التأثير المتنامي للمؤثِّرين على منصات التواصل الاجتماعي
تبدأ الشركات الناشئة المؤثِّرة في بناء قاعدة صلبة لها في عالم التسويق الرقمي في المنطقة، تماماً مثلما يفعل اللاعبون الجدد حين ينضمون إلى لعبة قديمة.
أجرت ومضة مقابلات مع عدد من مؤسسي الشركات الناشئة المؤثِّرة، وسجّلت ثلاثة متغيرات أساسية تُستخدم لتحديد المؤثِّر على منصات التواصل الاجتماعي. وهذه المتغيّرات هي: المتابعون وجودة المحتوى ونسبة التفاعل. وعند استخدام مزيج من هذه المقاييس للتعريف بمنتج أو علامة تجارية معينة، تنشأ العلاقة بين المؤثِّر والعلامة التجارية، إلا أن الدور الذي تقوم به الشركات الناشئة المؤثِّرة في المنطقة يقتصر حالياً على الوساطة.
من حملات التوعية إلى المبيعات
تقول أكانكشا جويل، مؤسسة وكالة التسويق المُؤثّر "فرونت رو FrontRow" إن أصحاب العلامات التجارية اعتادوا اللجوء إلى المؤثِّرين على منصات التواصل الاجتماعي لنشر الوعي عمّا يقدمونه من منتجات أو خدمات. وعليه، يحرص أصحاب العلامات التجارية على البحث عن المؤثِّرين من أصحاب ملايين المتابعين دون أن يهتموا بالمحتوى الذي يقدمه هؤلاء المؤثِّرين.
وأضافت جويل: "يسعى اليوم أصحاب العلامات التجارية إلى الاستفادة من حملات تسويق المؤثِّرين لزيادة مبيعاتهم، وذلك من خلال قياس نجاح حملاتهم التسويقية بناءً على مقاييس مبيعات صعبة. إن الميزة التي يضيفها المؤثِّرون في هذه العملية هي فهمهم العميق للجمهور المستهدف؛ وهو ما يجعل هذا الجمهور حريص على متابعتهم. ويستعين أصحاب العلامات التجارية اليوم بالمؤثِّرين بصفتهم متعاونين."
تعتمد شركات ناشئة مثل "فرونت رو" FrontRow على التكنولوجيا وفرق المراقبة البشرية للربط بين المؤثِّر المناسب والعلامة التجارية المناسبة، وذلك لإطلاق الحملة التسويقية المناسبة. وقد أنشأ فريق جويل شركة "فرونت رو" لتكون أداةً فاعلة تخدم وكالتها "سوشلايز Socialize" المعنية بالخدمات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي، قبل أن يقدّموا الخدمة للعلامات التجارية والوكالات الأخرى. سعت جويل إلى بناء قاعدة بيانات كبيرة من المؤثِّرين بحسب معايير الشركة بدلاً من اللجوء إلى المجموعة المعتادة من المؤثِّرين.
كلّنا مؤثِّرون
يذهب البعض إلى توسيع مفهوم المؤثِّر ليشمل أي فرد يملك صفحة على منصات التواصل الاجتماعي! ومنهم نور الشعر، مؤسسة شركة "إن هايب InHype" وهي شركة تُعنى بتمكين أصحاب العلامات التجارية من الوصول إلى العملاء وزيادة حصتهم السوقية. بمجرد أن يقوم المستخدم بتسجيل ملفه الشخصي عبر تطبيق "إن هايب" على نظام "آي أو إس iOS"، يفحص الفريق الداخلي الملف الشخصي باستخدام خوارزمية معينة لمعرفة إن كان هناك متابعين مزيفين أو محتوى يحض على الكراهية "كالآراء السياسية أو الدينية المتطرفة" أو صور غير لائقة أو أنشطة غير قانونية، وذلك قبل الربط بين المؤثِّر والعلامة التجارية.
واستنادًا إلى نور الشعر، ثمة أوجه شبه بين حملات التسويق المؤثِّر وبين حفلات التسويق المنزلي النسائية حيث كانت التوصيات من العائلة والأصدقاء تحقق مبيعات ضخمة للمنتجات. كما تقول إن القطاع "يعود إلى أساسيات التسويق كالانتشار عبر التداول في الحوارات التقليدية بحيث يصبح الجميع مؤثِّرين بشكل أو بآخر ولكن كل منهم يؤثر على عدد معين من الأشخاص."
ومع استخدام ما يزيد على 600 مليون جهاز برمجيات حجب الإعلانات حول العالم و62 بالمائة من هذه البرمجيات هي على الأجهزة المتنقلة، يصبح للتسويق المؤثِّر دور هام في مساعدة أصحاب العلامات التجارية على التخلص من مشكلة عزوف العملاء عن الإعلانات. ففي الإمارات العربية المتحدة، أفاد 71 بالمائة من سكان البلد إنهم يلجؤون إلى التماس النصيحة من المؤثِّرين على منصات التواصل الاجتماعي قبل شراء المنتجات.
وقد افتتحت شركات التسويق المؤثِّر العالمية مثل "إنداهاش indaHash" و"فامب VAMP" مكاتب لها في دبي وعقدت شراكات مع وكالات محلية لمساعدة أصحاب العلامات التجارية على الانتشار. إلا أن الأمر كان مختلفاً مع شركة "إنفلونسر دوت إيه إي Influencer.ae"، حيث قال السيد فراس عرفة، الرئيس التنفيذي: "أردنا ابتكار حلّ محلّيٍ يلبي احتياجات السوق المحلي بعيداً عن الشركات الأجنبية التي تتأسس هنا وتستخدم التقنيات الخاصة بها." وتتعاون الشركة الناشئة اليوم مع مؤثِّرين بارزين على منصات التواصل الاجتماعي يتراوح عدد متابعيهم ما بين 25-100 ألف متابع.
