التكنولوجيا في خدمة لاجئي الأردن والأردنيين
وصلت اللاجئة العراقية رنا كيلاني إلى الأردن قبل أربع سنوات، وفي العام الماضي تعلّمت البرمجة وتأسيس الأعمال وبدأت بتطوير تطبيقها الاجتماعي الذي يساهم في دمج اللاجئين بالمجتمع.
ورنا هي واحدة من اللاجئين الكثر الذين يستضيفهم الأردن والذين يناهز عددهم والذين يفوق عددهم الـ700 ألف شخص، بما يعادل 89 لاجئاً لكل ألف مواطن أردني، بحسب "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" UNHCR.
في الآونة الأخيرة، تحوّلت التكنولوجيا إلى مساهم في دمج اللاجئين في الأردن وارتفع عدد المنخرطين في هذا التوجّه. وفي هذا الإطار تأتي فعالية "تك فيوجيز هاكاثون ـ الأردن" Techfugees Jordan Hackathon للاجئين السوريين والعراقيين والمخيم التدريبي للبرمجة "ريبوت كامب" RBK، اللذان يهدفان إلى تقديم حلول تقنية مبتكرة لمساعدة هؤلاء النازحين.
التعاون سرّ الاندماج
جذب الهاكاثون الذي نظّمته المنظّمة البريطانية "تك فيوجيز" في أوائل شهر أيّار/مايو، وتحديداً في "منصّة زين للإبداع" Zain Innovation Campus في عمّان، 40 مشاركاً نصفهم من اللاجئين.
يكمن أحد أهداف "تك فيوجيز" التي تأسّست قبل عام ونصف العام على يد الصحافي في "تك كرانش" Techcrunch، مايك بوتشر، في تمكين اللاجئين والسكان المحليين للتلاقي والتعلم سويّاً ومن خبرات بعضهم البعض. [ملاحظة: شاركت في "تك فيوجيز"، وكتبت مقالات في المدوّنة الفرنسية التابعة لهذه المنظمة].
تقول جوزفين جوبيه، الرئيسة التنفيذية لـ"تك فيوجيز"، إنّ "اللاجئين سيكونون محور التركيز والاهتمام، وذلك أمر نادر للغاية"، مضيفةً أنّه "غالباً ما تنتهي فعالياتنا بدموع فرح. فللمرة الأولى، لا يعتبر اللاجئون مشكلة بل فرصةً وقيمة إضافيّة".
ولكن ليست "تك فيوجيز" المنظّمة الوحيدة التي تستخدم التكنولوجيا لتقريب النازحين من الأردنيين. فـ"ريبوت كامب" هو برنامج تدريبي على البرمجة مدته 4 أشهر، وهو مجّاني مخصص للاجئين إلى الأردن وللأردنيين يهدف إلى مساعدة اللاجئين على اكتساب المهارات اللازمة للعمل وتمكينهم من العمل إلى جانب الأردنيين من دون تحيّز.
انضمت السورية فاطمة الهمامي (26 عاماً)، والتي عملت على المشروع نفسه مع رنا كيلاني في الهاكاثون، إلى "ريبوت كامب" كمرشدة تقنيّة بعد تخرّجها. وبالنسبة إليها، يتيح هذا البرنامج فرصة لإفهام اللاجئين الذين يتعرضون لمعاملة سيئة من قبل البعض، بأنّ الأردنيين لا يتمنون لهم أي سوء. فـ’ريبوت كامب‘ تريد تغيير طريقة التفكير هذه".
من جهتها، تقول ميس أبو جارور، الأردنية المشاركة في الهاكاثون والتي انتقلت من مجال التسوق إلى البرمجة بفضل "ريبوت كامب"، إنّه "كان من الرائع رؤية الحواجز تسقط". وبالرغم من أنّ بعض المشاركين كان لديهم نظرة سلبية إلى السوريين واللاجئين، غير أنّهم أصبحوا أصدقاء في نهاية البرنامج. وتشرح أنّ "هذا البرنامج جمع المشاركين من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة".
