مئة مليون دولار لقطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة [تقرير 'مختبر ومضة للأبحاث']
حصدت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية استثمارات تفوق 100 مليون دولار في السنوات العشرة الأخيرة، كما أنّ عدد الشركات الناشئة والأموال المستثمرة في هذا المجال سوف ترتفع أكثر من الضعف بحلول العام 2020، بحسب تقرير حديث.
يشير تقرير "التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: توجهات قطاع الخدمات المالية" State of Fintech، الذي أطلقه اليوم "مختبر ومضة للأبحاث" Wamda Research Lab بالتعاون مع "بيفورت" Payfort، إلى أنّ الشركات الناشئة تهدف إلى جمع تمويلٍ بقيمة 50 مليون دولار في العام الجاري، مسجّلة زيادة بنسبة 270% عن العام الماضي حيث أعلن عن جمع 18 مليوناً.
بلغ أكبر استثمار معلن في التكنولوجيا المالية في المنطقة ستّة ملايين دولار، وقد حصلت عليه كلّ من خدمة دفع الفواتير المصرية "فوري" Fawry في العام 2013، وبوابة الدفع الإلكترونية "تلر" Telr في العام 2014.
4 محرّكات لثورة التكنولوجيا المالية
أعلن الشريك في "ومضة كابيتال"، خالد تلهوني، خلال إطلاق التقرير أنّ الانتقال من اقتصاد يعتمد على المال النقدي إلى اقتصاد غير نقدي سيزداد باطّراد. وأضاف أنّ "التحدّي في قطاع التكنولوجيا المالية يكمن في وجود عدد قليل من المناطق الرمادية، فغالبيتها إمّا سوداء أو بيضاء، لكنّنا سوف نعمل على دعم الشركات الناشئة في هذا القطاع".
تنوي المنطقة الحرّة، "سوق أبو ظبي العالمي"، العمل مع مساهمين آخرين لتنظيم العمل بدلاً من بناء أطر تنظيمية في إطار مغلق بعيداً عن الآخرين.
وقال مدير "بيكو كابيتال" Beco Capital، ألفارو أبيلا، إنّ "شركات كبيرة وناجحة جدّاً سوف تولد في هذا القطاع، وستظهر قدرة أكبر من غيرها على التكيّف".
تبلغ نسبة السكان الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية 86% من سكّان المنطقة. وتعدّ نسبة إقراض المصارف للشركات الصغيرة والمتوسطّة أقلّ من نصف معدّلها في البلدان ذات الدخل المتوسط.
ويتوقّع، على خطّ موازٍ، أن تزداد التجارة الإلكترونية أربعة أضعاف في نهاية العقد الجاري، وأنّ 3 من كلّ 4 عملاء للمصارف في بلدان مجلس التعاون الخليجي لا يمانعون "التعامل مع مصارف أخرى مقابل تجربة رقمية أفضل"، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها "إرنست ويونغ" EY.
وقد وجد إحصاء أجرته "يو جوف" You Gov خصيصاً من أجل التقرير، أنّ 90% من أصحاب الحسابات المصرفية في المنطقة لم يعتمدوا بعد حلولاً تقوم على التكنولوجيا المالية، ما يظهر إمكانيات هائلة للنمو والتقدم في هذا الإطار. وتساهم في ذلك الشراكات والحملات لتثقيف السوق التي تضع الشركات الناشئة الناجحة في مسار مناسب للنمو.
100 شركة ناشئة في التكنولوجيا المالية في المنطقة
انطلقت الشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية في 12 بلداً حتّى أواخر العام 2015 (لم تتطرّق الدراسة إلى العام 2016 لأنّ الشركات الناشئة الحديثة تحتاج إلى وقت لكي تبرز في السوق)، وتوزّعت ما بين بلدان مجلس التعاون الخليجي والمشرق وشمال أفريقيا.
ولكنّ أربعة بلدان فقط تستضيف 75% من الشركات الناشئة في هذا المجال تقريباً وهي الإمارات ولبنان والأردن ومصر.
