'جسور' النجاح: ست نصائح لروّاد الأعمال السوريين
من اليسار: مدير حلقة النقاش، كريم سماقية؛ والمتحدّثون، دافيد نبتي، حبيب حداد، أورور بلفراج، وراما شكاكي. (الصور لـ ميسا عجان)
تشكّل اللغة مسألةً هامّةً بالنسبة لروّاد الأعمال السوريين، فهي فرصة وتحدٍّ بالوقت عينه.
تعمل عدّة شركات ناشئة سوريّة باللغة العربية ومنها منصّتي البرمجة باللغة العربية "بت كود" BitCode و"رماز" Remmaz اللتين تعادلتا في المركز الأوّل في "مسار الشركات الناشئة" Startup Track خلال "مسابقة جسور لريادة الأعمال" Jusoor Entrepreneurship Competition، وتستهدف الأسواق التي تتكلّم العربية أيضاً.
وحسبما ورد في عرض الأفكار الذي قدّمه خلال الفعالية رائد الأعمال السوري طارق شيخ الشباب، مؤسِّس "بت كود"، فإنّ "المشكلة الأساسية تكمن في أنّنا كشبابٍ سوريين نواجه مشكلةً في الفرص ونفتقر إلى التعليم المختصّ والتدريب المناسب."
في حين ذهبَت الجائزة التي صوّت عليها الجمهور إلى المنظّمة غير الحكومية، "فريق سند التنموي" Sanad NGO، التي توفّر مساحة عملٍ مشتركة لروّاد الأعمال في سوريا، مُنِحَت جائزة لجنة التحكيم الاستثنائية لمؤسّس شركة "نوبل شيمست" NobelChemist الناشئة التي تُعنى بتنقية المياه، لؤي عتبة، تقديراً لجهوده الاستثنائية خلال الحرب.
لم تشهد الفعالية سوى عرضاً واحداً باللغة الإنجليزية من بين 18 عرضاً، فيما تمّ عرض الباقي منها باللغة العربية. ويعود هذا العائق في اللغة إلى أنّ العربية الفصحى كانت لغة التعليم الأساسية في سوريا قبل الحرب.
وقال قصي مقلد، الشريك المؤسِّس لـ"شير" Share التي احتلَت المركز الأوّل في "المسار الاجتماعي" Social Track، إنّه "ينبغي مواجهة النقص في المهارات فعلاً، فخلال العام الماضي قمنا بتنظيم 17 ورشة عملٍ حضرها 1800 شخصٍ استفادوا منها، وكانت معظمها باللغة العربية."
بالرغم من تصفيق لجنة التحكيم لهذه المبادرة المثيرة للإعجاب، شدّد أعضاؤها على أهمّية التواصل باللغة الإنجليزية.
ونصحَت ريما شكاكي، العضو في مجلس إدارة "تك وادي" TechWadi والمتحدِّثة خلال المسابقة، الشركات الناشئة بأنّ "المستثمرين في الخارج يريدون الاستماع إلى عروضكم بوضوح، وأن تكونوا واضحين بشأن ما تريدونه منهم عندما تتحدّثون معهم [باللغة الإنجليزية]."
روّاد الأعمال الـ40 الذين شاركوا في هذه المسابقة التي أقيمَت في "منطقة بيروت الرقمية" Beirut Digital District، لم يقلّوا حماسةً عن نظرائهم في القاهرة أو دبي. وفي هذه الفعالية حصلوا على نصائح مخصّصةٍ للبيئة الريادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدلاً من الحصول عليها جاهزةً من وادي السيلكون؛ وهذه بعضها:
حلقة نقاشٍ مع بلفراج ونبتي.
ليس عليك التوسّع إلى المنطقة العربي حصراً
يتمثّل التحدّي أمام أيّ شركةٍ ناشئةٍ في مواجهة التحدّيات الموجودة محلّياً وفي الخارج.
وفي هذا الإطار، قال الشريك المؤسِّس لـ"آلت سيتي" AltCity ورئيسها التنفيذي، دافيد نبتي، إنّ ذلك قد يكون صعباً على روّاد الأعمال السوريين الذين كانوا يعملون في ظروف قاسية لتلبية الاحتياجات التي تختلف عن أيّ مكانٍ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمنعهم من التوسّع إقليمياً.
متوجّهاً للجمهور، أضاف نبتي في حديثه أنّه "في حين يمكن تحقيق الكثير من المال في سوريا، فإنّ فكرتك يمكن ألّا تكون قابلةً للتطبيق في المنطقة، وهذا ليس سيئاً."
ومع ذلك، نصحهم بأن يفكّروا "في المشاكل التي يمكن حلّها على صعيدٍ عالميّ، مضيفاً أنّه إذا كنتَ تعالج مشكلةً تخصّ اللاجئين عليك أن تجعل الحلّ قابلاً للتطبيق في البلد الذي يتدفّق اللاجئون إليه.
الطريقة التي تحادث المستثمرين فيها مهمّةٌ جدّاً
قالت المتحدِّثة أورور بلفراج التي ترأس شركة الاستثمار المُخاطِر السويدية "إي كيو تي فينتشرز" EQT Ventures، إنّ روّاد الأعمال، وخصوصاً السوريين منهم، يجب أن يركّزوا على شراكاتٍ عادلة مع المستثمِرين.
وبدلاً من القبول بوضعهم الحالي غير المؤات في مفاوضاتهم مع المستثمِرين، ينبغي على رواد الأعمال السوريين أن يستفيدوا من طبيعة "الشعور بحالةٍ جيدة" في أعمال التوجيه والإرشاد.
