هذا ما تعلّمناه من مؤتمر ومعرض 'مينا جايمز' في بيروت
شركات تطوير الألعاب مثل "ويزو" تقدّم الجوائز والألعاب المجّانيّة (الصورة لـ ميسا عجّان).
في وقتٍ ينمو فيه قطاع الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقي، جاء أكثر من 40 شركة ناشئة في مجال الألعاب من أوروبا والمنطقة العربيّة وتركيا لتشارك في مؤتمر ومعرض "مينا جايمز" MENA Games الذي انعقد الأسبوع الماضي في بيروت.
وفي حين تناول هذا المؤتمر باقةً متنوّعةً من المواضيع التي تراوحت بين نشر الألعاب وتحقيق الأرباح من خلالها وإدارة الأسواق المختلفة من اللاعبين، إليكم ثمانية أمورٍ تعلّمناها في هذه الفعاليّة.
تركيا هي من أكبر الداعمين لمجال ألعاب الفيديو
عام 2015، وصل مجموع إيرادات مجال الألعاب الرقميّة في تركيا إلى 464 مليون دولار. ويشير تقرير "رابطة مطوّري الألعاب الإلكترونية التركيّة" Turkish Game Developers Association، إلى أنّها تشكّل جزءاً أساسياً من مجال الألعاب الإلكترونيّة الذي يقدّر بـ91 مليار دولار عالميّاً.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"نيتماربل" أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا Netmarble EMEA بارز أوزيستيك خلال جلسة نقاش الناشرين، إنّ "أنجح شركات الألعاب التركية بدأت عملها بالتركيز على أسواقها المحليّة ثمّ راحت توسّع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."
كذلك، تحدّث أوزيستيك عن برنامج "جايم كاراج" Game Garage الذي تنظّمه حاضنة الأعمال التركيّة "ستارترز هاب" Starters Hub، وهي أكبر مركز لاحتضان الأعمال في تركيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأضاف أنّ هذا البرنامج يركّز فقط على الشركات الناشئة في مجال الألعاب الإلكترونيّة، ويقدّم استثماراً تأسيسياً بقيمة 20 ألف دولار لكلّ شركةٍ ناشئةٍ في هذا المجال.
أوزيستيك يتحدّث عن "ستارترز هاب" في مؤتمر ومعرض "مينا جايمز".
وقال عن "جايم كاراج": "لقد أطلقنا هذا البرنامج لأنّنا نعرف أنّ مراكز الاحتضان لا يمكنها تحقيق الأرباح في فتراتٍ قصيرة من الوقت"، مضيفاً أنّه "من المؤكّد أنّها تساعد البيئة الريادية، لكنّنا نحتاج إلى نموٍّ أسرع."
بالإضافة إلى ذلك، نصح أوزيستيك مراكز الاحتضان التي تريد دعم تطوير الألعاب بأنّ "تُنفق الأموال على تصميم المراكز ومساحاتها، لأنّ هذا ما يجذب المرشدين"، ذاكراً أنّ "الشركات الناشئة ستظهر دائماً ولكن إيجاد وإرضاء المرشدين الخبراء أمرٌ صعب."
ساحة الألعاب الإلكترونيّة في تونس تنمو وتكبر
كان للشركات الناشئة التونسية حضوراً قويّاً أيضاً، بحيث شاركَت "موطوّرو الألعاب التونسيون" The Tunisian Game Developers، و"ديجيتال مانيا" Digital Mania و"نوكد كوكروتش" Nuked Cockroach في جلسات نقاشٍ وورش العمل.
في غضون ذلك، انطلق في تونس مبادرات وجهود عدّة لتنمية ساحة الألعاب المحلّية، مثل الجمعيّة التونسيّة للاعبي الفيديو "تونيشان أسوسياشن أوف جايمرز" Tunisian Association of Gamers، وهي منظّمة غير حكوميّة أسسّها 15 لاعباً شغوفاً عام 2012؛ ومسابقة "جلوبل جام تونس" Global Jam Tunisia competition التي شهدت عدداً متزايداً من مطوّري الألعاب منذ عام 2013.