وقال الرئيس التنفيذي لـ "كومبارت فور مي" Compareit4me، جون ريتشاردز، خلال حفل إطلاق التقرير إنّ التكنولوجيا المالية والإمارات جذّابتان كلٌ على حدة، متوقعاً أنّ يسهل التسويق للاثنتين لجذب مواهب أكثر إلى المنطقة.
أغلبية شركات التكنولوجيا المالية الـ105 المذكورة تعمل في التقرير في الإمارات، ما يضع هذا البلد في المرتبة الأولى من حيث عدد الشركات الناشئة في هذا المجال وجودة أعمالها. وتعمل الدفعة الثانية من شركات التكنولوجيا المالية في الإمارات في مجال تحويل الأموال عالمياً (مع "ناو موني" Now Money) وإدارة الثروات ("فينرد" Finerd) والتأمين ("ديموكرانس" Democrance) وتكنولوجيا سلسلة البلوكات ("بت أويسيس" Bit Oasis).
حيث تذهب الشركات الناشئة، تذهب مسرّعات الأعمال
يقول أيمن إسماعيل، مؤسس "حاضنة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة" AUC Venture Lab إنّ "العام 2017 سوف يحدد مصير التكنولوجيا المالية في مصر، ولربّما في المنطقة أيضاً".
شهدت البيئة الإقليمية الحاضنة نشاطات كثيرة في العام الماضي مع افتتاح أبواب مسرّعتي أعمال في القاهرة ومسرّعة أعمال في دبي خلال العام 2016، بالإضافة إلى إطلاق "المختبر التنظيمي" في أبو ظبي Abu Dhabi Reg Lab وهو أول "بيئة اختبارية" sandbox للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يسدّ هذا الدعم المتزايد فجوة تحاول الشركات الناشئة في هذا المجال تخطّيها بنفسها: 44% من هذه الشركات تتعاون مع مصارف ومؤسسات كبرى أخرى، و44% أخرى تطمح إلى بناء شراكات في المستقبل.
ومن المتوقّع أن تودّي مسرّعات الأعمال، والاستثمارات المتزايدة والشراكات ما بين المجالات المختلفة إلى نهضة التكنولوجيا المالية في السنوات المقبلة.
فرصة للجميع
يحذّر معدّو التقرير من أنّ فرص التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تضيع إذا لم يتّفق كلّ صنّاع القرارات وروّاد الأعمال والمستثمرين والعملاء.
ويسلّط التقرير الضوء على الدور المركزي للحكومات، إذ أنّها تضع الأطر القانونية، وهي القادرة على تشجيع الاستثمار وتنظيم البنى التحتية الوطنية المالية.
كما ينصح الشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية بتفادي المخاطر عبر التعاون مع شركات كبرى وفهم القوانين التي تنظّم السوق التي تعمل فيها.
في المقابل، يُشجّع التقرير المستثمرين على عدم تضييع الوقت في التساؤل حول مدى نجاح مجال التكنولوجيا المالية، بل مدى نجاح نماذج الأعمال والشركات.
نظراً للتنوع في أسواق المنطقة، يظهر أنّ لكلّ بلد قطاعاً مناسباً له في التكنولوجيا المالية. فعلى سبيل المثال، تختلف فرصة الإدماج المالي في مصر عن قطاع التجارة الإلكترونية المزدهر في الإمارات.
لا يعني ذلك عدم توفّر قطاعات حيث يمكن للشركات الناشئة التطلّع إلى السوق الإقليمية وليس المحلية، فخدمات الدفع مثلاً تطال أسواق مجلس التعاون الخليجي والأسواق غير الخليجيّة أيضاً. لذلك على الشركات الناشئة التي تريد التوسّع، أن تنظر إلى أبعد من حدودها.
لا شكّ في أنّ التوسّع في التكنولوجيا المالية أصعب من التوسع في المجالات الأخرى، غير أنّ عدداً متزايداً من روّاد الأعمال ينجحون في ذلك.
الصورة الرئيسية من "ومضة".