كيف تتأثر مبيعات شركات الأغذية المصرية في رمضان؟
رغم ارتفاع الأسعار الصاروخي في مصر ضمن تداعيات تخفيض سعر الدولار أمام الجنيه المصري، أظهرت تقارير "الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء" أّن حجم إنفاق المصريين على الطعام في رمضان يصل في المتوسط إلى 35 مليار جنيه (3.5 مليارات دولار). يمثل ذلك 15% من إنفاق المصريين على الطعام طوال العام، والبالغ 200 مليار جنيه (قرابة 22.5 مليار دولار).
تنعكس تلك الأرقام بشكلٍ مباشر على مبيعات الشركات الناشئة لبيع الأطعمة في مصر، سواءً الرقمية منها أو التقليدية. يُستَثنى من ذلك المشاريع المعنية بالمأكولات الصحية، إذ تزخر المائدة المصرية في رمضان عادًة بالمأكولات الغنية بالدهون والسكريات.
ركودٌ في رمضان
يؤكّد ياسر الزهار، مؤسس "جدتي" Gedety وهي شركةٌ لتأمين الطعام الصحي لموظفي الشركات، في حوارٍ مع "ومضة"، أنّ شهر رمضان لا يمثل ذروة لمبيعات شركته التي أطلقها في 2013.
بعض من الطعام الذي أعدته "جدتي" خلال فعالية "رايز أب" RiseUp 2015. (الصورة من "جدتي")
ويشرح ذلك بالقول إنّ "الشركة ملتزمة برفع شعار المأكولات الصحية، وهو ما لا يتماشى مع الذوق العام للأطعمة خلال شهر الصوم".
يوجد عوامل إضافية تؤثر على انخفاض تلك المبيعات، إذ تلتزم "جدتي" بتوفير وجبات يومية لموظفي الشركات من غير المسلمين. "لكنّ الشركات التي تحصل على 50 وجبة يومياً على مدار العام، تتقلص طلبياتها إلى ما يتراوح بين 3 إلى 5 وجبات خلال رمضان"، حسبما يوضح الزهار.
تقوم عوائد الشركة على تعاقدات مع الشركات لإدارة مطاعمها. ويعتبر كشك "جدتي" في "جريك كامبس" Greek Capmus، الموجود لخدمة موظفي الشركات الكائنة بالمبنى وتأمين الطعام للفعاليات داخله وخارجه، هو الاستثناء الوحيد لنموذج العمل.
بالإضافة إلى ذلك، تحظى الشركة بأكثر من قناةٍ لجلب العوائد، ويأمل الزهّار أن يساعده ذلك ليلفت نظر المستثمرين وشركات رأس المال في مصر لقطاع المأكولات خارج نطاق التقنية.
انتعاشٌ غير مسبوق في المبيعات
العكس تماماً هو الوضع مع "يماميا" Yumamia منصّة طلب الطعام المطهو منزليّاً، والتي انطلقَت منتصف عام 2014. انتعشت مبيعات المنصة خلال الأيام العشر الأولى من رمضان "بواقع نموٍّ بلغ 150%، مقارنًة بالأسبوع الأخير قبل رمضان"، كما يقول بلال البورنو، المؤسّس والرئيس التنفيذي.
فريق عمل "يماميا". (الصورة من "إيجيبت توداي")
في خضم مساعيهما لزيادة المبيعات على الموقع خلال رمضان، أجرى البورنو وشريكه محمد المغربي عدة تحسينات على الخدمة قبل حلول الشهر، مثل إضافة قائمة مأكولات يمكن توصيلها خلال 4 ساعات من الطلب، بعدما كان على العميل تسجيل الطلب واستلامه بعد 24 ساعة. كما خفّض الحد الأدنى للطلبات من 150 إلى 100 جنيه (10 دولارات).
وعلى سبيل تنوّع منتَجات أضافوا قائمة للمأكولات المجمّدة مسبقة التجهيز "التي تصل إلى العميل جاهزةً للتسوية مباشرًة"، حسب البورنو.
كما وتعاقد المؤسسان مع ثلاث شركات توصيل في أكثر من منطقة في القاهرة، رفض البورنو الكشف عنها، مكتفيًا بالقول إن "شركته هي العميل الوحيد لتلك الشركات في قطاع نقل المأكولات".
ولكن على سبيل التوسيع، يستعدّ الرئيس التنفيذي لتأمين أسطول توصيل خاصّ بالشركة، يساعده في ذلك استثمار تأسيسيّ بقيمة 400 ألف دولار تلقته الشركة في أيار/مايو 2015 من مجموعة مستثمرين مخاطرين من السعودية.
