كيف تؤثر توجّهات التكنولوجيا الجديدة في عالم التسويق؟
"لماذا قررت ‘مندولين‘ ابتكار لوح شوكولاتة بـ‘صباعين‘؟" يبدو أنّ "مندولين مصر" Madolin Egypt نفسها لا تعرف الجواب على هذا السؤال الذي طرحته على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تطلق منتجها الجديد الذي سيعيد إليها شهرتها: إصبعان من الشكولاتة في مغلّف واحد.
"مندولين" للشوكولاتة هي شركة فرعيّة للشركة العالمية للسلع الاستهلاكية السريعة التداول، "مونديليز" Mondelez، غابت عن السوق لفترة طويلة جدّاً بعد أن استبدلها المستهلكون بمنتج أكثر تنافسيّة باسم "تويكس" Twix. واليوم، لأنّها لم تخصص الكثير من الأموال لحملتها الإعلانية، قررت اللجوء إلى المنصّات الرقمية لحملة إعادة إطلاقها.
تشير سارة متولي، مديرة الوكالة الإعلامية "ستاركوم" Starcom في مصر، وإحدى العقول المدبّرة التي وضعت استراتيجيّة إعادة اطلاق "مندولين"، إلى إنّ الحملة جذبت أكثر من 4.5 ملايين مستخدمٍ من على "فايسبوك" و"يوتيوب" فيما نفذت الكميّة المصنّعة من المنتج قبل انتهائها.
وةكانت الحملة التي انطلقت في أواخر حزيران/يونيو، خلال شهر رمضان، قد طرحت سؤالاً واحداً على المعجبين بـ"مندولين": لماذا برأيكم أطلقت "مندولين" لوح شكولاتة على شكل إصبعين؟ ومن ثمّ، صوّرت الإجابات التي حصلت عليها وعرضتها في وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب يعتمد على السخرية.
"لم يكن لدينا ميزانيّة كبيرة ولا فكرة مثيرة عن سبب إطلاقنا لإصبعين من الشكولاتة في المغلّف نفسه،" هكذا شرحت متولي الدافع وراء هذه الحملة يوم الأربعاء الماضي خلال "منتدى الإعلام الرقمي" Digital Media Forum (DMF) الذي ينعقد للمرة الثالثة في القاهرة.
يؤثّر الإعلام الرقمي كثيراً على مجال التسويق إلى حدّ إحداث ثورةٍ فيه. فقد باتت الشركات تتوجّه نحو استخدام الأدوات الرقمية والتوجّهات لتحويل منتج صغير إلى منتج هائل، كما فعلت "مندولين" التي توقّفت عن التصنيع لسنوات عدّة. هذه التغييرات السريعة في تفاعل المستهلكين مع المنتجات والمحتوى والخدمات، تُلزِم الشركات بالنظر إلى الأدوات والرقميّة والتكنولوجيّة، حتى لو كانت مقاييس نجاح هذه التوجّهات لا تزال غير محددة
اختر استراتيجيّتك بحذر
جمع "منتدى الإعلام الرقمي" عشرات المنظمات والخبراء والباحثين في الإعلام الرقمي من مصر والمنطقة العربية وبريطانيا، وناقش هؤلاء توجّهات عام 2016 وتأثيرها على سير الأعمال.
اتّفق ممثلو المنظّمات الدولية على أنّ تحديد الجمهور المستهدف والاختبارات السابقة لأوانها يجب أن تكون أساس أيّ استراتيجيّة تسويق رقمية.
"إذا حظيت بالملايين لتنفقها في حملتك فلا مجال للخطأ، عليك أن تبحث عن الاستراتيجيّة الفعّالة وتتأكد من أنّها تحقق مردوداً لشركتك". هذا ما شددت عليه متولي، لافتةً إلى أنّ الأرقام - مثل عدد المشاهدات والتعليقات والنصائح - تشكّل ركيزة أساسيّة لنجاح الحملة.
"لست بحاجة لأن تتساءل ما إذا كان الناس يرون حملتك أو ما إذا كانت تحدث فرقاً. لأنّه في العالم الرقمي، لديك كلّ البيانات التي تجيب على هذه الأسئلة في أيّ وقت [وفور حدوث أيّ تغيير]."
