'المرصد العالمي لريادة الأعمال': تفاؤل بشأن مستقبل الرياديين في السعودية
بدأت السعودية تنفيذ استراتيجيتها التي طال انتظارها لدعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتقرير "المرصد العالمي لريادة الأعمال" Global Entrepreneurship Monitor يقدّم لمحة عن المستوى الذي وصلت إليه.
يُبدي التقرير الذي نُشر اليوم ويغطّي عامي 2016 و2017، تفاؤلاً حيال مستقبل رواد الأعمال في السعودية كما يشكّل حافزاً للحكومة وصنّاع القرار للاستمرار في تطوير البيئة الريادية.
يعتبر الدافع الرياديّ القوي الذي يتمتّع به الشباب عاملاً واعداً، لأنّهم سيكونون المحرّك الحقيقي للجهود المبذولة في سبيل التحوّل في البلاد.
انطلاقة جيدة
يرتبط مستقبل السعودية بقوة بقدرتها على تطوير العقلية الريادية الصحيحة وتعزيز النشاط الريادي ودعمه.
اعترفت الحكومة السعودية قبل فترة بأن احتياطاتها النفطية لن تستمرّ إلى الأبد، ولكن قبل إطلاق "رؤية 2030" Vision 2030 لم تكن هناك استراتيجية طموحة وملموسة لتحقيق هذا التحول.
والآن تهدف "رؤية 2030" و"خطة التحوّل الوطني" National Transformation Plan المرتبطة بها إلى "إطلاق القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل"، كما تركّز على توفير فرص العمل ودعم رواد الأعمال.
غير أنّ اقتصاداً مستداماً وموجّهاً نحوّ النمو يحتاج إلى حركة كبيرة من النشاطات الريادية عالية الجودة وذات إمكانات عالية، فضلاً عن آليات الدعم.
الحقائق
لاحظ تقرير "المرصد العالمي لريادة الأعمال" الذي أصدره "مركز بابسون العالمي لريادة الأعمال" Babson Global Center for Entrepreneurial Leadership، أنّ ريادة الأعمال تزدهر في المملكة خصوصاً بين الشباب والنساء.
ويُعدّ التقرير أكبر دراسة حول ريادة الأعمال في العالم منذ العام 1999، وهو يغطي 82% من إجمالي الناتج المحلي العالمي و71% من السكان في العالم. إليكم بعض الحقائق التي توصل إليها في السعودية.
رائد الأعمال في المرحلة المبكرة عادة ما يكون رجلاً. ارتفع متوسط عمر رائد الأعمال في المرحلة المبكرة في الأعوام الأخيرة من 31 إلى 33.5 سنة، وهو يحمل شهادة جامعية، ودخله السنوي أقلً قليلاً مما كان عليه في عامي 2009 و2010، ويعمل على مشروعه بدوام كامل. كما يعيش في أسرة انخفض عدد أفرادها من ستة أشخاص في العام 2009 إلى خمسة في العام 2016.
مشاركة الرجال في أنشطة ريادة الأعمال في السعودية أكبر نسبياً، ولكنّ النساء يعملن على سدّ الفجوة. بناءً على التركيبة السكانية للرجال والنساء في المملكة، يبلغ معدّل مشاركة الذكور في إجمالي النشاط الريادي TEA (Total Entrepreneurial Activity) 12.9%، فيما يبلغ معدّل مشاركة الإناث 9.7%. وعند اتخاذ معدلات المشاركة في إجمالي النشاط الريادي كأساس للحساب، فإنّ 61.4% من رواد الأعمال هم من الرجال، و38.6% من النساء.
هناك انجذاب ثقافي قوي لريادة الأعمال، ولكن ليس للتنافسية. مقارنة بعامي 2009 و2010، تشير مفاهيم القيم المجتمعية المتعلقة بريادة الأعمال إلى أنّ المجتمع السعودي أصبح أقلّ تنافسية، والسعوديون أنفسهم أقلّ اقتناعاً بأنّ مؤسّسي الأعمال الناجحين يتمتعون بمركز أعلى وقدر أكبر من الاحترام.
احتمال الشروع في ريادة الأعمال مرتفع، ولكنّ ليس بقدر المستوى الإقليمي. في العام 2016، كان 25.8% من السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً يفكّرون في إطلاق أعمال تجارية جديدة في السنوات الثلاث المقبلة، في حين يبلغ معدّل "المرصد العالمي لريادة الأعمال" 25%. وفي المقابل، كانت النسبة في مصر قريبة من 65% وفي لبنان 45%.
يظهر السعوديون ميلاً مرتفعاً إلى حدٍّ ما للانخراط في الأنشطة الريادية. يشمل معدّل إجمالي النشاط الريادي (أي نسبة السكان في سن العمل الذين يكونون على وشك بدء نشاط ريادي والذين بدأوا في غضون 42 شهراً من الدراسة) 11.4% من السكان البالغين، وقد ارتفع بنسبة 6.7% منذ العام 2009. ومع ذلك، فإنّ المعدلات في السنوات السابقة إلى جانب المعدل الإجمالي لإيقاف الأعمال التجارية في الأشهر الـ12 الماضية (6.1%)، تشير إلى أنّ وتيرة بدء الأعمال ليست متوازنة بشكل جيد مقابل وتيرة إيقافها. تتميز السوق السعودية بوجود نسبة عالية من الشركات التي أُنشئت حديثاً، ولكن هناك درجة تقلّب عالية، ما يعني أنّ الأعمال منخفضة الإمكانات غير قادرة على المنافسة والاستمرار في السوق لفترة طويلة.
ثمة مجال لتطوير توجّه "ريادة أعمال الموظّفين" intrapreneurship في السعودية. إلى جانب النشاط الريادي المستقل، يشارك 4.9% من السكان كرواد أعمال موظّفين intrapreneurs داخل الشركات أو المنظمات. ولكنّ معدل نشاط ريادة أعمال الموظفين أقلّ من متوسط المعدل في البلدان التي يحرك اقتصادها الابتكار، وبالتالي هناك مجال كبير للتركيز على هذا التوجه في السعودية.
إطلاق الأعمال هو خيار وليس ضرورة لمعظم السعوديين. تشكّل الشركات الناشئة التي تحفزها الفرص 92.3% من الشركات التي أُطلقت في العام 2016. ويبدو أنّ تحقيق قدرٍ أكبر من الاستقلالية هو ما ينتظره معظم رواد الأعمال في السعودية عند إطلاق الأعمال، باستثناء عندما يكون النشاط الريادي في مراحل مبكرة.
تُبدي البيئة الريادية في السعودية بعض نقاط الضعف مقارنة بالبيئات الريادية على صعيد العالم، كما أنّها خلال السنوات السبع الماضية أصبحت أضعف من حيث عدّة مؤشرات أساسية. ولكي نفهم الأسباب، علينا أن نسقط من حسابنا تأثير أزمة النفط، والاضطرابات الجيوسياسية، وتدهور الاقتصاد الكلي.
من ناحية أخرى، لدى السعودية مجال كبير للنمو إذا استطاعت الاستفادة من الجيل الشاب المدّرب تدريباً جيداً، ومن "هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة"، وكذلك من خطّة التحوّل القوية.
الصورة الرئيسية من "المرصد العالمي لريادة الأعمال".