مبيعات أكثر بـ3 أضعاف
تقول شيرين صلاح مؤسسِة "أكلة بيتي" Akla Baity المنافس المباشر لـ"يماميا"، إنّ المبيعات على الموقع "نمت بواقع 3 أضعاف خلال الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان".
100% من المستخدَمين يفضلون الدفع عند التسليم. (الصورة من "أكلة بيتي" على "فايسبوك")
انطلقت "أكلة بيتي" في يناير/كانون الثاني الماضي كمنصّةٍ تعرض أصناف الطعام من مطابخ الطهاة المختلفين، وفقًا لمنطقة السكن، على أن يتمّ التوصيل خلال 24 ساعة بواسطة سائقين تتعاقد معهم الشركة.
تتنوّع طرق الدفع الإلكتروني على الموقع، إلّا أنه بحسب صلاح، "يفضّل كلّ المستخدمين حتى الآن الدفع عند الاستلام".
تسعى صلاح وشريكتها ميرال مجدي حاليًا إلى جذب استثمار تأسيسي من إحدى مسرعات الأعمال في مصر، بعدما تأكّدتا أنه لا سبيل لاستثمار مخاطر في هذه البلاد، "إذ يرى المستثمرون أنه من المبكر الحكم على فرص نمو المشروع"، حسبما تقول صلاح.
تضخم في سلة الشراء
كان لحلول شهر رمضان أثره الإيجابي على مبيعات "إيزي بان" Easy Pan، المنصّة المعنية بتوفير وصفات الطبخ ومكونات الوجبات المعروضة على موقع الشركة الإلكتروني.
"في المعتاد يطلب المستخدم مكونات قائمة واحدة بقيمة 100 جنيه (10 دولارات) في المتوسط،" تقول ضحى طنطاوي، الشريكة المؤسِّسة ومدير التشغيل، في حوار مع "ومضة". وتضيف أنّه "منذ بداية الشهر الكريم وحتى الآن، نلاحظ أنّ المستخدم نفسه يضاعف سلة شرائه حوالي 5 أضعاف في الطلب الواحد، نظرًا لضرورة تنوع الأصناف على المائدة الرمضانية في البيت المصري".
وبالتالي في سبيل زيادة المبيعات خلال رمضان، غيّر القائمون على "إيزي بان" قوائم الطعام المعروضة على الموقع، والتي تعتمد في الأساس على مطابخ عالمية ليست مألوفة للمستهلك المصري. وأضافوا بدلاً عنها قوائم شرقية تتناسب مع الذوق العام خلال الشهر، فأتت مساعيهم ثمارها.
أطلِقت المنصّة من قبل طنطاوي وشركائها، حسن وشهير أرسلان وخالد عطاالله ومحمد بهجت، في ديسمبر /كانون أول الماضي. وسجّل على الموقع ألف مستخدم. ومنذ ذلك الحين حتّى اليوم، بحسب تصريحات طنطاوي لـ"ومضة".
أمّا في الوقت الحالي، فإنّ الشركة تسعى إلى جذب استثمار لزيادة عدد الموظفين والحملات التسويقية وشراء سيارات مبردة لتحقيق درجة أمان أعلى فيما يتعلق بنقل الأطعمة.
لا للسمك في رمضان
لا يختلف الحال كثيرًا في متجر "أجرامتيك" Agrimatic لبيع الخضروات والفاكهة المزروعة مائياً من مخلفات الأسماك aquaponic. وتملك الشركة مزرعةٌ واحدةٌ في القاهرة. وتقوم عوائدها على بيّع الخضروات والفواكه الخالية من المواد الكيميائية للمتاجر بأسعار الخضروات العادية، هذا بالإضافة إلى الأسماك.
ولكن في رمضان "يتوقف الطلب على الأسماك ويرتفع الطلب على الخضروات بما يعادل 100% من الطلب الاعتيادي على مدار العام، وهو ما يجعلنا نعلّق بيع الأسماك كليًا خلال شهر الصيام"، وفقاً لمروان نبيل (الصورة إلى اليسار، من "أجريماتيك")، المؤسّس الشريك ومدير العمليات.
ارتفاع الطلب على المأكولات أو انخفاضه على مأكولات أخرى في مصر خلال شهر رمضان، بات من السهل التعرّف عليه رقمياً أو على الأرض مع المنصّات الإلكترونيّة التي تدخل هذا القطاع. فهل يتسع السوق المصري لمزيد من المشروعات، ونشهد ابتكاراً قد يقلب المعادلة؟