أمجد أحمد: هذا ما أعرفه عن رأس المال الصبور
يرى أمجد أحمد أن شركات الاستثمار الأمريكية، مثل "بيركشاير هاثاواي" Berkshire Hathaway و"ثري جي كابيتال" 3G Capital هي النماذج المثلى التي يمكن مقارنتها بشركته "بريسنكت بارتنرز" في دبي. والأخيرة هي شركة استثمار مخاطر تستثمر في رأس مال النمو وتتبنى نموذج رأس المال الصبور.
وأحمد من أصول فلسطينية نشأ وترعرع في الولايات المتحدة قبل انتقاله إلى المنطقة. وشارك في تأسيس "إن بي كيه كابيتال بارتنرز" وتولى منصب رئيسها التنفيذي. ويقول إن صلته الطبيعية بالمنطقة ودافعه لترك بصمة في سوق المنطقة الناشئة هما ما قاداه إلى هنا.
تضم "بريسنكت بارتنرز" حالياً 6 شركات في محفظتها، من بينها "بيزات" Bayzat التي حصلت في أول جولة تمويلية على 3.6 مليون دولار أمريكي و"مستر أوستا" Mr. Usta التي أعلنت للتو حصولها، قبل إتمام أول جولة تمويلية، على 2.75 مليون درهم إماراتي (750,000 دولار أمريكي).
يقول أحمد إنهم في الشركة يستخدمون نموذجاً يسمّى "رأس المال الصبور" حيث يكون المستثمرون مستعدّون للانتظار إلى حين تنجز الشركة عملية التطوير والبيع في الوقت المناسب بدلاً من تحقيق الأرباح (أو تكبّد الخسائر) في وقت محدد مسبقاً وهو عادة ما يكون بالنسبة لمعظم صناديق رأس المال المخاطر خمس إلى سبع سنوات بعد الاستثمار.
وفي منطقة مثل الشرق الأوسط حيث ما زالت منظومة ريادة الأعمال في مراحلها الأولى، سيكون هذا النموذج مفتاح تحقيق النمو المستدام.
وفي ما يلي ما قاله أحمد لـ"ومضة" عمّا يعرفه عن نموذج رأس المال الصبور.
بادئ ذي بدء، تريث ولا تتعجل. هذا النوع من رأس المال، يمنح الشركة أو السوق مدة زمنية طويلة للتطوّر. فتحسين هذه الشركات يحتاج إلى وقت وكذلك ضخ القدر المناسب من رأس المال فيها وتطويرها للمدى الطويل. وهذا يعني أنك تتخلّى عن العائد القريب على حساب جني عائد أضخم في مرحلة لاحقة.
يحقق النموذج نجاحاً في الأسواق غير السائلة. مع نموذج رأس المال الصبور، لا تحتاج إلى عدد معين من الاستثمارات سنوياً. وهذا يعني أنه يمكنك التريث في اختيار الاستثمار المناسب، وإن أحسنت الاختيار فستتفوق على غيرك. ويسمح لك هذا النوع من رأس المال بأن تكون صبوراً خلال عملية التخارج. فعلى عكس الأنواع الأخرى من الاستثمار التي تفرض وقت محدداً للتخارج، يسمح لك رأس المال الصبور بالانتظار حتى وقت التخارج الأمثل من دون أن تضطر للبيع في وقت هبوط السوق أو وقت انخفاض التقييمات أو في وقت لم تبلغ الشركة بعد النمو المنشود.
التخارج ليس ملزماً. في نماذج أخرى من رأس المال، تتعرض لضغوط لإجراء التخارج لجني الأرباح. وهذا قد يجعلك ترتكب أخطاءً أنت بغنى عنها. فالاستثمارات تستغرق وقتاً طويلاً، لاسيما عندما تكون استثماراً برأس مال مخاطر أو برأس مال النمو، كما تفعل "بريسنكت". أما مع رأس المال الصبور، فإذا واصلت الشركة تحقيق عائدات كبيرة كل عام، فلن يكون هناك داعٍ لبيعها.
يرتبط باختيار المستثمرين المناسبين. يدخل السوق مستثمرون يبحثون عن الربح السريع وآخرون أكثر صبراً. أحاول أن أجذب مستثمرين من النوع الثاني من أصحاب رأس المال الصبور الذين يؤمنون بهذا النموذج، والذين يهتمّون بالعائد بعيد المدى وارتفاع قيمة الشركة على المدى الطويل.
الشركات الناشئة تفضل هذا النموذج تفضل الشركات الناشئة عدم طرح مسألة التخارج. لا أحتاج إلى تخارج منصوص على تفاصيله في وثيقة. أستثمر لأني أرى فرصةً سانحة لتحقيق أرباح ضخمة وأنا مستعد للانتظار. أحاول أن أكون شريكاً لا مستثمراً مع حصة تحقق منها الشركات الناشئة منفعة معتبرة. وهذا النموذج مناسب جداً للشركات الناشئة لأنها تستغرق وقتاً طويلاً حتى تحقق ربحية في هذه السوق.ليس سهلاً أن تكون صبوراً. لا يسهل تطبيق نموذج رأس المال الصبور، لذلك لم يتمّ تبنّيه في المنطقة بعد! فمن الأيسر كثيراً جمع الأموال من أجل أن تفعل ما يفعله الآخرون لأن هذا هو السائد. لذلك لا بد من وجود عقلية تستوعب هذا النموذج، والمستثمرون بالمنطقة يعرفون أن النموذج لم يُطبق على نطاق واسع هنا. ولكن البيانات تشير إلى ارتفاع العائدات عامةً من الصناديق ذات العمر الأطول نسبياً؛ فالصناديق ذات فترات التجميد الأطول لرأس مال المستثمر تحقق عائداً أعلى لأنها تتيح لمدير الصندوق اتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ربح أعلى.
انعدام السيولة هو التحدي الأكبر المفارقة هو أن عامل انعدام السيولة هو ما يجعل العائد أكثر جاذبية! والتحدي الماثل أمامي هو إصلاح المشكلة أو التخفيف من أثرها على شركائي من المستثمرين؛ وأحد سبل تحقيق ذلك إنشاء سوق لأسهم الشركات.
إنه النموذج المثالي للمنطقة لقد تجاوزت الأزمة الاقتصادية العالمية بمحفظة استثمارات في الأسهم الخاصة. ثم حل الربيع العربي ليعقبه انخفاض أسعار النفط. يتيح لك رأس المال الصبور الفرصة لمعلاجة المشكلة، لاسيما في بقعة من العالم غالباً ما تعاني من الاضطرابات. عندما وقعت الأزمة الاقتصادية العالمية، اكتشفنا مقدار الضرر الذي ألمّ بكل شركة في محفظتنا؛ فبعض الشركات واجهت مشاكل في ميزانياتها العامة وأخرى تضررت بسبب تهاوي أرباحها. ولأننا لم نكن مضطرين لإجراء التخارج، انتظرنا، وتمكّنا من الصمود في الدورة الاقتصادية. حتى أننا استغلّينا الانكماش الاقتصادي لتحسين الشركة وجني أرباح من المحفظة في بيئة أقل تنافسية. في الواقع، إن فترات الانكماش الاقتصادي إيجابية بالنسبة لنماذج رأس المال الصبور.
الصورة الرئيسية عبر "بيكسيلز" Pexels.com.