أثبتت التغيرات التي شهدتها منصات الإعلام الاجتماعي في الأعوام القليلة الماضية أن ما ينجح كالسحر في يومٍ ما قد يصبح قديماً في اليوم التالي. وفي ظل سرعة التطوّر التي تشهدها التجارة الإلكترونية والتسويق الإلكتروني، قد لا تنفعنا المعلومات والاستراتيجيات المكتسبة خلال دراستنا الجامعية حين ندخل الحياة العملية.    

يتطلّب استمرار الأعمال في أي قطاع اليوم، مواكبة التوجّهات والتطوّرات التقنية. ولحسن الحظ أن ثمة عدداً كبيراً من الشهادات والمقررات الإلكترونية التي تخوّلك البقاء على اطّلاع على كافة المكوّنات السريعة التغيّر لإدارة شركة ما.

ويعتبر العثور على الحصص والمقررات والشهادات المناسبة التي تحتاجها أنت وشركتك، تذكرتك لتعزيز عملياتك. وفي ما يلي أربعة تخصصات رئيسية ينبغي على كل رائد أعمال معاصر وناجح أن يكون بارعاً فيها.

"التطوير والعمليات" DevOps

غالباً ما يقيّم العملاء الشركات من خلال تصميم موقعها الإلكتروني. يعني ذلك أن الإلمام بتصميم المواقع الإلكترونية يُكسب المسوّقين قيمة تنافسية عالية. فالتصميم الرديء أو القديم لموقعك الإلكتروني يضرّ بمصداقية شركتك. وإذا كنت تملك شركة تختص بالتجارة الإلكترونية وتعجز عن تقديم تجربة استخدام سهلة وبسيطة، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور متجرك الإلكتروني.

لذلك فإنّ تعلّم كيفية بناء موقع إلكتروني ومعالجة أية مكامن خلل بنفسك، يعود بفوائد كثيرة على الشركة. فهو من جهة يُسهم في خفض التكاليف (الأمر الذي يفرح روّاد الأعمال المنفردين) ومن جهة أخرى يحافظ على سلاسة وحسن عمل المنصة لأنه يتيح حلّ أي مشكلة على الفور. كما يضمن ذلك عدم تعرّض استراتيجية المبيعات لأية تعقيدات قد تؤدّي إلى نور زبون محتمل.

ويستفيد كافة روّاد الاعمال من الإلمام بتصميم المواقع الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات، ومن تعميق تلك المعارف عبر حيازة شهادة في هذا المجال. وقد نشأ مفهوم DevOps الرابط بين التطوير والعمليات في تكنولوجيا المعلومات، من الحاجة الملحّة إلى التعاون والعمل الجماعي في عالم تكنولوجيا المعلومات المتجدّد. وتزوّد شهادة تدريب على التطوير والعمليات مؤسسي الشركات الناشئة بالخبرة الفنية التي يحتاجونها لتحسين تجربة زبائنهم الإلكترونية.  

تحليلات البيانات

يحتاج كل صاحب/ة شركة إلى فهم تحليلات البيانات لتقييم مدى نجاح استراتيجياته/ها التسويقية. وقد يكون التدقيق في الأرقام والنسب المئوية والرسوم البيانية متعباً ومربكاً لا سيّما أن برنامج "تحليلات جوجل" Google Analytics لا يتوقّف عن إضافة سمات جديدة وإحداث تغييرات.  

لذلك، يقدّم "تحليلات جوجل" بصورة مجانية برنامج تدريب إلكتروني خاصّاً به واختباراً لنيل شهادة، بنسختين واحدة للمبتدئين وأخرى متقدّمة. ويشرح المقرر لا سيّما النسخة المتقدّمة منه كيفية استخدام البرنامج من خلال فيديوهات تعليمية واختبارات تقيس مدى استيعاب المتدرّب للمقرر. وتستفيد الشركات بشكل خاص من حيازة أحد موظفيها هذه الشهادة من "جوجل" بحيث تحصل على الدعم التقني من الشركة العملاقة إضافة إلى تعاون رسمي ينشأ بين الشركتين.

تقدّم "تحليلات جوجل" اختبارات إلكترونية مجانية (الصورة هي لقطة شاشة من موقع "تحليلات جوجل").