كذلك، تبادر الحكومة إلى الاستثمار في هذا القطاع من أجل إيجاد فرص عمل جديدة.
مطوّران تونسيان من "نوكد كوكروتش" وديجيتال مانيا" يستمتعان بوقت للراحة. (الصور لـ لوسي نايت)
يتّفق روّاد الأعمال، ومن بينهم مروان يونيس من "ولولو ستوديوز" Wololo Studio وحسام بن عمر من "تونيشن جايب ديفلوبرز"، على وجود مشكلةٍ أساسية وهي النقص في تعليم تطوير ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى مشكلة نقص الأفكار الخلاّقة الجديدة واللجوء إلى نسخ ونقل الألعاب العالميّة.
"عليك أن تركّز على إضفاء الطابع المحلّي على المحتوى، والشخصيات والأماكن، لأنّ هذا الأمر يجعل اللاعبين أكثر تفاعلاً ويقوّي الرابط بينهم وبين الشخصيات"، حسبما قال الرئيس التنفيذي لـ"ديجيتال مانيا"، وليد سلطان ميداني، والذي قدّم أيضاً في الفعاليّة ورشة عمل عن تجربة الواقع الافتراضي.
الدفع عبر الإنترنت لا يزال مشكلةً في المنطقة العربية
في منطقةٍ يفضّل أغلب سكّانها الدفع نقداً، تشكّل عملية تحقيق الأرباح من الألعاب الإلكترونيّة تحدّياً كبيراً.
وحسبما أشار المؤسِّس والرئيس التنفيذي لـ"بايمنت وال" Paymentwall، أونور جونداي عندما تحدّث عن طرق الدفع في منطقة الشرق الأوسط، فإنّ "نسبة انتشار البطاقات الائتمانية في الأسواق الناشئة تقارب 5%، "ما يترك 95% [من الناس] يعانون من صعوباتٍ للدفع مقابل الخدمات"، وهذا أمر لا يفيد أبداً المطوِّرين الذين يسعون إلى تحقيق الأرباح.
ووفقاً لمدير شركة الدفع في الأسواق الناشئة، "بريميرو باي" PrimeiroPay، تيم وورنر، فإنّ "متاجر ’آبل‘ Apple و’جوجل‘ Google لا يمكنها أنّ تحلّ مشكلة تحقيق الأرباح فمع أسواق متعدّدة لا يمكنها إلّا الدخول إلى متاجر الألعاب المجانية فقط، لا يٌعتبر هذا مناسباً لهم.
من جهةٍ أخرى، قالت سحر سلامه، مديرة الخدمة المصرية "تي باي" TPay التي تستخدم منذ عام 2014 وسيلة "الدفع عبر فواتير الهاتف" direct carrier billing حيث يضيف المستخدِمون أسعار الألعاب التي يبتاعونها إلى فواتير هواتفهم، إنّ نسبة الانتقال إلى وسيلة الدفع هذه أكبر من الانتقال إلى استخدام بطاقات الائتمان من 5 إلى 10 مرّات."
تاريخ المغرب في مجال الألعاب الإلكترونية مثير للاهتمام
أوّل شركة ألعابٍ إلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، انطلقت من المغرب عام 1998، باسم "يوبيسوفت" Ubisoft.
هذا وتُصنّف سوق الألعاب المغربية في المرتبة السادسة في أفريقيا بقيمة 38 مليون دولار، كما قال الرئيس التنفيذي لـ"مطوّرو الألعاب المغربيون" Moroccan Game Developers، ياسين عارف، للجمهور.
ونظراً ولأنّ سوق المغرب تتحدّث باللغة الفرنسية ويمكنها الوصول إلى جمهورٍ العربي في الآن عينه، أطلقت الشركة لعبتها الأولى " دونالد داك: غوين كواكرز" Donald Duck: Goin' Quaker، التي حققت نجاحاً كبيراً. بعد ذلك، شهدت السنوات العشر التالية تطوير "يوبيسوفت" لـ26 لعبة، وافتتاح حرمٍ في الدار البيضاء لتعليم تطوير الألعاب، لأنّهم، بحسب عارف، "أرادوا أن يؤسّسوا جيلاً جديداً من المطوّرين المغربيين الذين يمكنهم تطوير ألعاب من الجودة العالية."
