شركة سعودية تبتكر نظارة واقع افتراضي جديدة قد تغير مفهوم الكتب
فيما يتوقّع أن تصل قيمة سوق الواقع الافتراضي إلى 150 مليار دولار بحلول عام 2020، فإنّ هذه السوق قد تحقّق أول مليار دولار لها في العام الجاري بحيث يكون 700 مليون دولار منها للأجهزة والباقي للمحتوى.
وفي الشرق الأوسط وأفريقيا، تتوقّع "شركة البيانات الدولية" IDC أن تحقّق سوق الواقع الافتراضي هذا العام 181.58 مليون دولار، وأن تصل إلى 6 مليارات دولار بحلول عام 2020.
السعودية ليست بعيدةً عن هذا المجال، مع وجود شركاتٍ مثل "التجربة البصرية" Visual Experience التي انطلقت في عام 2014 من "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا" KAUST.
تُنتج هذه الشركة محتوىً للواقع الافتراضي و نظّارةً تحمل اسم "كُن هناك"Be There، تشبه نظّارة "كاردبورد" Crdboard من "جوجل" Google، ولكن تتميّز بأنّه يمكن ثنيها وتوضيبها داخل ما يشبه الكتاب. كما تقدّم خدمات أخرى، مثل تصميم وتطوير المحتوى والتطبيقات خصوصاً في مجال الواقع الافتراضي.
من المحتوى إلى النظارات إلى تقديم الخدمات للشركات
أطلقت شركة "التجربة البصرية" رسمياً في آذار/مارس 2015، بعدما أيقن الفريق أنّ مستقبل الواقع الافتراضيّ مشرق خصوصاً بعد شراء "فايسبوك" لشركة "أوكولوس" بمليارَي دولار.
يشرح الشريك المؤسس ومدير العمليات، محمد الزايدي، أنّه وشقيقه عبدالواحد (الرئيس التنفيذي) يمتلكان "خلفية في التكنولوجيا وكان لديهما فكرة عن تطبيقٍ للواقع الافتراضي، "فذهبنا في عام 2013 إلى ’جامعة الملك عبد الله‘ للمشاركة في برنامج ريادة الأعمال".
وبعد ذلك انضمّ إليهما كمديرٍ تقنيّ، بيتر رواتك الذي يعمل كباحثٍ في الجامعة و"يمتلك نظرة تحليلية وأفكار دقيقة في الواقع الافتراضيّ، ما ساعدنا على دراسة الأفكار والتوصّل إلى شيءٍ عملي".
قبل ذلك، كانت الشركة في فترة احتضان في برنامج ريادة الأعمال في الجامعة حيث حصلت على تمويلٍ تأسيسي قدره 150 ألف دولار من صندوق دعم الابتكار. فأطلق الفريق أولى تطبيقاته "نافذة مكة" Makkah Window في عام 2014، وهو تطبيق واقع افتراضي يعرض صوراً وفيديوهات بنطاق 360 درجة وخرائط تفاعلية لهذه المدينة.
وفي منتصف عام 2014، بعد انتشار "كاردبورد" لرخص سعرها وسهولة استخدامها، "راح مستخدمو التطبيق يطلبون منّا نظّاراتٍ للواقع الافتراضي، فقرّرنا تطوير نموذج عمل الشركة وإنتاج نظّاراتٍ مصنوعة من الكرتون المقوّى تحاكي معايير ’جوجل‘ إنّما يمكن توضيبها وحملها"، بحسب محمد الزايدي.
استمرّ العمل على النموذج الأوّلي لهذه النظّارات لثمانية أشهر، وهي الآن ما زالت تحت الطلب حيث من المتوقّع أن تصل إلى السوق في شهر تشرين الثاني/نوفمبر بسعر 26 دولاراً للنظّارة الواحدة.
