التمويل والقوانين لا تقف عائقاً أمام 'ابتكار' هذه الشركة السعودية الناشئة
أن تكون سبّاقاً في السوق لا يعني أنّك ستنجح بالضرورة، ولكنّ تغيير محور أعمالك قد يضعك في الطليعة.
هذا ما فعلته شركة "إبتكار" Ibtikar السعودية التي أسّسها ماجد الثقفي وعيسى عطوي كموقعٍ لمقارنة المنتَجات المالية قبل أن تصبح شركةً ناجحةً لإنتاج تطبيقات المحمول وغيرها من البرامج.
شغفٌ منذ البداية
يتحدّث الثقفي عن بداياته الريادية، فيقول إنّه "في عام 2010، وبينما كنتُ أعمل في ’بنك الجزيرة‘ كمديرٍ لتطوير الأعمال، قرّرتُ وزميلي عطوي أن ننشئ عملاً يختصّ بالمنتَجات الرقمية وكنتُ أطمح إلى إنشاء موقع لمقارنة القروض، فأنشأنا موقع ’فلوسكم‘ Floscom".
بعد ذلك طرح عطوي الفكرة على صديقَين له، هما مشرف الغامدي ويوسف الحمراني، فانضمّا إلى الفريق المؤسّس وشاركا في تمويل الشركة الناشئة فكان هذا بمثابة أوّل تمويلٍ تأسيسيّ لها.
انطلق موقع "فلوسكم" في حزيران 2011 واستمرّ لسبعة أشهر فقط كونه لم يعرف النجاح الذي أراده له المؤسّسون، لأنّ "السوق لم تكن جاهزة لمثل هذا المنتَج. أمّا التمويل بواسطة القروض فكان مخاطرة كبرى ولكلّ بنك حساباته وتقييماته الخاصّة"، بحسب الثقفي.
ففي ذلك الحين، يقول لـ"ومضة" إنّ "المصارف لم تكن تقدم المعلومات، ولكنّ الوضع تغيّر الآن وبات هناك الكثير من منصّات المقارنة".
نقطة تحوّل
لم ييأس الفريق، وفي أثناء العمل انضمّ إليهم مطوّر ومصمّم التطبيقات خالد السيناوي، حيث عملوا على إنتاج لعبة "آي بلوت" iBaloot (لعبة بطاقات مشهورة في الخليج) فكانت أوّل منتَجات "إبتكار"، الشركة التي انطلقَت فعلياً في تموز/يوليو 2011.
فازَت اللعبة بجائزة أفضل تصميم من شركة "موبايلي" Mobily عام 2011، وفور إطلاقها "حصلت على 55 ألف تنزيل" بحسب الثقفي (يحظى التطبيق حالياً بنحو 5 ملايين تنزيل). وبعد ذلك أنتَجت الشركة عدّة تطبيقات أحدثها تطبيق صحيفة "سبق" Sabq الإلكترونية الذي "لاقى نجاحاً كبيراً".
كلّ هذا ساعد الشركة على البروز واهتمام المزيد من العملاء بها كونها "تعمل معهم كشركاء وتفهم طبيعة أعمالهم"، وفقاً للثقفي الذي يذكر أنّهم يركّزون على السوق المحلّية "لأنّها في حاجة ماسّة للتطبيقات وهي سوق واعدة. فالهواتف الذكية تنتشر بنسبة مرتفعة (45.35% في الشرق الأوسط وأفريقيا و72.9% في السعودية في عام 2016)، كما أنّ التطبيق أصبح حاجةً أساسية واستراتيجية للشركات ولم يعد خياراً".
أرادت إبتكار" العمل على تطوير تطبيقاتٍ "ذات جودةٍ عالية وتزيد من الإنتاجية وتوفّر من التكلفة التشغيلية"، على حدّ قول الرئيس التنفيذي، وقد ساعدها ذلك على النموّ والتوسّع. لقد أنتَجَت حتّى الآن أكثر من 90 تطبيقاً لأكثر من 35 جهة. وكان من بين عملاء الشركة اللذين ساعدتهم على إطلاق تطبيقاتٍ لخدماتهم، وزارة الخارجية السعودية، و"جامعة الإمام"، ووزارة الدفاع السعودية، والغرفة التجارية بالمملكة، وهيئة النقد السعودي، وغيرهم.
تحوّل آخر ومنتَجات متنوّعة
تتّبع "إبتكار" نموذج تقديم الخدمات لشركات أخرى B2B تشمل تأسيس تطبيقات مدفوعة، ووالتصميم والتطوير بالكامل، وافتتاح حسابات في ماتجر التطبيقات، ونشر التطبيقات، بالإضافة إلى صيانة سنوية لمساعدة العملاء على استمرارية التطبيق. ومع ذلك، استمرّت الشركة بالعمل على إنتاج منتَجاتٍ خاصّةٍ بها تستهدف المستهلِكين مباشرة B2C.
