نظرة مستثمِر إلى البيئة الريادية الكويتية
سبق ونُشرت هذه المقالة على منصة "نويت" على مرحلتَين، وهذه نسخة محرّرة ومعدّة منها. يمكنك الاطلاع على المسختين الأصليتين من هنا وهنا.
الدكتور مساعد الرزوقي رجل شديد الانشغال، فهو مؤسّس منصّة "أبي دوك" AbiDoc التي تساعد المرضى على البحث عن موعدٍ مع طبيبٍ وحجزه عبر الإنترنت، وهو الشريك المؤسِّس والرئيس التنفيذي لمنظمة "كليوس" Kleos Healthcare Corporation التي تُعنى بتطوير الرعاية الصحيّة في الكويت، ومدير تنمية الأعمال في "الكويتية للعلوم الحياتية" Kuwait Life Sciences Company المدعومة من الشركة الوطنية لمشاريع التكنولوجيا National Technology Enterprises Company التابعة للحكومة الكويتية.
بعدما تعلّم الرزوقي جراحة الفم والوجه والفكّين، انتقل من العمل التطبيقي والأبحاث إلى قسم الإدارة وتمويل أنظمة الرعاية الصحيّة.
تستثمر "الكويتية للعلوم الحياتية" في شركات ناشئة في مراحل متقدّمة وتركّز على تلك التي تقدّم تكنولوجيا أو خدمة في مجال العلوم الحياتية (العلوم التي تهتمّ بالكائنات الحيّة ومراحل الحياة) مثل "كوانتا" Quanta و"ميديان تكنولوجيز" MEDIAN Technologies.
لكي نفهم الساحة الاستثمارية الطبية في الكويت، تحدّثت "نويت" مع الرزوقي الذي قام بشرح ما يجب على المستثمرين وروّاد الأعمال أن يدرسوه قبل الاستثمار في هذا المجال.
"نويت": كيف ترى مشهد الاستثمار في الكويت بالمقارنة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي؟
الرزوقي: أعتقد أنّ دولة الكويت هي المكان الأمثل لتأسيس شركتك لأنّها مناسبة لاختبار معدنك الريادي، وإذا تمكّنتَ من تأسيس شركة ناجحة في الكويت يمكنك نسخها بسهولة في بلدان مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وإعادة الكرّة. لقد حظينا بأفضل قصص النجاح حتّى الآن مع ’طلبات‘ Talabat وعلينا تشجيع المواهب للمجيء إلى الكويت والعمل فيها.
يريد عددٌ كبيرٌ من الناس مقارنةً بالمناطق في بلدان مجلس التعاون الخليجي وكأنّه من المفترض أن نجد مركزاً واحداً فقط لريادة الأعمال في الشرق الأوسط. في الولايات المتحدة ثمة مراكز رياديّة متعددة: وادي السيليكون في كاليفورنيا و’زقاق السيليكون‘ Silicon Alley في نيويورك، و’مرج السيليكون‘ Silicon Prairie في أوستن، تكساس، و’ميناء السيليكون‘ Silicon Harbor في تشارلستون، ساوث كارولينا، وغيرها. أعتقد أنّه من الممكن أن تتوفّر عدّة مراكز رياديّة في بلدان مجلس التعاون الخليجي ولكن على الحكومات أن تحتضن هذه البيئات وتطوّر سوقاً مشتركة لكي تسهّل على رائد الأعمال عمليّة التوسّع إقليميّاً.
كلّ مدينةٍ في بلدان مجلس التعاون الخليجي تحدّياتها الخاصّة؛ بالنسبة للكويتيين يعتبر تأسيس شركة في الكويت أقلّ كلفة، تماماً كما هي حال الرياض بالنسبة لسكّان نجد في السعودية. يتعلّق الأمر بالمكان حيث تكون شبكة دعمك أقوى. أمّا روّاد الأعمال الذين لا يتمتّعون بشبكة دعم، فيمكنهم إمّا الانضمام إلى حاضنة أعمال أو مسرّعة أعمال أو مصنع شركات ناشئة أو مساحة عمل مشتركة.
"نويت": كيف نجعل الكويت أرضاً خصبة للشركات الناشئة؟
الرزوقي: أوّلاً، علينا أن نسهّل مجيء الناس إلى الكويت، فجميعنا يعلم مدى صعوبة الحصول على تأشيرةٍ وإبقاء الناس هنا. ولسوء الحظّ، لا يمكنك امتلاك شركة كويتية إلاّ إذا كنت تملك إقامة في الكويت. يمكن للأجانب أن يمتلكوا إلى حدّ 49% من شركةٍ من الكويت إن كان لديهم عنوان سكني في هذا البلد.
بالإضافة إلى ذلك، نواجه في الكويت مشكلة عقاريّة ويجب على الحكومة تقديم التراخيص لشركةٍ في المنزل كي يتمكّن الناس من تأسيس شركات من منازلهم ويساهموا في تقليص أسعار العقارات. فاليوم، عليك استئجار دور سفلي في المرقاب لتحصل على ترخيص لشركتك، وذلك لا يوفّر فرص عمل جديدة ولا يضفي قيمة للاقتصاد.
"نويت": ما الذي يجعلك تعدل عن الاستثمار في شركة ما؟
الرزوقي: قبل كلّ شيء، أعدُل عن الاستثمار في أيّ نشاطٍ غير أخلاقي، وهذا يشمل الكذب أيضًا. لن أستثمر في غرضٍ أعلم أنّه لن يقدّم أيّ قيمةٍ اجتماعية أو تقنية جديدة. كما أنني لا أستثمر بأي نشاط لا يتطابق مع الشريعة الإسلامية، أو إن لم يكن الفريق متفانيًا.
"نويت": ما هي الأخطاء الشائعة التي يرتكبها روّاد الأعمال؟
الرزوقي: غالبًا ما يكونون متحفظين ولا يشاركون فكرتهم مع الآخرين، وهذا خطأ كبير. كما ينقصهم التركيز لأنّهم يديرون عدّة مشاريع في الوقت نفسه ولا يبحثون عن المال إلا حين يحتاجوه. من الطبيعي ارتكاب الأخطاء، ولكن على رواد الأعمال أن يفشلوا سريعًا وبانتظام كي يتعلّموا المرونة والانطلاق بسرعة.
"نويت": ما هي الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المستثمرون؟
الرزوقي: يركّز المستثمرون كثيراً على الجانب الربحي، ولا يفسّرون بوضوحٍ بنود دفتر الشروط (أي الاتفاق الرسمي بين رائد الأعمال والمستثمر).
بعضهم يستثمر مرّةً واحدة في الشركة، لكن يمكن للشركة المستثمرة مضاعفة استثماراتها نفسها، طالما أنّ كلفة استثمار في الجولات التالية هي أقلّ من كلفة الاستثمار في شركةٍ مختلفة.