‘يوبيسوفت الدار البيضاء’ تغلق أبوابها: ماذا عن المطورين؟
بعد 18 عاماً من العمل، أعلنت شركة الألعاب الفرنسيّة الكبيرة "يوبيسوفت" Ubisoft عن إغلاق أبوابها في الدار البيضاء تاركةً وراءها 48 مطوّراً عاطلاً عن العمل. للبعض في الساحة المغربيّة المستقلّة لتطوير الألعاب، إعلان التاسع من حزيران/يونيو هذا ليس بالأمر السيء إذ أنّه ينبئ ببداية جديدة لقطاع الألعاب بخاصة وأنّ هذا الأستوديو بدأ بخسارة ذوي المواهب منذ سنوات عدّة.
"تركت عام 2015 بسبب غياب الرؤية للمستقبل في المستويات الإدارية العالية لهذا الأستوديو المغربي، وقد بدأنا نشعر بأنّ الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح" حسبما يشرح المدير التنفيذي لـ"مطوّرو الألعاب المغربيون" Moroccan Game developers، ياسين عارف، في حديثه مع "ومضة" بعد سماعه الخبر واصفاً بيئة العمل هناك بـ"المحبطة".
وفقاً لمصادر "ومضة"، عانى هذا الأستوديو في الدار البيضاء من سوء الإدارة والافتقار إلى الديناميكيّة. وبحسب مؤسس أستوديو الألعاب "لورم" Lorem ، أنس الفيلالي، "خضعت الإدارة ‘المغربية‘غالباً للمساءلة والاتّهامات."
وقد تمادى مصدر مجهول في حديثه مع "ومضة" لدرجة أنّه أعرب أنّ "‘يوبيسوفت‘ أصبحت مكبّاً لكلّ الذين لا يريدون العمل بجدّ وجهد."
ما بين السطور
تأسس أستوديو الدار البيضاء عام 1998 وشكّل أحد أقدم استوديوهات شركة "يوبيسوفت" وأقدم دار لتطوير الألعاب في منطقة شمال أفريقيا.
تبعاً لنجاح أوّل لعبة من "يوبيسوفت الدار البيضاء" وهي النسخة رقم 64 من لعبة "دونالد داك: غوين كواكرز" Donald Duck: Goin' Quaker، وقع الاختيار عليها للمشاركة في تطوير "برنس أوف بيرشيا: واريور ويذن" Prince of Persia: Warrior Within بالتعاون مع أستوديو مونتريال. وفي عام 2003، أنهيا تعاونهما.
"جرى الأمر بشكل سيء" حسبما أشار الموظّف المغربي السابق لـ"لو موند" le Monde عام 2015. "أعيد توزيع [اللعبة] لمونتريال بسبب الاقتتال الداخلي بين الاستوديوهين."
غادر عدد كبير من المطوّرين إثر هذه الحادثة، ولكن رغم انخفاض الحماسة، حافظت "يوبيسوفت" على مخططها لهذا الأستوديو المغربي.
عام 2007، أعلنت هذه الشركة أنّ العلامة التجارية الشمال أفريقيّة سوف تتخصص في الأجهزة المحمولة وستوظّف 150 شخصاً بحلول عام 2010.
وعام 2008، افتتحوا حرماً تعليمياً في الدار البيضاء لتعليم تطوير الألعاب.
وفي هذا الإطار، كان عارف قد أخبر "ومضة" في شهر نيسان/أبريل أنّهم "أرادوا أن يؤسّسوا جيلاً جديداً من المطوّرين المغربيين الذين يمكنهم تطوير ألعاب من الجودة العالية."
هذا الحرم الذي لا يحظى باسمٍ رسميٍّ نظّم برنامجاً تعليمياً مجانياً للطلاب بهدف الوصول إلى 300 خرّيج، و"كان البرنامج صعباً جدّاً إذ كان لدينا معايير الجامعة الأمريكية نفسها"، بحسب عارف الذي كان طالباً عند ذلك الحين.