ثمة طريقة أخرى لفهم "تحليلات جوجل" والتدريب على تطبيق البيانات، وهي مقرّر خبرة في البيانات وتحليلاتها لدى شركة "ديجيتال ماركتير" Digitalmarketer. يتعمّق هذا المقرّر في شرح كيفية الحصول على بيانات تحليلية معينة، ويقترح أساليب واستراتيجيات لتحسين العمليات.

تحسين نتائج محركات البحث

ليس هناك كلام يعبّر عن أهمية تحسين نتائجك في محركات البحث، ولا بدّ لأي مؤسس من امتلاك مستوى معيّن من التدريب في هذا المجال بحيث أنه السبيل الرقمي الوحيد الذي يسمح لروّاد الأعمال ببناء علامتهم التجارية على المدى الطويل. كما أن هذه الوسيلة مجانية لناحية عدم الاضطرار لدفع أي مبلغ للإعلام الذي تسوّق فيه نفسك.  

ويكمن المفهوم الأساسي لتحسين محرّكات البحث في إدراج كلمات مفتاحية في المحتوى والموقع الإلكتروني بشكلٍ يجعل هذا الأخير يظهر في أعلى نتائج محرّكات البحث. وفي الدورات التدريبية لنيل شهادة خبرة في تحسين محرّكات البحث، يتعلم روّاد الأعمال طرق عمل محرّكات البحث وأفضل الأدوات والاستراتيجيات التي يمكن استخدامها لتحقيق نجاح أعمالهم.

ويوفّر مقرّر "كليك مايندد" Clickminded لتحسين نتائج محرّكات البحث شهادة تدريب متكاملة تشمل فيديوهات ومحاضرات إلكترونية إضافةً إلى إمكانية الوصول إلى المحتوى حتى بعد إتمامه، وبرنامج تدريبي ابتدائي مجاني. ويقدّم المقرّر تومي غريفيث وهو المدير المسؤول عن تحسين محرّكات البحث في شركتي "إر بي إن بي" Airbnb و"بايبال" Paypal.

تقدّم "كورسيرا" Coursera كذلك شهادة خبرة في مجال تحسين محرّكات البحث. ويتعمّق هذا المقرّر بدراسة كافة أوجه هذه العملية بما في ذلك طرق عمل كلٍّ من "ياهو" Yahoo، و"بينغ" Bing، و"جوجل" Google، ويبحث في استراتيجيات التحسين العالمية. وفضلاً عن المحاضرات المسجّلة، تدمج "كورسيرا" مشاريع متنوعة واختبارات مباشرة تمكّن المسوّقين من إتقان تطبيق المهارات الجديدة التي اكتسبوها.  

تسويق المحتوى

يعدّ المحتوى أحد وسائل التسويق الأقل كلفة ولكنّه يحقق معدّلات مرتفعة من التفاعل وتحويل الزوّار إلى عملاء دائمين. وبينما يتراجع الطلب على الحملات الإعلانية التقليدية، بات تسويق المحتوى يتصدّر قائمة الاستراتيجيات التسويقية المعتمدة.

ويتداخل مفهوم تسويق المحتوى مع تحسين محرّكات البحث من ناحية الكلمات والجمل المفتاحية المستخدمة. فإتقان مفاهيم تحسين محرّكات البحث، والعمل على تحسين مهارات الكتابة، ثم تعلّم كيفية دمجهما يؤدي إلى زيادة عدد زوّار موقعك الإلكتروني.  

وتقدّم منصة Content Marketing University شهادات في مسارات تربوية متخصصة تتناول أوجهاً مختلفةً من تسويق المحتوى، ومنهجاً تعليميّاً يجري تحديثه باستمرار، ومقرّرات يلقيها أساتذة محترفون وقادة في القطاعات المختلفة. يستكمل الطلاب ستة مقررات إلكترونية مرفقة بثلاثين ساعة من "المحتوى الإضافي الذي يقدّمه أبرز قادة القطاعات مع التركيز والغوص في مواضيع معيّنة".

في ظل التغيرات المستمرة التي تشهدها البيئة الحاضنة للشركات الناشئة، تبقى المحافظة على استمرارية الشركة هي الهدف الأساسي. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن يبقى روّاد الأعمال على اطّلاع على آخر الابتكارات التقنية والتوجّهات الناشئة في قطاعاتهم، وذلك من خلال السعي إلى تحصيل الشهادات المتخصصة التي تمكّنهم أيضاً من حماية قدرة شركاتهم التنافسية.

الصورة الأساسية من "بكسيلز" Pexels.