وأضاف عرفة إن الشركة هي عبارة عن سوق مفتوح لجميع الشركات أو الجهات التسويقية التي تبحث عن مؤثِّرين لتعزيز حملاتهم التسويقية كما هي الحال مع شركات "أدووردز Adwords" و"إير بي إن بي Airbnb".
التقييم والتكلفة
قبل حديثه عن الأتعاب المرتفعة للمؤثِّرين، أوضح عرفة أن "الحجم الأساسي للطلب يعتمد على الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم. فلست مضطراً لتخصيص 20,000 أو 40,000 دولار لحملتك التسويقية، وهو ما لا تستطيع الشركات الصغيرة تأمينه."
وأشار عرفة إلى الصعوبة التي يواجهها أصحاب العلامات التجارية في اختيار المؤثِّر المناسب الذي يملك قاعدة متابعين استثنائية ويشارك بمحتوى يتناسب مع العلامة التجارية. وقال إن أحد المؤثِّرين تصل أتعابه إلى 40,000 درهم إماراتي (ما يعادل 10,890 دولار أميركي) مقابل منشور واحد.
"لا يجب أن تلجأ إلى شخص يملك مليون متابع، 900,000 منهم ليسوا ملمين بأعمالك المحلية، لأنك تستهدف العملاء المتواجدين في الخليج التجاري Business Bay في دبي فقط، على سبيل المثال."
ومن جهتها، قالت ماجالي بويز صاحبة مدونة "ماركت جيرل بلوج Market Girl Blog" الشهيرة إنها تعتمد على الأرقام والرسوم البيانية التي تصدرها الوكالات لتقييم المؤثِّرين لتحديد الأسعار الخاصة بها.
تقول ماجالي بويز: "أتحدث مع أصدقاء لي يفعلون الأمر ذاته. ويعتمد الأمر في كثير من الأحيان على إن كانت علاقتك بالعميل قصيرة أم طويلة الأجل. ويمكن النظر إلى ما نفعله على أنه نوع من أنواع الفن، وبالتالي فهو يعتمد على الطلب. وإذا كانت أجندة أعمالك حافلة بالمواعيد مع العملاء، عندها يمكنك زيادة أجرك."
ثلاثية النجاح
المحتوى الأصلي المبتكر، والمتابعون الأوفياء، والنشر باستمرار وانتظام؛ تلك هي السمات الأبرز للمؤثِّر الناجح. كما أن الاستثمار في شراكات طويلة الأجل وعدم التقيّد بسياسات رقابة المحتوى وضمان أن المنتج أو الخدمة تروق للمؤثِّر نفسه هي من أسرار نجاح العلاقة بين العميل والمؤثِّر.
قام إبراهيم السحيباني، مدير التسويق والمبيعات في "دومينوز بيتزا"، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، بالاستعانة بوكالة "ستار فيش أيجنسي Starfish Agency"، وهي شركة ناشئة للتسويق المؤثِّر ومقرها دبي، بهدف زيادة المبيعات في حملة لنشر الوعي حول تطبيق جديد أطلقته الشركة لطلب البيتزا. ووفقاً للأرقام التي أرسلتها الوكالة لشركة "دومينوز بيتزا"، تبيّن أنّ الحملة جذبت ٤ إلى ٥ آلاف تنزيل للتطبيق في اليوم، وزيادة بنسبة 35 بالمائة في عدد الطلبات اليومية بمساعدة 25 مؤثِّراً.
يقول السحيباني: "إذا نظرت إلى هذه الأرقام بشكل عام، ستجد أن هؤلاء المؤثِّرين لم تكن لهم مساهمة كبيرة. ولكن، عندما نقوم بتقييم هذه الأرقام من وجهة نظر العائد على الاستثمار، سنرى أن المؤثِّرين نجحوا بتحقيق نتائج أكبر وأسرع من قنوات التسويق الأخرى."، وقد خصصت شركة دومينوز 3 بالمائة من ميزانيتها التسويقية للمؤثِّرين. وأضاف السحيباني إن لوكالات التسويق المؤثِّر دور مهم في الحملات التسويقية لأن "التنسيق مع المؤثِّرين عمل يحتاج لجهد متواصل."
علاوة على ذلك، يقول عامر ماسيمي، الرئيس التنفيذي لوكالة "ستار فيش أيجنسي"، إن أي زيادة في إنفاق العميل نحو التسويق المؤثِّر هي السبب الرئيسي لصعود للشركات الناشئة المؤثِّرة.
ويضيف ماسيمي: «يتزايد عدد المؤثِّرين يوماً بعد يوم، وهناك حاجة لتحديد نقطة محورية للتنسيق بين أصحاب العلامات التجارية والمؤثِّرين. يبحث العملاء عن وكالات أو وكلاء متخصصين قادرين على توفير خدمات شاملة بدءاً من تقديم أفضل الاستراتيجيات للحملة إلى إعداد قائمة مختصرة بالمؤثِّرين المرشحين وحتى التقارير الختامية."
وختم حديثه قائلاً: "وكما شهدنا نشوء وكالات منصات التواصل الاجتماعي منذ خمس سنوات مضت، سنرى اليوم نمواً ملحوظاً في عدد وكالات التسويق المؤثِّر."