تحويل النفايات البلاستيكية إلى مواد بناء
كتبت مي الحبشي: يقود رائدا الأعمال المغربيان، سيف الدين لعلج وهدى ميروش، مهمة تحويل صناعة البناء في المغرب ومنطقة الشرق الأوسط.
في أثناء دراستهما للحصول على شهادات الدراسات العليا من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمدينة طنجة المغربية عام 2016، أسس رائدا الأعمال الشابان شركتهما "زليج إنفنت" Zelij Invent، وهي واحدة من أولى الشركات في المنطقة التي تنتج مواد بناء مستدامة من النفايات البلاستيكية.
وتستخدم "زليج"، وهي كلمة تعني الحجر المصقول باللغة العربية، الزجاجات والصناديق البلاستيكية الفارغة وغيرها من المنتجات لإنتاج أحجار رصف صديقة للبيئة. وتُصنع هذه الأحجار ـ التي تُصمم على طراز الفن الإسلامي القديم - من النفايات البلاستيكية بنسبة 80% ومواد صديقة للبيئة بنسبة 20%.
ورغم صغر سنهما، تحمّس سيف الدين وهدى للمساهمة في مبادرة المغرب لإعادة التدوير بعد مشاهدة أحد البرامج التلفزيونية.
وقال سيف الدين: "كنا نشاهد برنامجًا تلفزيونيًا، حين أعلن وزير الداخلية المغربي السابق أن المغرب قرر اتخاذ إجراءات للتخلص من الأكياس البلاستيكية من خلال حملة ‘صفر أكياس بلاستيكية’. ثم أدركنا أن أفضل حل للتخلص من النفايات البلاستيكية هو إعادة تدويرها لإنتاج مواد جديدة تكون مستدامة وقابلة لإعادة التدوير أيضًاً".
ورغم أن "زليج إنفنت" شركة ناشئة حديثة العهد، فإنها تزداد قوة يوماً تلو الآخر. وبعد أن انضمت لعدد من الحاضنات ومسرعات الأعمال داخل المغرب وخارجه، نجحت الشركة في جذب اهتمام المستثمرين لتمويل أعمالها. لكن طريق النجاح لم يكن سهلاً دائماً.
تخطي عقبات ريادة الأعمال
مثل العديد من رواد الأعمال الشباب، عانى سيف الدين وهدى من أجل تنمية شركتهما الناشئة. فلم يأخذ الكثيرون فكرتهما على محمل الجد؛ لأنهما ما زالا في أوائل العشرين.
وأوضح سيف الدين قائلاً: "في العالم العربي، وعلى الصعيد العالمي أيضاً، يربط الناس أحياناً بين السن والخبرة".
ولإثبات أن منتجهما كان مجدياً وناجحاً، طوّر الشابان نماذج أولية باستخدام مواردهما الخاصة المحدودة.
وقال سيف الدين: "لم يؤمن أحد بنا في البداية، باستثناء المركز المغربي للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية، وهي حاضنة أعمال في المغرب. فتح المركز أمامنا العديد من الفرص والأبواب لمزيد من التطور، لكن الأمر لم يكن سهلًا بالنسبة لنا. نظراً لقلة الدعم في بلدنا، بدأنا في تقديم طلبات الالتحاق ببرامج دولية، ثم بدأنا بالفعل في النمو".
وفقًا لمؤسسَيْ الشركة، ورغم نمو ريادة الأعمال في المغرب، ما زال العديد من المستثمرين يفضلون الاستثمار في الشركات الراسخة بدلاً من الشركات الناشئة؛ مما يسبب نقصاً في فرص التمويل لرواد الأعمال ويدفعهم إلى طلب الدعم في مكان آخر.
ومن خلال دعم برامج ريادة الأعمال والحاضنات ومسرعات الأعمال المحلية والدولية، تمكّنت شركة "زليج إنفنت" من النمو لتصل إلى ما هي عليه اليوم.
وأضاف سعد الدين قائلًا: "هذه البرامج منحتنا المعرفة والأدوات الأساسية التي كنا بحاجة إليها لإدارة شركتنا في جميع مراحلها المختلفة. في كل مرحلة، تعلمنا أدوات محددة للمضي قدماً".
تحقيق مستقبل أفضل
اليوم، تستخدم شركة "زليج إنفنت" 400 ألف كيلوغرام من النفايات البلاستيكية شهرياً لإنتاج أحجارها. وتتوقع الشركة استخدام المزيد من النفايات البلاستيكية بمجرد وصولها إلى طاقتها الإنتاجية المستهدفة بـ 8 آلاف متر مربع شهرياً عام 2019.
وأوضح سيف الدين قائلاً: "نوفر حلولاً تقنية خضراء لتحويل النفايات البلاستيكية إلى أحجار رصف وبلاط أرضيات مستدامة وصديقة للبيئة. منتجاتنا مستدامة 100% وأقل تكلفة ومتينة".
وتقديراً لجهودها في خلق أعمال مستدامة ومبتكرة، مُنِحَت الشركة جائزة Greenpreneurs Achievement لعام 2018 من الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في العاصمة الكورية الجنوبية سيول. ومن بين شركات ناشئة من 40 دولة شاركت في المسابقة، فازت "زليج إنفنت" بالمركز الأول وحصلت على 5 آلاف دولار أميركي.
وعن ذلك، قال سعد الدين: "هذا أعظم إنجاز لنا حتى الآن".
وتأمل الشركة في مواصلة المساهمة في البيئة وتعزيز التغيير الاجتماعي والحفاظ على الفن المغربي القديم.
واختتم سعد الدين حديثه قائلًا: "تجسد منتجاتنا من البلاط والأحجار جوهر الفن الإسلامي القديم الذي يعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي. تُعد إحدى قيمنا الأساسية هي الشراكة مع الحرفيين المغاربة للحفاظ على تراث العمارة المغربية القديم، وتعزيز العمل المسؤول الذي يدفع التقدم الاجتماعي والبيئي. هذه هي مهمتنا".
تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.
وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.