أدّت الأزمة الماليّة عام 2008 إلى إغلاق الحرم عام 2010. وشيئاً فشيئاً، بدأت "يوبيسوفت" بالتركيز على أستوديو مونتريال بدلاً من ذلك الذي في المغرب حتّى أعلنت الأسبوع الماضي عن إغلاقها لهذا المكتب.
يشير متحدّث باسم "يوبيسوفت" لـ"لو موند" أنّهم لم يتمكّنوا من إيجاد "صيغة مناسبة في هذه السوق الصعبة من أنظمة ألعاب الفيديو المحمولة."
في المقابل، هذا التفسير ليس إلاّ جزئي إذ أنّ الأستوديو الآخر المتخصص بالأجهزة المحمولة وهو "يوبيسوفت باريس" لم يتمّ المساس به. وبحسب "لو موند"، تكمن المشكلة بهجرة المواهب من هذه البلاد.
ماذا عن مستقبل تطوير الألعاب في المغرب؟
يعتقد الناشطون المحليّون أنّ مستقبل المغرب في هذا المجال واعد.
في حديثه مع "ومضة"، يقول علاء الدين قدوري من "إزيليا" Ezelia: "أعتقد شخصيّاً أنّ إغلاق هذا الأستوديو إيجابي، وذلك لأنني أعرف بعض العاملين السابقين فيه الذين سيستغنمون هذه الفرصة لافتتاح استوديوهاتهم الخاصة وبفضل خبرتهم ومعرفتهم لهذه السوق، سوف يقدّمون إنتاجاً مثيراً للاهتمام."
ولن يكونوا أوّل من يقوم بذلك.
بعد مغادرته "يوبيسوفت"، أنشأ عارف "ذا وول جايمز" The Wall Games وهو أستوديو أطلق لعبته الأولي "زحام" Z7am في أيّار/مايو. استهدفت هذه اللعبة جمهوراً مغربيّاً وتلقّت دعم شركة الاتصالات "إنوي" Inwi.
عام 2011، أنشأ عارف وأسامة حسين "مطوّرو الألعاب المغربيّون" من أجل الترويج لتطوير ألعاب الفيديو في البلاد وكوسيلة للمحافظة على الإرث التكنولوجي لـ"يوبيسوفت" في حال أغلقت أبوابها.
بعدما غادر عماد خريجه وعثمان البحراوي "يوبيسوفت"، أطلقا "ريم جايمز" Rym Games وجمعا 2.8 مليون درهم (290 ألف دولار) من صندوق الاستثمار المخاطر المغربي "صندوق المغرب الرقمي" Maroc Numeric Fund لتطوير لعبتهما الأولى "ذا كونجورينج هاوس" The conjuring house.
كذلك، يشكّل "بالم جروف سوفتوار" Palm Grove Software وهو أستوديو أطلقه موظّف سابق أيضاً لـ"يوبيسوفت" عام 2011 مثالاُ آخراً على ذلك.
بحسب القدوري، "قد يسير موظّفون آخرون على خطاهم أو ينضمّون إلى أستوديوهات حاليّة."
في المقابل، لا يرجّح ذلك مؤسس "لورم"، الفيلايلي، الذي يلفت إلى أنّ موظّفي "يوبيسوفت" السابقين كانوا يبحثون عن "وظيفة هادئة" فقط، علماً أنّ بعضاً منهم جاء من استوديوهات مستقلّة.
ويضيف قائلاً إنّ "هذا الإقفال لن يغيّر شيئاً على المستوى المحلّي، غير أنّه سيضفي إلى السوق عدداً من الموارد البشرية [ذات المهارات العالية] التي من المرجّح أن تجذبها وكالات الاتصال مزعزعةً بذلك كفاءاتها."
من جهة أخرى، قد يكون أثر إقفال هذا الأستوديو مختلفاً على ساحة المطوّرين المستقلّين.
"وهذه أنباء سارّة لأنّها ستدفع مجتمع المطوّرين في المغرب على التحرّك من أن وضع بلادهم على الخارطة بأنفسهم" حسبما يشير عارف.