ثمانية روبوتات عربية من مصر إلى كاليفورنيا
تجمّع عدد من الطلّاب مع حواسيبهم المحمولة وأجهزة التحكّم حول حوض سباحة تغوص فيه روبوتات عاملة عن بعد ROV، وذلك في إطار "المسابقة العربية للغواصات الآلية والروبوتات تحت الماء" ROV Arab Competition في الإسكندرية شمال مصر.
وشهدت هذه المسابقة التي جرت بين 6 و8 نيسان/أبريل تجمّعاً من أنحاء المنطقة لمبتكرين شباب لروبوتات عاملة تحت الماء. ويتأهّل الفائزون إلى المسابقة الدولية في كاليفورنيا، في شهر حزيران/يونيو.
شارك في هذه المسابقة 52 فريقاً، 45 من مصر و8 من دول عربية أخرى مثل المغرب وتونس والأردن والسعودية. وكان على المشاركين أن يسوّقوا غواصاتهم الآلية أمام أعضاء لجنة التحكيم وكأنّهم شركة، بالإضافة إلى إنجاز مهام مختلفة.
وكانت هذه المهام بمثابة محاكاة للمهام النموذجية للغواصات تحت الماء، مثل التقاط عينات، وفتح أبواب، وتحريك أغراض من مكان إلى آخر في أرضية حوض السباحة.
منحت الفرق 15 دقيقة لإنجاز كلّ مهمة، بحيث كان عليها حلّ أيّ مشكلة محتملة فوراً، وهو ما رفع من مستوى الضغط والحماس: فالفرق واجهت عدّة مشاكل مع أجهزتها، مثل مشاكل في الاتصال بالبلوتوث أو المقابض.
والفائزون بهذه المسابقة هم:
"فورتكس" Vortex ("جامعة الاسكندرية")
"توربيدو" Torpedo ("جامعة الاسكندرية")
"زووم إنجنيرز" Zoom engineers ("جامعة عفّت" ـ السعودية)
"إنفيكتس" Invictus ("الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري" Arab Academy for Science Technology and Maritime Transport – الاسكندرية)
وعلى مستوى المدارس:
"روبو-تك" Robo-tech (مصر)
"سي بيرل" Sea pearl (مصر)
"يوريكا سي شارك" Eureka C shark (الأردن)
وذلك بالإضافة إلى فريق "ستيف روف" Steve ROV الذي يتألف من أطفال سيذهبون أيضاً إلى كاليفورنيا كمراقبين.
لم تكن هذه السنة الأولى في المسابقة لإبراهيم يسري حبيب، أحد أعضاء فريق "فورتكس" الذي يدرس هندسة الإلكتروميكانيك في جامعة الإسكندرية، فقد سبقت له المشاركة في المسابقة ثلاث مرات – منها مرّتان مع "فورتكس" الذي حلّ في المركز السادس العام الماضي.
قال حبيب إنّه كان كلّ ليلة يحلم بالفوز: "لقد عملتُ ثلاث سنوات من أجل هذا الفوز وهذا يسعدني حقاً".
ورأى أنّ فريقه يستحقّ الفوز، خصوصاً وأنّهم صنعوا روبوت يعمل عن بعد صغير الحجم وخفيف الوزن ومزوّداً بذراعين تعملان بآلية الهواء المضغوط.
مهارات لا يمكن تعلّمها
لم تقتصر "الجوائز" التي قدمتها مسابقة الغواصات الآلية والروبوتات تحت الماء على تذاكر السفر إلى كاليفورنيا، كما قال أحمد الشناوي، البروفيسور المساعد في "الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري"، وأحد أعضاء لجنة التحكيم في "المسابقة العربية للغواصات الآلية والروبوتات تحت الماء".
فبحسب الشناوي، "هناك مشكلة في مصر تتمثل في وجود طلب من قبل سوق الأبحاث على 4 آلاف مهندس شهرياً، خصوصاً في مجالات النظم والأجهزة المدمجة، ولا يُلبّى منها إلا 5%".
والسبب؟ افتقار الخريجين الجدد إلى الخبرات المناسبة لسدّ هذه الفجوات.
ولكنّ المسابقة، كما قال الشناوي، "ساهمت في إعداد المهندسين الطلاب ليحلّوا المشاكل كجزءٍ من فريق، وذلك ضمن بيئة تنافسية وبميزانية محدودة".
الفائزون السابقون
نظّمت "الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري" النسخة الأولى من "المسابقة العربية للغواصات الآلية والروبوتات تحت الماء" في العام 2012، غير أنّ الشناوي وصفها بانّها "كانت تجربة أولى ولم تكن احترافية بما فيه الكفاية".