يشرح الزايدي أنّ هذه النظارة المصنّعة من الكرتون "لا تحتاج إلى تركيب أجزائها لأنّها مجمّعة سلفاً، وتظهر مباشرةً بعد فتح الكتيّب الذي يغطّيها. كما يمكنك أيضاً أن تخصّص الرسوم التي تناسبك على الغلاف، بحيث إذا كنت شركةً يمكنك استخدامها للترويج لعلامتك التجارية أو فعاليتك".
ولكنّ شركة "التجربة البصرية" لا تعتمد على إنتاج النظّارات وحسب، بل تعمل أيضاً بنموذج تقديم الخدمات للشركات الأخرى B2B. وحتّى الآن، طوّرت "التجربة البصرية" 7 تطبيقات واقع افتراضي، وأنتَجت 55 دقيقة من فيديوهات 360 درجة".
وبحسب مدير العمليات، "صمّمنا أوّل منتَجٍ لمعرض ’مشكاة‘ التفاعلي الذي تنظّمه ’مدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة‘ في 10 تشرين الثاني/أكتوبر، وطوّرنا كتيّب واقع افتراضي خاصّ للمعرض، ثمّ طوّرنا التطبيق بكلّ تفاصيله".
ويضيف أنّ الشركة تجني المال حالياً من خلال تنفيذ عدّة مشاريع لإنشاء تطبيقاتٍ لمؤسّساتٍ مثل "مدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة" و"سوق عكاظ"، و"هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة"، و"متحف العلوم والتقنية في الإسلام".
لا نجاح من دون عقبات
صنّفت مجلّة "فوربس" فريق "التجربة البصرية" في المرتبة العاشرة ضمن "رواد الأعمال الأكثر إبداعاً في المملكة العربية السعودية"، كما حصلوا على جائزة "أفضل تطبيقٍ في مجال السياحة والسفر" كما يرد على موقع الشركة.
لا شكّ أنّ "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية" قد ساعدَت هذا الفريق من خلال احتضانه وتزويده بالتمويل التأسيسي، غير أنّه لا يمكن للجامعة تذليل جميع العقبات في البيئة الحاضنة.
وأكبر هذه الصعوبات هو "صعوبة تمويل المشاريع القابلة للنموّ وبطء الإجراءات"، بحسب الزايدي الذي يؤكّد أنّه "يمكنك الحصول بسهولةٍ على القرض سهل ولكن التمويل صعب لأنّه لا يوجد ثقة في المشاريع التكنولوجية العربية".
أمّا على صعيد الشركة نفسها، فإنّه من الصعب بمكان "التوفيق بين تطوير الأعمال والمبيعات، مثل إدارة العائدات الناتجة عن تنفيذ المشاريع وتخصيص جزءٍ منها لتطوير المنتجات".
في هذا الاطار، وبهدف تحفيز رواد الأعمال المبتكرين في القطاعات الجديدة ومنحهم فرصة لعرض أفكارهم، تنظم اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر "تحدي٢٢" وهو جائزة للابتكار، أُطلقت عام 2015. ويمكن للمهتمين التقدّم للمشاركة بالمسابقة على الرابط التالي
يبدو الرياديّ السعوديّ متأكّداً من نموّ عملاء الواقع الافتراضي كثيراً في السنوات المقبلة، ويشير إلى أنّ شركته تسعى للتوسّع على الصعيد العالمي. كما يذكر أنّهم الآن في صدد إجراء محادثاتٍ مع شركة "جوجل" للحصول على شهادة لنظارة "كن هناك". وذلك لأنّه "إذا حصلنا على الشهادة سنكون من بين 14 شركة حول العالم بشهادات من جوجل لنظارات الواقع الافتراضيّ، ما سيعزز اسم الشركة في الأسواق العالمية".
الواقع الافتراضي وما يمثّله من فرص ليس جديداً على المنطقة، فهناك عدّة شركاتٍ ناشئة تعمل في هذا المجال لأغراض طبية أو تعليمية أو ترفيهية. ولكن يبدو أنّ ما يجمع بينها على اختلاف توجّهاتها هو الحاجة إلى استثمارٍ لاستكمال النموّ.