'ستيب' 2016: حوارات حامية بين المستثمرين والشركات الناشئة
جوي عجلوني إلى جانب زملائها من مؤسّسي الشركات الناشئة، لولو خازن ومدثر شيخة، خلال حلقة نقاش. (الصورة من "ومضة")
"أَعمَل 18 ساعةً في اليوم، ونادراً ما أحصل على ساعتَي عملٍ للنوم ليلاً لأنّني أحتاج إلى جمع المال باستمرار وبناء الشركة وتوظيف أصحاب المواهب. لا وقتَ لديّ للاهتمام بشركات الاستثمار المُخاطر."
هذا ما قالَته جوي عجلوني، الشريكة المؤسِّسة لـ"فتشر" Fetchr، والذي جذبت خلال حديثها انتباه الجميع، ليأتيها فيما بعد الردّ سريعاً من وليد منصور من شركة الاستثمار المخاطر "شركاء المبادرات في الشرق الأوسط" MEVP حيث قال ساخراً: "حسناً، لا تأخذي مالنا إذا كنتِ تنزعجين من أسئلتنا."
أمّا هذه "الأسئلة" التي كان يشير إليها المستثمِر فهي، وفقاً للبعض، تلك التي لا يجيب عنها روّاد الأعمال بصراحة بعدما يحصلون على الاستثمار.
هذا السجال الحامي الذي استمرّ لفترةٍ وجيزةٍ وحمّس الجمهور على التصفيق والصياح، لم يكن إلّا واحدةً من القضايا التي أُثيرَت خلال فعالية "حوار الشركات الناشئة وشركات الاستثمار المخاطر" Startup VC Debate، التي انعقدَت ضمن فعاليات مؤتمر "ستيب" STEP Conference 2016، في دبي، خلال هذا الأسبوع.
أدار حبيب حداد من "ومضة"، في اليوم الثاني من المؤتمر، حواراً من 45 دقيقة تناول الأفكار المسبقة التي يكوّنها الشركات الناشئة وروّاد الأعمال عن المستثمِرين، ومَن المغرور أكثر، وكيف يمكن معالجة هذه المسائل للوصول إلى الهدف الذي يسعى إليه الطرفان بأقلّ خلافاتٍ ممكنة.
وأشار الأشخاص الثلاثة الذين يمثّلون شركات الاستثمار المخاطر في هذه الحلقة إلى أنّ "الأسئلة" هي جزءٌ من ممّا يفعلونه لمصلحة الشركة الناشئة. وافقت عجلوني على هذا القول غير أنّها رفضت فكرة أنّ شركات الاستثمار المخاطر على استعدادٍ دائمٍ في الحالات الأخرى، أي عندما تحتاج الشركات الناشئة إلى المساعدة.
وقال منصور "إنّها شراكةٌ في نهاية الأمر [...] كيف يمكن أن نقدّم المساعدة إذا لم نجلس سوياً ونتحاور [...] فنحن شركاء في هذه الشركة."
ثمّ قاطعه خالد تلهوني من "ومضة كابيتال" Wamda Capital ليقول إنّه كان ليوجد مشكلةٌ بالفعل إذا وصل التفاعل بين شركة الاستثمار المخاطر والشركة الناشئة إلى درجةٍ كبيرة، وهذا يعود إلى فكرة أنّ شركات الاستثمار المخاطر تعتقد بأنّه يمكنها إدارة الشركة أفضل من رائد الأعمال. وقال "إذا وصلتَ إلى هذه المرحلة، فإنّ أيّ مقدارٍ من التقارير لن يكون مساعِداً."
من جهته، أشار كريغ فاشون، المستثمر ورائد الأعمال الأميركي الذي كان يستمع لهذا الحوار، إلى أنّه إذا كانت شركات الاستثمار المخاطر سعيدةً بالقول "حسناً لا تأخذ مالنا"، فهذا يعني أنّه يوجد مجالٌ كبيرٌ لمزيدٍ من شركات الاستثمار المخاطر في المنطقة.
المهرجان الموسيقي تحت شمس دبي. (الصورة لـ لوسي نايت)
مَن الأكثر غروراً؟
الغرور وكيف يمكن له أن يُفسِد المفاوضات، كانت من بين أبرز النقاط التي تمّ تداولها.
