ياسمين مصطفى: هذا ما اكتسبته منذ عمر التسع سنوات
ياسمين مصطفى تعرض فكرة منتجها Roar For Good خلال فعالية في فيلادلفيا. (الصورة عبر Tech.co)
نشر هذا المقال أساساً على منصّة "نويت" Nuwait في سلسلة مقالات لديهم عن روّاد أعمال مغتربين.
إذا كانت ريادة الأعمال تولد بالفطرة مع الإنسان، فياسمين مصطفى خير دليل على ذلك.
ذات يوم، وفيما كانَت مصطفى تتجوّل في شوارع فيلادلفيا، رأت امرأة يتمّ الاعتداء عليها في الشارع، ولم يأتِ أحدٌ لنجدتها. وعندما سافرَت إلى أميركا الجنوبية، لاحظَت أنّ هذا الأمر ليس بغريب.
"عدت بعد ستة أشهر من السفر بمفردي في أميركا الجنوبية وفي بالي استنتاجٌ محزن، وهو أنّ العنف ضدّ المرأة مشكلةٌ عالميّة"، حسبما تقول لـ "نويت".
هذا ما دفعها إلى المشاركة في تأسيس "رور فور جود" ROAR for Good عام 2015، التي تقدّم للنساء مجوهرات "ذكيّة" تبعث إشعارات عندما تكون المرأة في خطر. ومن أجل تمويلها، أطلقت مصطفى حملةً على منصّة التمويل الجماعي "إينديجوجو" Indiegogo وتمكّنت من جمع 85% من المبلغ الذي تريده خلال يومين فقط.
لم تكن "رور فور جود" أوّل شركة ناشئة تأسّسها مصطفى. ففي عام 2009، أطلقت "123لينك إت" 123LinkIt.com، وهي شركة تساعد أصحاب المدوّنات على جعل محتواهم مدرًّا للربح. ثمّ في عام 2011، أطلقت هذه الريادية نسخة محلية من"غيرل ديفيلوب إت" Girl Develop It في فيلادلفيا، وهي منظّمة عالميّة لتمكين النساء وتعليمهنّ التطوير على الويب والهواتف الذكيّة.
هذا وفيما تمكّنت مصطفى من بناء اسم لها وتمكين النساء في عملها، غير أنّ مسيرتها لم تخلُ من الصعوبات. في فبراير 2016، طُلب منها أن تتكلّم في "تيد أكس تالك فيلادلفيا" TEDx Talk Philadelphia عن مسيرتها التي بدأت برفقة عائلتها بالانتقال إلى الولايات المتّحدة بسبب الحرب بين العراق والكويت عام 1990.
الصعوبات الأولى
غادرت مصطفى الكويت حين كانت في الثامنة من عمرها، وظهرَت قدراتُها الرياديّة في عمرٍ مبكر إذ كانت تبيع السكاكر لزملائها في الصف منذ التاسعة من عمرها.
وبسبب اهتماماتها المتعددة، غيّرت مجال تخصّصها الجامعي مرّات عدّة، قبل أن تنال أخيرًا إجازتها في ريادة الأعمال من "جامعة تيمبل" Temple University.
واجهت مصطفى صعوبات كثيرة، منها المتوّقع والصادم. تمامًا مثل كافة الطلاب، غالباً ما كانت تعمل بدوامٍ جزئي لتدفع أقساطها الجامعيّة. وبعد أحداث 11 سبتمبر، سألها ربّ العمل إذا كانت ضليعة في قيادة الطائرات ثمّ طردَها في الأيام التي تلت.
في هذه المقابلة مع "نويت"، تشاركنا رائدة الأعمال التقنية حياة المرأة في هذا المجال وسلسلة الأحداث التي واجهتها.
