السوق الموازية بعيون رواد سعوديين
تشكّل الشركات الصغيرة والمتوسطة في السعودية أكثر من 99% من إجمالي منشآت القطاع الخاص، غير أنّ أكثر ما يعيق نموّها هو صعوبة الحصول على تمويل.
نتيجة لذلك تشهد المملكة نشاطا متزايداً في البرامج والمبادرات لتأمين مصدر إضافيّ لتمويل هذه الشركات، كان آخرها إطلاق "نمو – السوق الموازية" Parallel Market من قبل شركة السوق المالية السعودية "تداول" Tadawul، في 26 شباط/فبراير.
تشرح "الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة"، أنّ السوق الموازية أوجدت منصّة أكثر مرونة لتداول أسهم الشركات السعودية. ستساهم السوق في تسريع نموّ هذه الشركات وتسويق أعمالها ورفع قيمتها السوقية، بالإضافة إلى إيجاد حلّ لمشكلة التعاقب العائلي التي تواجه الشركات العائلية.
في المقابل وضعت "هيئة السوق المالية" متطلّبات على المستثمرين الذين يريدون المشاركة في "السوق الموازية"، وطلبت أن يكون المستثمرون مؤهّلين، كأن يكون لديهم شهادة عامة للتعامل في الأوراق المالية المعتمدة من قبل "هيئة السوق المالية" CME1، أو أن يكونوا أنجزوا صفقات لا تقلّ عن 40 مليون ريال أو محفظة استثمارية لا تقلّ عن 10 ملايين ريال، وغيرها من الشروط.
استصرحَت "ومضة" عدداً من اللاعبين في مجال المنشآت الصغيرة والمتوسطة للوقوف على آرائهم من السوق الموازية، وهذا ما أبرز ما قالوه.
استثمار مخاطر - راكان العقيل، الشريك المؤسّس في صندوق الاستثمار "إنسباير فنتشيرز" Inspire Ventures
يقول العقيل إنّ الإدراج في السوق المالية الرئيسية كان بعيد المنال بسبب صعوبة استيفاء متطلّبات الإدراج؛ ولكن السوق الموازية ساهمت في التخفيف من المتطلبات مثل خفض القيمة السوقية المطلوبة لإدراج الشركة (10 ملايين ريال، مقابل 100 مليون ريال في السوق الرئيسية).
"الفرصة المتاحة لطرح الشركات الصغيرة والمتوسّطة في السوق الموازية ستشجّع الرواد للعمل أكثر على شركاتهم، لأنّها ستحظى بفرصةٍ أكبر لإدراج أسهمها في السوق المالية، وبالتالي بمصدرٍ إضافيّ للتمويل مقابل أسهم.
ستشجّع هذه الفرصة أيضاً المستثمرين على الاستثمار أكثر في هذه الشركات لأنّها قد تنتهي بالإدراج في السوق المالية وليس فقط بصفقة تخارج. وأيضاً لأنّ المستثمر يضع أمواله في شركة نامية قابلة للتوسّع، وليس في شركة ناضجة استقرّت عند مستوى محدّد كما هي الحال في السوق الرئيسية.
توفّر السوق الموازية مجالاً جديداً للمستثمرين الذين يبحثون عن شركات في مراحل مبكرة مع فرص أكبر للنموّ والتوسّع، أو الذين يتردّدون حيال الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسّطة. وعند الاستثمار في شركة نامية، سيحتاج المستثمر لإيصالها إلى القيمة السوقية التي تخوّلها دخول السوق، وهذا تحدّ وحافز كبيران.
بالنسبة إلى الشروط الموضوعة على المستثمرين، فهي تساعدهم في اتّخاذ قرارٍ استثماري بناءً على أسس معينة وواضحة."
شركة متوسطة - محمد الملفي، مؤسّس ومالك "وكالة الإعلام العربي" Arab Media Agency
يرى الملفي أنّ تأثير السوق الموازية على الاقتصاد سينعكس إيجابياً، لأنّها ستستقبل شركات ذات أصول مالية أقلّ [ممّا تتطلّبه السوق الرئيسية]. وأيضاً لأنّها تساهم في أن يكون هناك عدّة مستويات في السوق، بحيث يمكن للشركات أن تتدرّج من كونها محدودة المسؤولية إلى شركة مساهمة مدرجة في السوق المالية.
"بالإضافة إلى ذلك، سوف تسهّل السوق على الشركات الصغيرة والمتوسّطة استقطاب مستثمرين بفضل الموثوقية والكيان القانونيّ للاستثمار اللذين ستوجِدهما.
والشركات المدرَجة في السوق الموازية ستحصل أيضاً على تسهيلاتٍ مصرفية أكثر من كونها شركة محدودة المسؤولية، لأنّ موقعها المالي سيكون أقوى."
شركة ناشئة – ماجد الثقفي، الشريك المؤسّس في شركة "إبتكار" Ibtikar
يعتبر الثقفي أنّ السوق الموازية وفّرت أداة جديدة للتمويل مقابل أسهم إلى جانب الأدوات الأخرى مثل الاستثمار المخاطر أو القروض من المصارف أو الشراكات.
"يُعدّ الإدراج في السوق الموازية طريقةً أسهل للحصول على تمويل للشركات الناشئة من جهة، ولحفظ حقوق المستثمرين من جهةٍ أخرى. كما أنّ تمكين الخليجيين من المشاركة فيها أمرٌ في غاية الأهمية لاستقطاب التمويل من الخارج.
ومجرّد الدخول إليها يعني أنّ على الشركة الناشئة أن تصبح أكثر تنظيماً كونه يتوجّب أن يشرف عليها مراقبٌ ماليّ كما وأن تقدّم تصريحاً مالياً كلّ فترة.
ولكن لكلّ شيء إيجابيات وسلبيات.
يجب على الشركة الناشئة أن تفكّر في نوع التمويل الذي تريده بحسب حاجاتها ومرحلة نموّها، سواء من مستثمر مخاطر، أو شريك، أو من تداول أسهمها في السوق الموازية.
إذا كانت الشركة تسعى إلى الاكتتاب العام، فالسوق الموازية تؤسّس للوصول إلى هذه المرحلة؛ هذا يُعتبر تحدّياً ولكنّ إطاره واضح.
من جهةٍ ثانية، يمكن للشركة أن تتوجّه نحو الاستثمار المخاطر. ولكن ظروف هذا الاستثمار معقّدة في السعودية، لأنّ المستثمرين المخاطرين لا يمتلكون الجرأة اللازمة. وبالتالي سيطلبون حصّة كبيرة من الشركة كما أنّهم لن يدعوها تركّز على عملها الأساسي.
الحصول على تمويل من المصارف على شكل قرض ليس بالأمر اليسير على الشركات الناشئة في السعودية. ورغم ذلك، أرى أنّ القرض المصرفي أفضل للشركة إذا كانت واثقة ممّا تفعله، لأنّه لا يتطلّب تدخل أحدٍ في شؤونها.
أمّا نحن في "إبتكار"، فسوف نتريّث سنةً تقريباً قبل التفكير في خيار الانضمام إلى السوق الموازية."
فسحة أمل
لا شكّ في أنّ الشركات الصغيرة والمتوسّطة في السعودية تحتاج إلى مزيدٍ من الدعم، ولكنّ السوق الموازية شقّت طريقاً جديداً إلى جنة الاكتتاب العام.