الزحمة تدفع بسوق التوصيل في القاهرة قدماً
يعتبر النقل الشخصي في مصر أشهر مجال عمل الشركات في الاقتصاد التشاركي حيث تتنافس شركات "أوبر" Uber و"كريم" Careem و"أسطى" Ousta بشدّة لانتزاع حصة في السوق. غير أنّ ميل المصريين إلى إتمام الأمور بأقل جهدّ ممكن، أفسح المجال أمام ولادة نموذج آخر من الشركات.
ففي مدينة حيث يجري توصيل الدواء والسجائر والمواد الغذائية والمأكولات والملبوسات، تعتمد شركتا "بوسطة" Bosta و"أسطى مان" Oustaman الحديثتان الرقمنة في خدمات التوصيل عند الطلب في أكثر شوارع القاهرة الكبرى اكتظاظاً.
أما نموذج العمل فبسيط للغاية: "’أوبر‘ لتوصيل الطلبات والخدمات".
مدّ يد العون للشركات
أوّل تطبيق يدخل هذه السوق هو تطبيق "بوسطة" وذلك في كانون الأوّل/ديسمبر من العام الماضي. وهو تطبيق ويب يسمح للمستخدمين (خصوصاً الشركات في الوقت الراهن) بإرسال طلبات للاستلام أو التسليم الفوري أو في غضون ساعات على الأكثر. ويقوم بالتوصيل سُعاة على دراجاتهم النارية الخاصة بكلفة لا تتجاوز 30 جنيه مصري (أقلّ من دولارين).
يشغل محمّد عزّت المتخرّج من "واي كومبينايتور" Y Combinator، منصب الرئيس التنفيذي لهذه الشركة، فيما يعمل أحمد جبر كمدير للعمليات فيها ومحمد الحسيني كمديرها التقني. وصُمّم نموذج عملها أوّلاً لمساعدة مواقع التسوق والشحن الموجودة في مصر من بينها موقع التسوق الخاص "لينكس" Lynks الذي يعتبر فعلاً شريكاً مقرّباً.
ويوضح عزّت لـ"ومضة" إنّه "من المضمون أن تحتاج الشركات في هذه المرحلة، باستمرار إلى خدمات توصيل، وهو ما يساعدنا على التركيز أكثر على تنمية الجانب التقني للمشروع". ويضيف أنّ ’بوسطة‘ أطلقت "قبل أشهر نسختها التجريبية لاختبار الفكرة، ونجحنا في استلام وتسليم 100 طلب في فترة زمنية قصيرة جدّاً".
يخطط فريق "بوسطة" عند الحصول على استثمار تأسيسي، لإطلاق خاصّية ثانية هي الاستلام والتسليم المباشر بين العملاء consumer-to-consumer (C2C).
يقوم نموذج عمل "بوسطة" بأكمله على مبدأ التعهيد الجماعي Crowdsourcing حيث تتعامل مع سُعاة بعد التحقق من أهليتهم وتراقب أداءهم وتقيّم عملهم ولكنّها لا توظّفهم "بشكل رسمي" أو تشتري لهم الدراجات أو أيّ شيء آخر.
المنافسة محتدمة
ولكن من المتوقع أن تواجه "بوسطة" منافسة قويّة في الأشهر المقبلة لا سيّما من "أسطى مان"، آخر منتجات شركة "أسطى" صاحبة تطبيق طلب السيارات الناجح للغاية والتي أطلقت خدمة توصيل على مستوى الشركات والعملاء والتبادل المباشر بين العملاء يوم الأحد الماضي.
انطلقت "أسطى" في آذار/مارس العام الماضي، وسرعان ما باتت تقدّم خدمة طلب السيارات في 13 مدينة في كلّ أنحاء مصر متحدّيةً الشركتين الرئيسيتين في السوق. لذلك، إذا كانت "أسطى مان" شبيهة بشركتها الأمّ، قد يسبب ذلك تحدّياً كبيراً لـ"بوسطة".
وكان سبب انطلاق "أسطى مان" قرار مدير مجلس إدارة "أسطى"، نادر البطراوي، بأنّ التوصيل والشحن واللوجستيات بحاجة ماسة إلى اهتمام، ولو أنّ "أسطى" تحقق نتائج جيّدة كشركة طلب سيارات. فـ"التوصيل خلال 72 ساعة يجب أن يتحوّل إلى التوصيل الآن".
يقول البطراوي إنّ "سعاة ’أسطى مان‘ يؤدّون ثلاث وظائف لثلاثة أنواع من العملاء".
الوظيفة الأولى هي كمساعد شخصي للأفراد، حيث يقوم الساعي بخدمات شخصية وباستلام وتسليم الطلبات كالأوراق والزهور، بشكل فوري. أمّا وظيفته الثانية، فهي تقديم خدمات للبائعين بالتجزئة الذين يؤمّنون التوصيل في غضون ساعة. والثالثة هي للشركات التي تلجأ إليهم لتلبية حاجاتها من استلام وتوصيل.
يتّفق البطراوي والشريك المؤسس لـ"أسطى"، عمر صلاح، على أنّ ميل المصريين إلى الحصول على ما يريدونه بسرعة، والزحمة الخانقة في القاهرة التي تمنعهم من القيام بذلك بأنفسهم، عاملان يساهمان في ولادة سوق كبيرة لهذا النوع من الخدمات.
الصورة الرئيسية من "وولدوايد سيكلينج أطلس" Worldwide Cycling Atlas.