هكذا تُعرِّف الناس إلى بعضهم البعض عبر البريد الإلكتروني
نشر هذا المقال سابقاً على "هارفرد بيزنيس ريفيو".
عندما انطلقَتْ مسيرتي المهنية في شبابي، التزمتُ بمبدأٍ أساسيٍّ عند بناء العلاقات يقوم على أساس "تعريف شخصين على الأقلّ إلى بعضهما البعض في كلّ أسبوع".
لهذا السبب، إرسلت كلّ أسبوعٍ رسالةً إلكترونية إلى شخصين قد يستفيدا من التعرّف على بعضهما بعضاً.
ولكن بعد بضعة أسابيع، وبعد أن عرّفت أحد أصدقائي على كاتبٍ مشهور تعاونتُ معه سابقاً، تلقيّتُ رسالةً قصيرةً إنّما قاسيةً من الكاتب جاء فيها: "لم يكن ذلك لطيفاً، أرجو أن تتواصل معي قبل أن تقرّر مشاركة معلوماتي الشخصية [بريدي الإلكتروني أو رقم هاتفي]". تلقيّتُ هذا الردّ القاسي لأنّني أعطيتُ شخصاً غريباً معلوماتٍ كافيةً ليتواصل معه في أيّ مكان وأيّ زمان، من دون أن أسأله عن رأيه بذلك.
يؤدي تعريف الناس على بعضهم البعض دوراً بالغ الأهمية خلال بناء شبكتك المهنيّة. ففي حين يكون عدد معارفك محدوداً، يمكنك من خلال الآخرين أن تصل إلى عددٍ لانهائي من الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك، يساهم تعريف أفراد يعملون في مجالات مختلفة على بعضهم البعض في تحويل شبكتك من قائمة معارف إلى مجتمعٍ نشطٍ من الناس الذين يتفاعلون ويتعاونون.
أمّا إذا كنتَ تقدّم الناس بالطريقة التي كنتُ أتّبعها،ف قد يكون من الأفضل أن تتوقّف عن ذلك.
بالرغم من أنّ البريد الإلكتروني يعتبر وسيلة تقليدية لتعريف الناس على بعضهم البعض، فإنّ هذا الوسيط لا يخلو من العلل والمشاكل. عندما يطلب منك صديقٌ ما تقديمه إلى شخصٍ آخر، ستردّ عليه بإرسال بريدٍ إلكتروني يتضمّن معلوماتٍ عن الطرفين آملاً أن تطلق هذه الرسالة المحادثة بينها. ومن ثمّ عندما تصل هذه الرسالة إلى الأشخاص المعنيين، يردّ طالب التعرّف برسالةٍ أخرى تدخل في صلب الموضوع الذي يريد مناقشته. هذا جيد، ولكنّ هذه الطريقة المفاجئة لتقديم الناس إلى بعضهم البعض تشتمل على عددٍ من السلبيات، نورد بعضها أدناه:
- الوقت: إن لم تكن متأكّد تماماً من جدول أعمال هذا الشخص، قد يصله بريدك الإلكتروني أثناء عدم تواجده في المكتب، أو قد تضيع رسالتك بين الرسائل الإلكترونية الكثيرة التي تصل إلى المتلقّي. في الحالتين، قد يتطلّب الحصول على الردّ الأوّل بعض الوقت، كما أنّ هذه البداية المفاجئة وفترات التوقف بين تبادلات الرسائل الإلكترونية قد تجعل من إنهاء المحادثة عمليّة محرجة وصعبة.
- المسؤوليّة: على الرغم من أنّ تقديم شخصٍ بشكلٍ مفاجئ مفيدٌ لطالب التعارف، غير أنّك بهذا تطلب من المتلقّي تحمّل مسؤولية كبيرة. فهذا الأخير الذي بات يتوجّب عليه التعرّف إلى الشخص الجديد وماذا يمكن أن يقدّم له، عليه (على الأرجح) أن يجد في جدول أعماله وقتاً ليجيب على اتصال هاتفي، أو أن يخصّص وقتاً للقاءٍ ودّي أو أيّ نوع آخر من التواصل. قد يبدو الأمر بسيطاً بالنسبة إليك، لكنّه قد لا يكون بهذه البساطة للمتلقّي.
- لا مجال للهرب: أكثر المقدّمات تعاطفاً قد تتضمنّ مخرجاً يسمح للطرف الآخر بالرفض، غير أنّ هذا غير صحيحٍ في معظم الأحيان. فإذا رفض المتلقّي فعلاً لقاء الشخص الآخر، عليه إمّا أن يتحدّث إلى الطرفين أو أن يرّد عليك بمفردك، ما قد يحرجك أكثر بعد عندما تخبر طالب اللقاء أنّ المتلقّي رفض لقاءه.
في المحصّلة، عوضاً عن المخاطرة بالمقدّمات المفاجئة، يُفضّل اعتماد مقدّمات تطلب الإذن فيها من المتلقّي (تُعرَف بالإنجليزية double opt-in introductions). بمعنى آخر، أطلُب الإذن من الطرفين عبر رسائل فرديّة خاصة أوّلاً.
(قد تبدو هذه النصيحة بديهية لمن يعتمد هذه الاستراتيجية، ولكن يبدو أنّ لكلّ شخصٍ طريقته الخاصّة في إرسال الرسائل الإلكترونية – أيّ أنّه لا يوجد طريقة متعارف عليها للتصرف مع البريد الإلكتروني - وهذا أمرٌ يجب تغييره).
عندما يصلك طلبٌ من شخصٍ يريد أنّ تعرّفه على أحدٍ ما، اشرَح لطالب التعارف أنّك ستتواصل مع الشخص المعنيّ أوّلاً، واستخدِم هذه المحادثة للحصول على معلومات إضافية مثل:
- ما الهدف وراء هذا الطلب؟
- كيف يستفيد الطرفان من هذا اللقاء (إذا حصل)؟
- ما المطلوب من الشخصّ المعنيّ (محادثة هاتفيّة، أو لقاء أو غيرها)؟
هذه المعلومات يقدّمها طالبو التعارف الأذكياء عادةً، ولكنّها فرصة مناسبة للتأكد من أنّ لديك كلّ ما تحتاجه عندما تتواصل مع الشخص المعني.
وبعدما تقوم بذلك، احرص على أن تضمّ رسالتك المعلومات التالية:
- هل طالب اللقاء صديقٌ موثوق أو تعرفه فقط عبر "لينكدإن"؟ (إذا كانت معرفتك به بعيدة سيكون من الأفضل ربّما ألّا تنقل الطلب.)
- هل هناك فائدة مشتركة تراها أنت ولكنّ الطرفين لا يدركونها بعد؟
- ما مدى ارتباطك بهذه العلاقة الجديدة؟
قد يكون من الأفضل أن تسأل عن وسائل التواصل المفضّلة، وانتهاز الفرصة لتقديم المخرج.
أمّا إذا رأيت أنّ في لقاء الطرفين فائدةً يرتضيانها، ستكون قد ساهَمتَ في توسيع شبكة معارفهما وسهّلتَ عليهما بعض الأعمال؛ وهذا الأمرّ لطيف فعلاً.
[الصورة الرئيسية من "أي سايلزمان"]