خرّيجو الدفعة الأولى الـ17 وجدوا عشر وظائف في شركات كبرى، فيما يخطو خريجو الدفعة الثانية الـ30 خطاهم الأولى. ويعدّ ذلك إنجازاً كبيراً كونه لا يحقّ للاجئين العمل في الأردن، وعليهم إقناع الشركات بمواجهة العقبات الإدارية لتوظيفهم.
ثلاثة تحدّيات
عملت "تك فيوجيز" مع "منظّمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف) في الأردن Unicef Jordan و"مؤسسة الملكة رانيا" Queen Rania Foundation لتحديد ثلاثة تحدّيات أساسية في البلد:
- تسرّب المياه: فقدان المياه (50% من مياه البلاد) بسبب الأنابيب المتهالكة، يؤدّي إلى توتر بين الأردنيين واللاجئين.
- عدم المساواة في المدارس: الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و17 عاماً يتركون المدرسة بنسب أعلى بكثير من الفتيات في الفئة العمريّة نفسها، بحثاً عن وظائف تحسّن حالتهم، غير أنّ ذلك يعرّض مستقبل المنطقة للخطر.
- البطالة: عدد العاطلين عن العمل يسبب مشاكل كثيرة في خارج المخيمات والمدن.
وكان على المشاركين المتحمسين ابتكار أفكار وتطبيقات التي تحلّ هذه المشاكل.
وبالفعل ظهرت أفكار عدّة خلال هذا البرنامج التدريبي ومنها منصّة تساعد اللاجئين على مشاركة خبرتهم المهنيّة، وتطبيق لإقناع الشباب بارتياد المدرسة، وأجهزة استشعار للإبلاغ عن حصول تسرّب للمياه.
مشاريع للمستقبل
منحت لجنة التحكيم جوائز للمشاريع التي برهنت عن إمكانيات أعلى والفرق التي أظهرت رغبة بالمثابرة.
فاز برنامج "ليكلس" Leakless لأجهزة الاستشعار التي ترسل تبليغاً عبر الهاتف بحصول تسرب في المياه، بالجائزة الأولى.
الجائزة الثانية حصل عليها مشروع رنا كيلاني، "ووتر واتش" Waterwatch، الذي يسمح بالتقاط صور للأنابيب التي تسرب المياه وإعلام البلديات. وتخطط كيلاني لإكمال مشروعها مع شريكتها فاطمة الهمامي. وقدّمت لهما مرشدتهما، هبة أبو الرُّب، المختصة بالمياه في "منظّمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الأردن"، الاستشارات والمساعدة خلال الهاكاثون للمثابرة في جهودهما وتنفيذ المشروع.
فاز بالجائزة الثالثة "ديكونورد" Deconerd، وهو موقع يسمح للأجانب بشراء منتجات الديكور التي يصنعها النازحون إلى الأردن أو الأردنيون.
ليست هذه المرة الأولى التي ينطلق فيها مشروع من فعالية "تك فيوجيز" في الأردن، ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نظّمت "تك فيوجيز" تحدّياً في فعاليّة "ستارتب ويكند" Startup Weekend، وعرض الفريق الفائز في هذه الفعالية مدى تقدّمه في مشروعه.
"بروفيوجيز" Profugees هي منصّة تمويل جماعي طوّرها ثلاثة طلاب لتمويل قصص اللاجئين ومشاريعهم، ومنذ "ستارتب ويكند"، أظهر هذا المشروع تقدّماً مستمرّاً. انضمّ شخصان آخران إلى فريق العمل، ما سمح لهم بالفوز في مسابقة جائزة "هولت" Hult Prize للطلاب في الأردن والمشاركة في النهائيات الإقليمية في دبي.
بالإضافة إلى ذلك، فاز المشروع أيضاً بجائزة "مشروعي ثروتي" Mashrooi Tharouti. ويستخدم الفريق الجوائز الماليّة التي يتلقاها في شراء المعدات وإكمال الاختبارات وإجراء التعديلات، وذك في وقتٍ لا يزال يحاول فيه اكتشاف الحل الأمثل للدفع.
الصورة الرئيسية من "تك ريفيوجيز".