أطلقت منصّة "لاندلي" Land.ly التي تعمل كدليلٍ للتطبيقات على مختلف المنصّات، وهي مجّانية يستفيد منها مجتمع التطبيقات وكذلك شركة "إبتكار". ويشرح الثقفي أنّ "لاندلي" تمكّن "المطوّرين من توفير رابط واحد لكلّ المنصّات التي يعمل عليها التطبيق، وقد حصل البعض على زيادة بنسبة 60% في معدلات اكتساب المستخدمين مقارنة باستخدام الروابط المنفصلة".
وبعد نجاح تجربتها مع "سبق"، أطلقت "إبتكار" منصّة خاصّة بها لإدارة محتوى الصحف الورقية والإلكترونية باسم "جلانس" Glance.
بدأت الفكرة في عام 2014 مع "انتشار الصحف الإلكترونية" بحسب الثقفي الذي يشير إلى أنّ الصحف لديها الموارد والمحتوى والمعرفة ولكن ليس لديها القنوات التي تساعدها على نشر المحتوى. "كما أنّ نسبة امتلاك الصحف في العالم لتطبيقاتٍ خاصّة بها لم تتخطّ الـ50% وفق دراسةٍ أجرتها "إبتكار" مع أحد شركائها".
تمكّن "جلانس" المستخدِمين من نشر المحتوى على 7 منصّات مختلفة (تطبيقات للهواتف، وموقع إلكتروني، وغيرها). ويمكن للصحف والمستخدِم تخصيص الوقت المناسب لإرسال واستلام الأخبار عبر الإشعارات، والمكان المناسب لإيصال الخبر الأقرب جغرافياً للمستخدِم النهائي". بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستخدِمين إرسال الأخبار إلى الوسيلة الإعلامية ليقرأه المختصّون ويحرّروه ويعيدوا نشره.
وحتّى الآن، تحظى "جلانس" بثقة عملاء مثل "سبق" و"مطبخ قودي" Goody Kitchen.
من المنتَجات الأخرى للشركة، منصّة "فيكس" Fix التي تجمع بين مزوّدي الخدمات المنزلية والمستهلكين، وهو توجّه بات رائجاً في المنطقة وخصوصاً في دبي مع شركات مثل "مستر أسطه" mrUsta و"سرفيس ماركت" Srvicemarket. أمّا "فيكس" فقد انطلقت في بداية آذار/ مارس، "وهي تحقّق أرقاماً ممتازة في السعودية في الرياض وجدة، ما جعلنا نخطّط لتوسعتها في السنة القادمة"، على حدّ قول الثقفي.
هذا وسوف تطلق "إبتكار" منتَجاتٍ أخرى في مجال "إنترنت الأشياء"، حسبما قالت الشركة لـ"ومضة" أثناء معرض "جايتكس" Gitex الذي انعقد في دبي في تشرين الأول/أكتوبر.
لا أهمية للصعوبات إذا عرفت كيف تستفيد من الفرص
يشير القفي إلى أنّ شركته لم تحصل على أيّ تمويلٍ خارجيّ حتّى الآن، "فمشاريعنا التي تحقّق أرباحاً هي التي ساهمَت في تمويلنا، بحيث نستثمر الأموال لتوسيع الشركة".
تضمّ الشركة حالياً 76 موظفاً بدوام كامل بين مبرمجين ومطوّرين وموظّفين في الأقسام الإدارية. وفي حين تتّخذ من جدة مقرّاً رئيسياً لها،يوجد لديها أيضاً مكاتب في مصر والمغرب والإمارات.
لم يكن هذا النجاح سهلاً، لأنّ "معظم الشركات تقلّل من شأن التطبيقات ولا تدرك أهمّيتها في زيادة العوائد، لذلك لا تخصّص ميزانية لها"، كما يشرح الثقفي.
لذلك عملت "إبتكار" على تغيير المفاهيم في هذا القطاع، و"أجرينا محادثات مع الشركات وعملنا معها على أهمية التطبيقات على مستوى أنشطة الأعمال (رفع المبيعات، رفع التفاعل المستخدم، خدمة المستخدم النهائي)".
ومن هذه النشاطات ورش عمل "إنوكوزمو" Inno Cosmo التي تهدف إلى التفاعل مع المجتمع التقني في مصر، ويمكن أن تأتي إلى السعودية قريباً.
أمّا على الصعيد المحلّي، فقد عانى الفريق من صعوبة عملية التسجيل وعدم وضوح القوانين بحسب الشريك المؤسّس. "ومع أنّ قانون الإفلاس لم يطبّق بعد والتمويل عبر البنوك صعب، إلّا أنّ الأمور تتحسّن ولكنّها تحتاج إلى السير بوتيرةٍ أسرع".
"ريادة الأعمال تتطوّر في السعودية، خصوصاً من ناحية الاستثمار التأسيسي والاستثمار المخاطر، ونحن بصدد الإعداد لجولة تمويل قريباً".