بغداد غراس: هذا ما أعرفه عن علم البيانات في الإمارات
بدأ علم البيانات في دولة الإمارات العربية المتحدة يصبح في متناول اليد، بحسب أحد قادة القطاع في البلاد، بغداد غراس.
يعمل غراس، الفرنسي الجزائري، كخبير استراتيجي في البيانات الرقمية، كما يشغل منصب نائب رئيس "دافيدسون إنوفايشن سنتر" Davidson Innovation Center التابع لشركة "دافيدسون كونسالتينج" Davidson Consulting. ولا يخفي حماسه حيال مبادرات مثل مبادرة "دبي الذكية" Smart Dubai التي ستستخدم علم البيانات لتحسين طرق العيش.
وعلى هامش أحد لقاءات "علم البيانات في الإمارات" UAE dara science التي نظّمها في مركز "إن5" Innovation 5 في "مدينة دبي للإنترنت" Dubai Internet City، أطلعنا غراس على أفكاره حول المجالات التي يزدهر فيها علم البيانات في الإمارات.
الناس لا يعرفون ما هو علم البيانات. هناك التباس كبير بين ذكاء الأعمال business intelligence، وتحليل البيانات، والبيانات الكبيرة، وعلم البيانات. وبالتالي، يمكنك أن تصوّر ردة فعل الناس على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل تعلّم الآلات، أو التعلّم العميق deep learning. لذلك بدلاً من تقديم عروض تقنية بمصطلحات معقدة، عليك أن تشرح ما هو علم البيانات عبر تحديد ما ليس مرتبطاً به أو ما المختلف بينه وبين العلوم الأخرى القريبة منه.
علم البيانات لا يتمحور حول التوقعات. علم البيانات ليس أداة لتوفير المعلومات حول العملاء، وهو لا يتمحور حول التوقّع بناء على كمية كبيرة من البيانات أو البحث والتطوير. كلّ ما في الأمر أنّ علم البيانات يشكّل تقاطعاً بين الطرق العلمية واكتشاف المعرفة بالبيانات، مثل الرياضيات والإحصاء وعلوم الحاسوب وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.
إنّه أكثر من مجرد كلمة رنّانة. سمعت الكثير من مدراء المعلوماتية يقولون إنّ علم البيانات هو مجرّد موجة عابرة أو كلمة رنانة وأعتقد أنّ ذلك يعود إلى التطرّق إليه كثيراً في الفعاليات والمؤتمرات. فبالنسبة إليهم، علم البيانات هو مجرد طريقة جديدة لبيع أشياء قديمة، وبالتالي علينا أن نُفهمهم بأنّ هذا العلم ثورة وأنّ لدى هذا القطاع تأثيراً كبيراً على أدائهم. لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ أغلب نماذج الأعمال في وادي السيليكون ترتكز إلى علم البيانات، فبفضلها تقترح عليكم "أمازون" Amazon و"نتفليكس" Netflix محتوى يناسب اهتماماتكم.
الناس في الإمارات يتعلّمون سريعاً. يعرف سكان الإمارات أكثر من غيرهم كيف يتكيّفون مع التغيير، وهذا الأمر ينطبق على الشركات الكبرى أيضاً. فالجميع، من قسم تكنولوجيا المعلومات إلى مجلس الإدارة، يدركون بسرعة أهمية علم البيانات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ جدول الأعمال الذي تعتمده الحكومة مفيد جداً أيضاً: ثمّة دعم كبير من القطاع العام وكذلك شراكات عدّة بين القطاعين العام والخاص، ومن بينها "منصة دبي الذكية" التي أنشأتها شركة "دو" DU من أجل مبادرة "دبي الذكية"، وكذلك تعاون "هيئة الطرق والمواصلات" RTA مع شركة "كريم" Careem لإتاحة خدمة حجز التاكسي عبر الإنترنت في دبي. العاملون في مجال التكنولوجيا هنا بدأوا بحضور جلسات تدريب والمشاركة في لقاءات، وحتى المشاركة في مشاريع جارية من أجل الحصول على شهادات في علم البيانات.
علماء البيانات قلّة. في ظل وجود عدد قليل من حاملي شهادة الدكتوراه وطلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الإمارات، من الصعب العثور على علماء بيانات في البلاد. أجرينا بعض المحادثات مع الجامعات لمواجهة هذا النقص، ولكنّ ذلك سيستغرق بعض الوقت. يمثل هذا أحد العوائق التي تحول دون تطوير القطاع محلياً، ونحن بدورنا اضطررنا إلى توظيف كلّ علماء البيانات ومهندسي البيانات لدينا من الخارج، وخصوصاً من أوروبا.
إنّه ثورة مستمرة. أرى أنّ المستقبل القريب في الإمارات سيشهد تأسيس مختبرات بيانات ضمن الشركات الكبرى، بهدف تعزيز الابتكار في الداخل. بالإضافة إلى ذلك، أتوقّع بروز المزيد من الشركات التي تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار unicorn: فمع توافر مواهب استثنائية، ستكون الشركات الناشئة قادرة على إنشاء نماذج عمل جديدة وزيادة فعالية خدماتها.
إنها بلاد الأحلام. ستتمكن الإمارات، وخصوصاً دبي، من بناء قدرات مذهلة في علم البيانات خلال السنوات المقبلة، في الوقت الذي تسعى فيه لأن تكون المدينة الأكثر ذكاءً على وجه الأرض. إمكانات النمو هائلة، وأعتقد أنّ ذلك سيضعنا في حقبة جديدة من الابتكار. لا تزال السوق في مراحلها الأولى، ولكن من يستثمر الوقت ويبني تحالفات قوية مع مزوّدي التكنولوجيا سيحصد نتائج جيدة.