دراسة البرمجيات في بلد محافظ: الإنترنت مساحة تعليمية للنساء السعوديات
تعتبر الذهنية المحافظة تجاه المرأة في السعودية نعمة لقطاع التعليم عبر الإنترنت في المملكة. وورغم أنّ الإصلاحات الأخيرة مثل السماح للنساء بقيادة السيارة والترشح في الانتخابات البلدية، شجعت على المزيد من المشاركة، إلاّ أن الغالبية لا تزال ملتزمة بالتقاليد والقوانين الأكثر تقييداً في ما يخص السفر والفصل على أساس النوع الاجتماعي والمشاركة القانونية.
وأفسحت هذه القيود المجال لظهور جمهور نسائي ناشط على الإنترنت وبروز التعليم على الشبكة العنكبوتية كمدخل لاكتساب المهارات الضرورية للمشاركة في الاقتصاد.
ولاحظت شركة "أوداسيتي" Udacity الأميركية التي أطلقت برنامجاً لتعلّم كتابة الرموز البرمجية عبر الإنترنت في السعودية في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أنّ حوالي 55% من المشاركين في البرنامج هم الآن من الفتيات والنساء، وهي نسبة أعلى مما هي عليه في الولايات المتحدة وأوروبا حيث تبلغ مشاركة الإناث حوالي 30%.
ويقول هشام العربي، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الشركة إن "النساء السعوديات يعتبرن التكنولوجيا واحدة من أكثر الطرق الممكنة التي تمكّنهنّ من المساهمة في الاقتصاد". ويعيد السبب إلى أنّ "وظائف التكنولوجيا بشكل عام يمكن أداؤها عن بعد. لذلك سيتمكّنّ من العمل لحسابهنّ الخاص من المنزل".
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، تمثل النساء 22% فقط من القوة العاملة في السعودية، في حين يبلغ المتوسط العالمي 49%. لذلك تركّز رؤية المملكة 2030 الاقتصادية على زيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة وفي المجتمع كأحد الطرق الرئيسية لتشجيع النمو الاقتصادي.
انطلقت "أوداسيتي" في المنطقة في مصر عام 2015 وشاركت في مبادرة "المليون مبرمج عربي" في الإمارات العربية المتحدة والتي كانت فيها المرأة السعودية عنصراً ناشطاً أيضاً.
ويقول العربي "التحدّي يكمن في تغيير الذهنية حيال التعليم عبر الإنترنت. ولكن التبنّي السريع للفكرة الذي لاحظناه، يعني أنّ الأمور تتغير بسرعة كبيرة. ثمة طلباً كبيراً مكبوتاً، وها هو جيل الشباب ينتهز فرصة التكنولوجيا، فقد تسنّت له رؤية إمكانيات ذلك".
المشهد مشابه بالنسبة لأكاديمية "نون" Noon السعودية، وهي منصة تعليم على الإنترنت تستهدف طلاب المدارس الثانوية، حيث تشكّل الفتيات حوالي 70% من مستخدميها، وهنّ أكثر انخراطاً ويستخدمن المنصة للتعلم مع أقرانهنّ.
ويقول عبد العزيز السعيد، الشريك المؤسّس والرئيس التنفيذي للعمليات في أكاديمية "نون": "لدينا فتيات أكثر من الأولاد لأن القيود التي تواجه الفتيات أكبر [في المملكة العربية السعودية] ، فليس من السهل عليهنّ العثور على وسائل نقل للالتقاء بمدرّسيهن".
بالتوازي مع ذلك، ثمة عدد أقل من الجامعات للنساء في المملكة، وبالتالي فإن عدد المدرّسات متدنّي. ويعتقد السعيد أن عدم التوازن سيقلّ في نهاية الأمر مع زيادة مشاركة المرأة في المجتمع.
بدأت الشركة في جعل التعلّم أكثر متعة وتفاعلاً ولديها الآن 1.6 مليون طالب وطالبة على منصتها، أي حوالي 35% من سوق التعليم عبر الإنترنت.
ومع زيادة عدد النساء [والرجال] الذين يتعلمون عبر الإنترنت ويصقلون مهاراتهم، يتعيّن على القطاع الخاص أن يكون مستعداً لاستيعاب المواهب الناشئة وخلق الوظائف.
ويخلص العربي إلى أنه "من الجيد أن تعمل الحكومة كمحفّز، ولكن في مرحلة معينة، يجب على القطاع الخاص أن ينهض أيضاً"، مشدداً على أن المنطقة تعمل بشكل جيد على سد الفجوة في المهارات.