في المقابل، وعلى الرغم من بقاء أقسام التكنولوجيا البحرية في "جامعة الإسكندرية" والأكاديمية في مصاف أقوى المنافسين، انتشرت هذه المسابقة بين الجامعات في مصر قبل أن تنتشر على المستوى الإقليمي في العام الماضي.
وأوضح الشناوي أنّ "العام الماضي شهد مشاركة فريق واحد من خارج مصر، ولكن هذا العام لدينا ثمانية فرق، كما أنّ مستوى الفرق المصرية تطور بشكل سريع".
في العام 2014، حلّ فريق "أكوا فوتون" Aquaphoton القادم من "جامعة الإسكندية" في المركز السادس في النهائي العالمي، فيما احتلّ فريق "توربيني" Turbini من الأكاديمية المركز السابع عالمياً العام الماضي – وذلك على الرغم من ذهاب ثلاث أعضاء من الفريق فقط إلى الولايات المتحدة لأنّ النصف الآخر لم يحصلوا على تأشيرات دخول.
نجاح النظرية
يبدو أنّ الهدف المراد من المسابقة يتحقّق، وهو إعداد الطلاب ليكونوا جاهزين في القطاع الذي يريدون العمل فيه.
والدليل على ذلك، أنّ فريق "أكوافوتون" الذي شارك في مسابقة العام 2014 أسّس شركة له وبدأ بتطوير الأجهزة العاملة عن بُعد كمنتجات تستهدف قطاعي النفط والشحن. وأعرب عمر ابن الخطاب عبدالله، أحد الشركاء المؤسّسين، عن أملهم "في الانتهاء من أول جهاز عامل عن بعد خلال شهرين".
بدأ أعضاء الفريق بتكوين المعرفة اللازمة وبناء التكنولوجيا في الوقت الذي راحوا يقدّمون فيه خدمات مختلفة بهدف بقاء الشركة واستمرارها، مثل متجر إلكتروني لقطع الغيار، ومعدات للأطفال يجمعونها بأنفسهم بالإضافة إلى تقديم الاستشارات.
يشكّل الطلاب والأشخاص المهتمون ببناء اجهزتهم الخاصة العاملة عن بعد العملاء الأساسسيين لـ"أكوافوتون" في الوقت الحالي. كما أسست الشركة الناشئة أيضاً أكاديمية تدريب خاصة بها لاستقدام الطلاب من "جامعة الإسكندرية" وتدريبهم للمشاركة في المسابقة تحت اسم الجامعة.
وشهد هذا العام فعلاً مشاركة فريق تحت رعاية "أكوافوتون".
إنشاء قطاع محلي
وقال عبدالله إنّه لم يكن هناك من شركات محلية تقدّم خدمات تتعلّق بالأجهزة والروبوتات العاملة عن بعد في مصر، ما مكّن "أكوافوتون" من تقديم بديل محلّي أرخص وأكثر استدامة، سواء من حيث تقديم الخدمات وتصنيع هذه الأجهزة.
حصلت الشركة على تمويل للأبحاث والتطوير من "أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا" Academy for Scientific Research and Technology التابعة للحكومة، غير أنّ عبدالله لم يشأ الإفصاح عن المبلغ الذي حصلوا عليه، مكتفياً بالإشارة إلى الكلفة المرتفعة لتصنيع روبوت يعمل عن بعد. وقال إنّه "عندما يصبح لدينا روبوت فعال يعمل عن بعد، سنحصل على مزيد من التمويل".
من جهته، رأى الشناوي أنّ سوق خدمات الروبوتات العاملة عن بعد في مصر هي سوق نامية. وبعد الإشارة إلى حقول الغاز البحرية الضخمة المكتشفة في السنوات الماضية، أوضح أنّه في ظلّ غياب خيارات محلية للروبوتات العاملة عن بعد، كانت الشركات العاملة هذه المجالات تعتمد على المزودين الأجانب ذوي الكلفة المرتفعة.
لا يقتصر هذا الطموح على "أكوافوتون" وحدها، ففريق "فورتكس" الذي كان من بين الفرق الفائزة هذا العام تعاون من مزود الخدمات البحرية من الإسكندرية، "أوكسي دايف" Oxydive، خلال المسابقة، كما يهدف إلى إنشاء شركة في غضون العام المقبل. وأعرب هشام، أحد أعضاء الفريق، عن أملهم في أن يصبحوا "حتى أفضل" من "أكوافوتون".
الصورة الرئيسية من "ومضة".