"نويت": لماذا تنوّعت مجالات تخصّصك في الجامعة؟
ياسمين مصطفى: لم أكن أعلم ما أريد التخصّص به. حين بدأتُ، سجّلني أبي في مجال الهندسة الميكانيكيّة، لكنّي ما لبثت أن تركت التخصّص. وبعد أن أعجبتُ بدروس الـ"فوتوشوب" Photoshop الاختيارية في الفصل الدراسي الأوّل، نقلتُ اختصاصي إلى تصميم الجرافيك graphic design. وبعدها، قررت أن أتخصّص في علم النفس لأنّني لطالما اهتميتُ بالإنسان ودوافعه. وبعد تسديد الأقساط، لاحظتُ أنّ هذا المجال سيكلفني الكثير من المال لأنه بعد الحصول على الإجازة، سيتوجّب عليّ الحصول على شهادة ماجستير لأحظى بوظيفةٍ عالية الأجر. عندها، علمتُ عن تخصّص ريادة الأعمال في "جامعة تيمبل".
"نويت": أخبرينا أكثر عن البيئة الرياديّة في فيلادلفيا
مصطفى: لقد نمَت البيئة الريادية هنا بسرعةٍ فائقةٍ منذ أن أسّستُ شركتي الأولي. كنّا ["غيرل ديفيلوب إت فيلادلفيا"] نتلقى دعواتٍ لحضور فعاليّة واحدة كلّ أسبوع، على أقصى حدّ، واليوم ثمّة أكثر من فعاليّة كلّ يوم. كانت فرقنا التقنية منعزلة، وبالرغم من العمل المنفرد باتوا اليوم أكبر ويتعاونون أكثر من أيّ وقتٍ مضى. في فيلادلفيا، تشجّع الحكومة على إنشاء الشركات وتقدّم حوافز اقتصادية لتحقيق ذلك، كما لدينا الكثير من المواهب من "يوبن" UPenn، "دريكسل" Drexel و"تمبل" Temple. كذلك، يوجد مئة وجامعتان تمتدّ على 80 كم من فيلادلفيا، كما أنّ التكاليف المعيشيّة أقلّ من تلك التي في المدن الأساسيّة في الولايات المتّحدة.
"نويت": هل عانيتِ لكي تؤخذي على محمل الجدّ بصفتك امرأة تعملين في المجال التكنولوجي؟
مصطفى: غالباً ما يُطرح عليّ هذا السؤال، ولكن لم أفكّر بهذا الأمر من قبل لأنّ الصعوبات لم تكن كبيرة بما فيه الكفاية لأستغرق وقتاً كبيراً في معالجتها. في بعض الأحيان، يتفاجأ الآخرون عندما أقدّم نفسي كرئيسة تنفيذيّة، كما كان هناك بعض المستثمرين الذين لم يأخذوني بجديّة مباشرةً. لكنّ ذلك تغيّر عندما بدأت بالتحدّث عمّا أقوم به. أحبّ ما أبنيه وأنا على اضطلاع بالمجال الذي أعمل فيه، وبالتالي الجندر لا يهم.
"نويت": ماذا تنصحين رائدات الأعمال اللواتي يطمحن إلى تأسيس شركاتهنّ الخاصة؟
مصطفى: ابنِ علاقاتٍ مع الأشخاص في مجالك، وأحيطي نفسك بالمرشدين الذين يمكنهم مساعدتك من خلال نصائحهم، وعلاقاتهم، والذين يمكنهم إلهامك عندما تشتدّ المصاعب. وإذا لم تكوني ملمّة بالتكنولوجيا وتريدين بناء شركة في هذا المجال، تعلّمي تطوير الويب لاتخاذ قراراتٍ أصحّ والتواصل مع المطوّرين بشكل أفضل. حاولي إيجاد من يكمّل مواهبك ويتحدّى قدراتك لكي تصبحي شخصاً أفضل، حينئذٍ لن تشعري بالوحدة وستتمكنين من إعطاء المزيد.
من غير المرجّح أن تعود مصطفى إلى الكويت، لكنّها تخطط لزيارةٍ قريبة إليها. حتى أنّها عرضَت مشاركة خبراتها مع روّاد الأعمال المحليّين في إحدى الفعاليّات المقبلة التي ستنعقد هناك. "لقد حصلتُ على الجنسيّة الأميريكية منذ 3 سنوات، وأخطّط لرحلةٍ إلى الكويت والأردن (وربّما مصر) في خريف عام 2016."