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وسائل التكنولوجيا غير المتصّلة ببعضها بعضاً Technology silos لا يحصل أيّ تبادلاتٍ بينها عبر الإنترنت. "فعندما يشاهد الناس التلفاز، من المرجّح أن يكونوا متصّلين بالإنترنت عبر هواتفهم حيث يناقشون ما يشاهدونه؛ ويتكرر ذلك إذا كان المستهلك يتنقّل ويستمع إلى الراديو فيما يكون متّصلاً عبر هاتفه في الوقت نفسه،" بحسب متولي.
مدى تأثير الأموال التي تدفعها
لا يجب أن تقيّم استراتيجيات العائد على الاستثمار ROI على حدة، فأفضل طرق جني الأرباح تقوم على التعرّف على الجمهور وتحسين التفاعلات عبر منصّات التواصل المختلفة، أيضاً، كما ذكرت مديرة الإعلام الرقمي في "طارق نور للاتصالات" Tarek Nour Communications، سارة فاروق، في حديثٍ مع "ومضة".
شددت فاروق على أهمّية المقاييس الكميّة مثل عدد المشاهدات أو عدد الناس الذين وصل إليهم الإعلان، لكنّها أكّدَت أنّها ستكون مفيدةً أكثر إذا عرفتَ جمهورك المستهدف بشكلٍ أفضل، وهذا ما ساهمت التكنولوجيا في تحقيقه.
وداعاً للقديم
غيّرت الثورات التكنولوجيّة بسرعةٍ وبشكلٍ ولا مثيل له نماذج الأعمال التي تعتمد على استراتيجيات التسويق ووسائل التواصل التقليديّة مثل التلفاز.
والآن، تتوجّه أنظار التكنولوجيا نحو الأجهزة القابلة للارتداء. ففي عام 2015، باعت “جوجل" Google أكثر من 5 ملايين نظّارة "كاردبود" cardboard للواقع الافتراضي، كما سجّلت مشاهدة الناس لمحتوى الواقع الافتراضي لأكثر من 350 ألف ساعة على "يوتيوب".
بفضل الخوارزميات، ستصبح 85% من علاقة العملاء بالشركات مدارةً بواسطة أدوات إلكترونية آلية، بحلول عام 2020. في آذار/مارس، قدّمت "شركات الطيران الملكية الهولندية" KLM Royal Dutch airlines ميّزة جديدة لعملائها حيث سمحت لهم بتلقّي تذاكر الطيران عبر "فاسبوك ميسنجر" Facebook Messenger ومتابعة معلومات رحلتهم من على المنصّة نفسها.
لا شكّ في أنّ الاستفادة من هذه التوجّهات تعتبر تحدّياً بحدّ ذاته، بخاصةٍ وأنّ "طرق تحقيقها تختلف بحسب أهدافك،" حسبما شرح جيمس واتلي، الشريك في التخطيط والابتكار في "أوغيلفي وماثر" Ogilvy and Mather في بريطانيا لـ"ومضة". مثلاً، "لو كان لديك مشكلة تتكرر عند عدد كبير من العملاء، يمكنك حينئذٍ إنشاء برنامج دردشة يساعدك في التعامل مع هذه المشكلة".
أكّد واتلي أنّ الاختبارات والتجارب تسمح بتحقيق ذلك، فجميعنا "نعلم أنّ الفيديو أصبح قديماً، ولكن ماذا عن الفيديوهات المباشرة؟ إنّها مثيرة للاهتمام وسهلة الصنع".
بدورها، رأت مديرة العلوم الرقمية في "مجموعة شويري" Choueiri Group، يمنى برغل، أنّ المصاعب الاقتصادية يمكنها أن تؤثّر على كلّ إعلامٍ، سواء كان رقميّاً أو تقليديّاً، لذلك "لا يجب أن يقتصر هذا الانتقال على الوسيط فقط".
وتابعت أنّه بالرغم من أنّ "50 إلى 60% من إنفاق العلامات التجارية الرقمي يُخصّص لاستهداف الجمهور، إلّاّ أنّنا نحاول التركيز على قيمة المنتج وليس فقط الأداة".
[الصورة الرئيسية لـ "مينان خاطر"]