"ليكن رأس المال والشركة فريقاً واحداً،" بحسب بلفراج التي أضافَت أنّه عليك أن "تأتي مع النهج الذي نحتاجه كلينا من أجل النموّ، فنحن متساوون."
"إنّ أكبر دافعٍ عاطفيّ نعتمده في الأعمال هو الغرور... يمكننا جعل الأشخاص الذين يمتلكون علاقاتٍ متشعّبة أن يشعروا بحالةٍ جيدة حيال أنفسهم وندفعهم ليصبحوا مرشدين."
الاستفادة من المغتربين وبناء البيئة الحاضنة لريادة الأعمال
في كلّ بلدٍ من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوجد الكثير من المغتربين، وبالتالي على روّاد الأعمال المحلّيين أن يستفيدوا من هذا الوضع لتعزيز شركاتهم واعمالهم.
وفي هذا السياق، نصحَت شكاكي الحاضرين بأنّ "لديهم ثلّة رائعة من روّاد الأعمال السوريين في وادي السيلكون يمكنهم الاستفادة منهم، مثل علي دياب [الرئيس التنفيذي لـ’كولكتيف هيلث‘ Collective Health] وعمر حموي [مؤسِّس ’آد موب‘ AdMob ورئيسها التنفيذي]؛ استفيدوا منهم لبناء مجتمعكم المحلّي."
في المقابل، لبناء المجتمعات الريادية ينبغي تواجد عنصر أساسي وهو مساحات العمل المشتركة التي تجمع الشركات الناشئة.
وبحسب نبتي، فإنّ "هذا النوع من مساحات العمل لا يقدّر بثمن، لأنّها تؤكّد على قيم المجموعات والمجموعات الفرعية التي تؤلّفها، مثل الأشخاص الذين يختصّون بالألعاب او تقنيات التعليم، وذلك لأنّ الهدف الأساسيّ لا يكمن فقط في الجلوس إلى جانب بعضهم البعض."
هلا فاضل وعمر كريستيدس كانا من بين أعضاء لجنة التحكيم في المسابقة، وشاركا في حلقات النقاش كذلك.
الشراكات أساسية
قام الرئيس التنفيذي المؤسّس لـ"ومضة"، حبيب حداد، بالترويج لمفهوم الشراكات خصوصاً مع الشركات الكبرى.
وقال إنّ "الشراكات هذه هي أداة لمّا تستغلّها الشركات الناشئة بعد، بحيث انّها توفّر طرقاً ممتازةً للوصول إلى أسواق جديدة، خصوصاّ إذا كانت الشراكة تتمّ مع شركات كبرى. هذا ما قمتُ به مع ’يملي‘ Yamli في البداية، حيث تشاركنا مع عدّة شركاتٍ ناشئة."
من الميزات الهامّة التي يمكن أن يربحها روّاد الأعمال جرّاء هذا النوع من الشراكات، هي الحصول على المهارات التي لا يمكن الحصول عليها في أيّ مكانٍ آخر والتي تساعدهم على تجنّب الفشل.
وبحسب حداد، فإنّ "قوّة المجتمعات الريادية تظهر هنا، إذ تساعدك شبكات العلاقات في البحث عمّن يساعدك، وهذا تماماً ما نفعله في ’ومضة‘."
اعتماد سياسة الحدّ من النفقات والاستفادة القصوى من الموارد ليس سيئاً
غالباً ما يقوم الأشخاص الذين يرزحون تحت أوضاعٍ قاسية بإيجاد حلولٍ مبتكرة تمكّنهم من تحقيق أهدافهم، وبحسب حداد، عادةً ما يظهر ذلك في طرق الوصول إلى التمويل التأسيسي أو المخاطِر.
"تتمحور ريادة الأعمال حول تخطّي المنعطفات، والقدرة على تخطّي العقبات للوصول إلى الأهداف." قالها حداد، مضيفاً أنّ "اعتماد سياسة الحدّ من النفقات والاستفادة القصوى من الموارد bootstrapping هي الطريقة السحرية لتأسيس الشركات من دون الاعتماد على مال أحد؛ فهذه الطريقة تدفعك لأن تكون منتِجاً ومبتكراً أكثر وأكثر."
من جهةٍ ثانية، يمكن للتمويل الذي يحصل عليه روّد الأعمال من الاستثمار المخاطِر أن يدفعهم ليبذروا الأموال والشعور بالأمان والراحة.
أشار حداد إلى أنّه في نهاية تجربته الشخصية مع "يملي، الشركة الناشئة التي أسّسها، حصل فقط على 125 ألف دولار أميركي كتمويلٍ لها. وإذ ذكر أنّ "هذا لا يساوي شيئاً وفقاً للمعايير الحالية،" شدّد على أنّه "شكّل دافعاً قوياً لنا للمضيّ قدُماً."
لا يهمّ من أين أتيت، فالقواعد هي نفسها
عبّرت بلفراج عن شعورها بالتواضع بعد المشاركة في جلسة نقاش عبر "سكايب" Skype [ضمن فعاليةٍ سابقة] لرواد الأعمال في دمشق، العام الماضي. وشرحَت ذلك قائلةً: "أدركتُ أنّ كلّ الأسئلة المطروحة هي نفسها التي يطرحها روّاد الأعمال في وادي السيلكون أو ستوكهولم؛ ومن الضروريّ تذكّر هذا دائماً."