هذا الحرم الذي لا يحظى باسمٍ رسميٍّ نظّم برنامجاً تعليمياً مجانياً للطلاب بهدف الوصول إلى 300 خرّيج، و"كان البرنامج صعباً جدّاً إذ كان لدينا معايير الجامعة الأمريكية نفسها"، بحسب عارف الذي كان طالباً عند ذلك الحين.
بدأ الازدهار في ساحة الألعاب المغربية عندما طوّر محمّد جامبوز لعبة "أساسينز كريد" Assassin’s Creed الشهيرة، عام 2005.
ولكن مع الأزمات المالية العالمية عام 2008، توقّف كلّ شيء، فاضطرّت "يوبيسوفت"، بغية مواجهة التناقص في الأرباح، إلى افتتاح فرعٍ جديدٍ في مونتريال بات يشكّل اليوم مقرّها الأساسي، كما عمل الفريق على إعادة بناء البيئة الريادية في المغرب. وقال عارف إنّ "كلّ شيءٍ انتهى وكان علينا إعادة البناء من جديد".
بالرغم من أنّ "يوبيسوفت" الدار البيضاء لا تزال تعمل، إلاّ أنّ الأزمة تركت أثراً كبيراً في ياسين عارف الذي تشجّع حينئذٍ لبناء منظّمة غير حكوميّة خاصّة به. وهذا ما كان مع "مطوّرو الألعاب المغربيون" التي تضمّ اليوم حوالي 3 آلاف طالب، يتلقّى جزءٌ منهم تدريباتٍ في تطوير الألعاب وتصميمها. وقد أشار عارف إلى "أنّنا نريد أن نؤسّس مدرسة، ونحن نحضّر خطّة العمل من أجل تحقيق ذلك."
استخبارات الأعمال والبيانات أداة أساسيّة لمطوّري الألعاب على الأجهزة المحمولة
استخبارات الأعمال والبيانات Data intelligence يرمز إلى استعانة الشركة بالأبحاث عن السوق لإصدار بيانات مفيدة عن القوى العاملة فيها وإيرادات المبيعات والمنافسين والتوقّعات حول أدائها على الإنترنت ومن دون إنترنت.
في هذا الإطار، عرض رئيس قسم المبيعات في "بريوري داتا" Priori Data في ألمانيا، أندريس ليك، "أهمّ 5 ميّزات لمطوّر الألعاب الناجح" في حديثٍ له، مشدداً على أهميّة ميزة استخدام استخبارات الأعمال والبيانات لمقارنة الأداء ومراقبة التقدّم.
وأضاف ليك أنّ "مطوّري الألعاب الناجحين هم الذين لديهم نظام استخبارات ناجح، ويستخدمون هذه الأدوات لتمكين موظّفيهم، إذ لا يمكنك تحسين شيء من دون قياسه."
كذلك، يشكّل تحليل البيانات أداةً مهمّة لمراقبة أداء منافسيك، ومن بعدها مقارنة أدائك بأدائهم. "فمن الضروري والأساسي أن تتمكن من الإجابة على أسئلة محدّدة مثل: ما هو عدد التنزيلات الذي يجعل من تطبيقي في مرتبةٍ جيّدة على متجر ’أبل‘ للتطبيقات؟"
أمير إسماعيل بوزورجزاده، الشريك المؤسس لـ "جايمجايز" يعرض بياناته حول الأسواق الإيرانيّة والسعوديّة.
خارطة ألعاب الفيديو تتضمّن إيران والسعوديّة
بالرغم من أنّ سوقي السعوديّة وإيران مغلقتين ومستقّلتين، إلا أنّهما سوقان كبيرتان لمطوّري الألعاب.
