1.1 مليون دولار في جولة تمويل ما قبل التأسيس بقيادة شركة Algebra Ventures وصندوق Disruptech، وهي في طريقها إلى إتمام جولة أخرى في الفترة المقبلة.
وقد أدى العمل في قطاع متخصص مثل الزراعة والتمويل إلى زيادة صعوبة حصول أبو بكر على التمويل، ولكن كونه من أصحاب السبق في هذا المجال ساعد على زيادة نشر الوعي في السوق، لا سيما بين المستثمرين.
واختتم أبو بكر حديثه قائلاً: "لا تزال [التكنولوجيا الزراعية] تُعتبر قطاعاً غير معروف بوجه عام، فما بالك بالتكنولوجيا المالية الزراعية. ولم يكن من السهل في البداية شرح المفهوم للمستثمرين، ولكن كانت لدينا ميزة السبق في اقتحام هذا المجال. وأعتقد أيضاً أن المستثمرين يتطلعون الآن أكثر من أي وقت مضى إلى تنويع استثماراتهم في قطاعات أخرى ودعم الحلول التي تعالج قضايا معقدة وتلبي احتياجات فئات في صميم المجتمع".