وفي هذا السياق، لفتت لولو خازن إلى أنّ هذا ’البروز الوهميّ‘ يمكن أن يكون خاطئاً من جانب الشركات الناشئة. وكما قال أحد المستثمِرين الذين كانوا يستمعون إليها الحوار، "نريد أن نغيّر الصورة المتعلّقة بتدخين السيجار، وهي الصورة التي يرسمها الكثير من روّاد الأعمال عن شركات الاستثمار المخاطر قبل العمل معها."
وفي حديثها مع "ومضة"، قالت ميشيل كوين، الشريكة المؤسِّسة لشركة "تاو ماي درايف" TowMyDrive الناشئة التي سيتمّ إطلاقها قريباً في دبي، إنّه من خلال ذلك يتمّ تخويف بعض المستثمِرين: "من الجيد أنّهم يريدون بعض الحقائق منك، ولكن عندما لا تتمكّن من الإجابة على أيّ شيء ولا يعجبهم أنّك لا تعرف، فهذا يُسمّى تخويفاً."
تشكّل منصّة خدمة السيارات المعطّلة على الطريق الشركةَ الناشئة الثانية لرائدة الأعمال هذه، وبالتالي فهي تمتلك خبرةً في التعامل مع المستثمِرين وتعرف ما تريد. وشرحَت ذلك بالقول: "أريد شريكاً وليس المال دائماً. لا أريد أحداً سيجعلني أكره ما أقوم به كلّ يوم."
"The best investors act as an extension of your team." Cofounder @MudassirSheikha on what startups need. #STEP2016 pic.twitter.com/B5VSbhiYeo
— Careem UAE (@CareemUAE) April 5, 2016
على الطريق المؤدّية إلى إيران
فيما كانت قاعات الحوار تشهد ارتفاعاً في حرارة النقاشات، فإنّ باحة " نادي دبي الدولي للرياضات البحرية" Dubai International Marine Club التي استضافَت "ستيب"، بدَتْ أقرب إلى مهرجانٍ موسيقيّ. فعلى هذه الربوة الخضراء التي تطلّ على اليخوت وتزدحم في أرجائها عربات الطعام على وقع عزف الجيتار الحيّ، لم يكن ينقص سوى رسّام يصوّر وجوه الحاضرين.
شكّلت هذه الفعالية التي استمرّت ليومين ملتقىً لمزيجٍ متنوّعٍ من الشركات الناشئة التي جاءت من قطر والهند والمغرب، وقُدِّر عدد الحاضرين فيها بأربعة آلاف شخصٍ مرّوا على المكانَين المختلفَين للفعالية، وأكشاك الشركات الناشئة، وأماكن التجمّع واللقاء، وزوايا التشبيك، وعربات الطعام بالطبع.
أمّا حلقات النقاش وورش العمل فقد شهدَت نقاشاتٍ تناولت مواضيع مختلفة، مثل جمع الأموال والصعوبات المتعلّقة بهذه العملية في داخل المنطقة وخارجها، ومروراً بالشركات الناشئة الواعدة بأن تصبح "يونيكورن" unicorn (بأكثر من مليار دولار) من المنطقة، وأهمّية الخصوصية بالنسبة إلى الابتكار، وصولاً إلى المشهد الحاليّ للبيئة الريادية في إيران.
جلسة النقاش حول إيران، (من اليسار) ساروش أميري، وسارة محمدي، ومحسن ملايري من "آفاتِك" Malayeri Avatech، وبرهام الجوهري.
"أتمنّى لو يُسمَح لنا بالاندماج مع العالم أسرع وأسرع، بحسب سارة محمّدي، الشريكة المؤسِّسة لـ"إيفنت بوكس" Eventbox التي تنظّم الفعاليات والنشاطات في إيران.
فهذه الريادية التي تعمل في طهران، تحرص على التوسّع خارج حدود بلادها على الرغم من أنّ إيران تُعتبَر أكبر سوقٍ ناسئةٍ غير مستَغَلّةٍ بعد في العالم. وهي بالفعل، حصلَت على مستثمِرين من الخارج ينظرون بإيجابيةٍ إلى مستقبل شركتها وما تفعله.
"وبحسب برهام الجوهري من "فرونتيير بارتنرز" Frontier Partners، "تشير التقديرات إلى أنّه سيتمّ استثمار ما يناهز30 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة."
لذلك، إذا لم ترِد الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تأخذ المال من المستثمِرين، عليها الالتفات إلى إيران حيث ينتظرها الكثير من الزبائن.