تبلغ قيمة سوق ألعاب الحاسوب وألعاب التحكّم في إيران حوالي 167 مليون دولار، وحوالي 202 مليون دولار في السعوديّة. أمّا نسبة المستخدمين الذين يدفعون الأموال لتنزيل الألعاب، فتبلغ 13% في السعوديّة و34% في إيران، وفقاً لأبحاث الشريك الإداري لـ"جايمجايز" Gameguise، أمير إسماعيل بوزورجزاده.
وفي ورشة عمله عن الأسواق السعوديّة والإيرانيّة، ذكر هذا الأخير الأمر أنّ أهمّ مشكلةٍ تواجه إيران هي النقص في الموزّعين الرسميين الحاصلين على تصديقٍ من منظمة تقييم البرمجيات الترفيهيّة في إيران "إيسرا" ESRA، مما يؤدّي إلى زيادة في القرصنة. في المقابل، يبدو أنّ السوق تتأقلم جيّداً مع التغيير، إذ أنّ ما نسبته 60% استخدموا خطّة الدفع الالكتروني "شيتاب" Shetab، عندما توفّرت، للتجارة الإلكترونيّة.
وفيما يتعلّق بالسوق السعوديّة، يبدو أنّ تجاوبها أكبر مع الأسواق الأجنبية، بحيث أنّ 50% من اللاعبين السعوديين لا يستخدمون متاجر التطبيقات في الشرق الأوسط بل متاجر التطبيقات الأمريكيّة.
ناهيك عن ذلك، عندما سُئل هذا الأخير عن النصائح التي يمكنه تقديمها للمطوّرين الساعين للدخول إلى هذه الأسواق، أجاب قائلاً: "لا تهتمّوا بإضفاء الطابع المحلّي على الألعاب في السوق السعوديّة، بل أطلقوا اللعبة باللغة الإنجليزية وتأكّدوا من أنّ بعض الميزات الابتكاريّة [مثل أسماء الشخصيات مثلاً] هي باللغة العربيّة."
Game developers
from Jordan, playing their own games.
اللغة الإنجليزية ما زالت لغة الألعاب الأساسية
حتّى في الشرق الأوسط، ينصح ميشيل باراتيلي من "جايم لوفت" Gameloft لتطوير الألعاب ونشرها، باعتماد اللغة الإنجليزية أوّلاً، بخاصةٍ إذا كانت مواردها محدودة.
ويضيف أنّه "إذا كنتَ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد تريد إطلاقها باللغة العربية أوّلاً، زلكن اللغة الإنجليزيّة جيّدة". وفي حين تنشر "جايم لوفت" الألعاب بأكثر من 15 لغة، منها اللغة العربيّة، فهي تثق بالسوق لأنّ النجاح، بحسب باراتيلي، يختلف بحسب الحالة ولو في السوق عينها، واعتماد اللغة الإنجليزية ليس بأمرٍ سيء، علماً أنّ "جايم لوفت" تنشر كلّ ألعابها الجديدة باللغة العربيّة.
وفي حديثه مع "ومضة"، قال الرئيس التنفيذي لــ"ثري 3دوتس جايمز" 3dotsgames في الأردن أنّه سيطلق ألعابه ‘الحماسية الاستراتيجيّة‘ باللغة الإنجليزية فقط، شارحاً أنّ "العالم أكبر من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."
تطوير الألعاب: مشروع جانبيّ؟
من الجلّي أنّ هذا الأمر لا ينحصر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكّن رؤية اهتمام الناس بتطوير الألعاب إلى جانب وظائفهم اليوميّة أمرٌ مشجّع جدّاً.
ففي الأردن، تشكّل "باج جايمز"Bug Games المشروع الجانبي لدانار ضيفي ومحمد دمور. فضيفي يعلّم برمجة الألعاب ويدرس للحصول على شهادة الماجستير، فيما يعمل محمّد كمبرمجٍ في وزارة حكوميّة. وبعد العمل ليلاً نهاراً على تطوير ألعابهم، شاركوا في "مينا جايمز" مع لعبتهم "سويتش أند جامب"" Switch and Jump. وفي هذا الإطار، قال ضيفي: "لا يمكنك معرفة إذا كانت اللعبة ستحقق نجاحاً أم لا"، لذلك لا يمكنك التخلي عن وظيفتك الدائمة.