أوّل مسرّعة أعمال لا تبغي الربح في السعودية
"بيئة الاستثمارات الريادية الصغيرة في السعوديّة تجبر الشركات الناشئة على الانطلاق إمّا مؤخّراً أو باكراً،" هذا ما يقوله أوزان سونميز Ozan Sonmez، مدير برنامج تسريع الأعمال، "تسعة أعشار" 9/10ths ، التي تأسست مؤخّراً في المملكة.
في الوقت الحالي، تساهم الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يساوي 20% فقط من الناتج الإجمالي المحلّي في السعودية، في حين أنّها تساهم بما يصل إلى 70% في الاقتصادات المتقدّمة. في المقابل، تسعى السعوديّة في إطار خطّتها للمستقبل، "رؤية السعوديّة 2030" Vision 2030، إلى إيجاد فرص عمل مناسبة لمواطنيها من خلال دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والخصخصة والاستثمار في مجالات جديدة.
وهنا يأتي دور مسرعّة الأعمال الجديدة "تسعة أعشار" التي أسسها "صندوق تنمية الموارد البشريّة" Human Resources Development Fund بالتعاون مع "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية" King Abdullah University of Science and Technology (KAUST)
"‘جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية‘ هي شريكتنا. نحن نموّل المبادرة و‘جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية‘ تديرها" تشير نجلاء باراسين، مديرة تنمية الأعمال في "تسعة أعشار".
في "رؤية السعوديّة 2030"، تعد الحكومة بتأسيس حاضنات أعمال إضافيّة ومؤسسات تدريب خاصة وصناديق استثمار مخاطر لمساعدة روّاد الأعمال على تنمية مهاراتهم ومعارفهم. كما تعد بتسهيل عمليّة الحصول على تمويل وتشجيع المؤسسات المالية على تخصيص 20% من تمويلها للشركات الصغيرة والمتوسطة بحلول 2030.
في هذا السياق، تقول باراسين إن "‘تسعة أعشار‘ تريد نقل السعودية من مرحلة استهلاك الوظائف إلى إيجاد الوظائف"
"تسعة أعشار": مسرّعة أعمال لا تبغي الربح
أطلق "صندوق تنمية الموارد البشريّة" هذا البرنامج في أوائل عام 2016 بهدف إرشاد الشركات الناشئة انطلاقاً من مرحلة الفكرة، مروراً بمرحلة دخول السوق، ووصولاً إلى التوسع خارج السوق السعوديّة.
تقدّم حاضنة الأعمال هذه خطّة غير ربحيّة تشمل الإرشاد والتمويل في مرحلة مبكرة، ولا يتمّ الاستحواذ على أيّ من الأسهم مقابل التمويل التأسيسي المقدّم.
يشرح سونميز ذلك لـ"ومضة" قائلاً إنّهم يريدون أن يسمحوا للشركات الناشئة بالفشل من دون الشعور بالندم. ويضيف أنّه "حتّى لو لم تحقق الشركات الناشئة عائداً، إن ‘جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنيّة‘ و‘صندوق تنمية الموارد البشريّة‘ يموّلان المشروع بأنفسهما."
فيما تغيب الاتفاقات القانونيّة مع الفرق المحتضنة، يأمل سونميز على المدى البعيد بأن تعود الشركات الناشئة المتخرّجة من برنامجهم وتستثمر بعضاً من إيراداتها في مجتمع حاضنات الأعمال لدعم شركات ناشئة إضافية. كما يتمنّى أنّ تؤدّي حاجة الشركات الناشئة المتخرجة إلى تكنولوجيات وتقنيات جديدة إلى ارتباطها الدائم بالبرنامج.
عمليّة احتضان من ثلاثة مراحل
نظّمت "تسعة أعشار" برنامجاً يختار 20 فريقاً ويجمعهم في مخيّم تدريب لمدّة شهر قبل مرحلة التسريع. يتضمّن المخيّم ورش عمل عن التفكير التصميمي واستبصار العملاء واكتشافهم، ويحصل كلّ فريق يشارك فيه على مبلغ وقدره ألف دولار لاختبار نظريّته وبرهنة صحّة مفهومه.
يشير سونميز إلى أنّ "معايير الأهليّة لدينا مصممة بشكلٍ فريدٍ من نوعه، فنحن لا نؤمن بأنّه يمكن لأحد أن يلتقي بفريق لمدّة 30 دقيقة ويحدد قدراته إذ أنّ هناك الكثير من النتائج الإيجابية والسلبية الكاذبة."
في ختام مخيّم التدريب، يقع الاختيار على 10 فرق؛ وتتلقى الفرق خلال البرنامج ما بين 4 آلاف و6 آلاف دولار لمتابعة تطوير منتجها لمدّة شهر. وفي نهاية كلّ شهر، عليها أن تعرض منتجها من أجل تلقّي دفعة ثانية من التمويل.
خلال برنامج التسريع الذي يمتّد لثلاثة أشهر، تكون الفرق قد حصلت على ما يتراوح بين 15 ألف و20 ألف دولار، ويتمّ أيضاً تنظيم فعاليّة تسمح لها بعرض منتجاتها. أمّا بعد هذا البرنامج، فيمكن للفرق أن تبقى في برنامج الاحتضان، من دون أن تدفع رسوم إيجار.
بيئة رياديّة نامية في السعوديّة
شهدت السنوات الأخيرة على انطلاق مسرّعات أعمال كثير في السعوديّة ومنها "فلات6لابز" Flat6labs و"إنسباير يو" InspireU و"واعد" Wa’ed.
في حين تختلف هذه البرامج في تفاصيلها، تأمل "تسعة أعشار" أن تتميّز عنها كلّها عبر التركيز على الأثر في المجتمع عوضاً عن استراتيجيات تخارج الشركة الناشئة التي تدعمها.
في حديثه مع "ومضة"، يقول سونميز: "لا نهتم بالنماذج المنسوخة التي تحقق أرباحاً كبيرة، وستوجّب على مسرّعات الأعمال الأخرى أن تدعمها، فهي التي تبحث دائماً عن استراتيجيات التخارج." كذلك، يجد هذا الأخير أنّه مع برنامج ما قبل التسريع، حتّى الفرق التي لا تصل إلى مرحلة الفرق العشرة النهائية تجد قيمة إضافية. ولتحقيق ذلك، "يجدر بالبرامج الأخرى أن تصمم عمليّة اختيار أكثر صعوبة."
شاركت منصّة "إشراق" Eshraq التي تلبّي حاجات طالبي الوظائف الجزئية والمؤقتة في "تسعة أعشار" وانتمت إلى دفعة المتخرجين الأولى منها. بدوره، يصف مؤسس هذه المنصة، عاصم جروش، البرنامج بأنّه "مجموعة دعم حيث الجميع متوفّر لمساعدتك والحرص على أنّك في المسار الصحيح لتحقيق النجاح."
بدأت الدفعة الأولى من الشركات الناشئة بمرحلة التسريع في شباط/فبراير من هذا العام وتخرّجت في 5 حزيران/يونيو، وهم في مرحلة الاحتضان حاليّاً.
ناهيك عن "إشراق"، تشمل لائحة الشركات المتخرّجة شركة "قرطاس" Qirtas Toys التي تصنع ألعاب تراكيب ثلاثية الأبعاد مستوحاة من الابتكارات العربيّة الترائيّة، و"جيكس فالي" Geeks Valley وهو نظام تعليمي مجاني على الإنترنت يقدّم فيديوهات ودروس عن كيفيّة القيام بمشاريع إلكترونيّة.
ستفتح أبواب برنامج "تسعة أعشار" للدفعة الثانية من الشركات الناشئة في شباط/فبراير 2017.