'إنباكت' الألمانية تطلق مساحة عمل مشتركة في تونس
إطلاق مساحة العمل المشتركة من "إنباكت" Enpact بجلسة نقاشٍ. (الصور من "ستارتب هاوس" Startup Haus)
بعد ثلاثة أشهر على الافتتاحيّة التجريبيّة في كانون الأوّل/ديسمبر من العام الماضي، أطلقت "إنباكت" Enpact مساحة العمل المشتركة "ستارتب هاوس تونس" Startup Haus Tunis خلال افتتاحيّتها الكبرى في 15 آذار/مارس في تونس.
في السنوات الثلاث الأخيرة، بدأت منظّمة "إنباكت" الألمانية لدعم ريادة الأعمال بإرشاد الشركات الناشئة في تونس. وكونها فخورة بأصلها، أطلقت هذه المنظّمة اسم "ستارتب هاوس" بالأحرف الألمانيّة على مساحة العمل المشتركة، لتسليط الضوء على تبادل المعرفة والمعلومات بين روّاد الأعمال الألمانيين والتونسيين.
وتسعى مساحة العمل المشتركة هذه والواقعة في وسط مدينة تونس لتكون مركزاً للفعاليات الرياديّة وورش العمل التدريبيّة والمناقشات حول التحدّيات التي يواجهها روّاد الأعمال التونسيون. كما ستحتضن الشركات الناشئة التونسية، وتؤمّن برامج بناء القدرات للفرق الجديدة بهدف مساعدتها على تطوير نماذج أعمالها، والبحث عن المستثمرين، وتحسين عروضها المقترَحة.
بناء نموذج ناجح ومستدام
تريد مديرة "ستارتب هاوس تونس"، نسرين بن سليمان، بناء نموذج ناجح ومستدام على المدى الطويل.
وتقول عن هذا الأمر إنّه " في السنة الأولى تلقيّنا دعماً من ’إنباكت‘ و’مؤسسة فيسترفيله‘ The Westerwelle Foundation، ولكن في هذه المرّة علينا تطوير نموذج أعمال مستدام ليتمكّن المركز من النموّ وتقديم خدماتٍ إضافية للشركات الناشئة التونسيّة."
سُجلّ هذا المركز كمنظّمةٍ لا تبغي الربح، غير أنّه يهدف إلى تحقيق إيراداتٍ لاستثمارها في تنمية عمليّاته وخدماته. ويتمثّل نشاط "ستارتب هاوس" الأساسي في احتضان المشاريع، إذ يؤمّن لشركاتٍ ناشئةٍ مختارة ساعات عمل مع خبراء محليين وعالميين، ولقاءاتٍ بخبراء مشهورين. والأهمّ من ذلك أنّه يسمح لهم بالمشاركة في برنامج الإرشاد "إنباكت إنترناشونال" Enpact International.
وبالإضافة إلى احتضان الشركات، تؤمّن هذه المساحة أيضاً 90 مكتباً ومكاتب للإيجار للمستشارين بدوامٍ حرّ والعاملين عن بُعد انطلاقاً من تونس.
يمكن أن يختار العاملون في مساحة العمل المشتركة بين رسمَين: الأوّل يبلغ 140 ديناراً تونسياً (70 دولاراً أميركياً) للشخص الواحد في الشهر، والثاني يبلغ 240 ديناراً تونسياً (120 دولاراً أميركياً) للشخص الواحد في الشهر مع الحصول على خدمات أكثر. وفي الوقت الحالي، يتمّ تأجير مكتبين تصل سعتهما من 6 إلى 8 أشخاص مقابل 1200 دينار تونسي (600 دولار).
عندما تتحوّل مساحة صناعيّة إلى مركز تكنولوجيّ.
احتضان الشركات الناشئة
حاليّاً، تحتضن "ستارتب هاوس تونس" ثلاث شركات ناشئة هي "تونيسيا لايف" Tunisia Live التي تؤمّن خدمات إنتاج إعلامي لمنظّماتٍ دوليّةٍ في تونس، و"إيريس تكنولوجيز" Iris Technologies التي تعمل على تكنولوجيا مراقبة المناخ داخل خليّة النحل لضمان جودة العسل، و"يلا ريد" YallaRead التي تسعى لتصبح أوّل منصّة تونسيّة لمشاركة الكتب.
وهذه الشركات الناشئة كلّها كانت قد تخرّجَتْ من برنامج "إنباكت" للإرشاد الذي بدأ عام 2013.
يجمع هذا البرنامج الذي يمتدّ على عامٍ واحدٍ روّاد الأعمال من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – المغرب ومصر والأردن وتونس – بنظرائهم في ألمانيا لتبادل المعرفة بين روّاد الأعمال. وهو يبدأ بندوةٍ مدتّها أسبوع كامل في برلين، يليها لقاءاتٌ عبر الإنترنت وزيارات إلى المنطقة العربيّة خلال العام.
ويقول في هذا الإطار يوسف جايجي، مؤسِّس "تونيسيا لايف" وخرّيج الدفعة الأولى هذا البرنامج: "تمّ اختيارنا للعمل مع رائد أعمال في المجال الإعلامي في ألمانيا لتبادل المعرفة وتعلّم استراتيجيّات العمل التي يمكن تطبيقها في تونس."
كذلك، وفي حين يساهم برنامج الإرشاد هذا بنشر التوعية بين روّاد الأعمال في المنطقة العربية حول بناء البيئة الرياديّة الخاصّة بهم، يضيف جايجي أنّه "من خلال شبكة العلاقات في هذا البرنامج، التقيتُ بروّاد أعمال تونسيين آخرين وشكّلنا شبكة دعمٍ لمساعدة بعضنا بعضاً في مساعينا. فما تحتاجه الشركات الناشئة في تونس هو الإرشاد المناسب، وهذا أمرٌ صعب الحصول عليه. وبالتالي فإنّ بناء شبكةٍ متينةٍ من روّاد الأعمال هو مفتاح النجاح والنموّ في هذا القطاع."
الشركات الناشئة تعمل جاهدةً في برنامج الاحتضان.
إصلاح القوانين التجاريّة
للمُضيّ قُدُماً، يعتقد فريق "ستارتب هاوس" أنّ على الحكومة التونسيّة الترويج لريادة الأعمال وتعزيزها بشكلٍ أفضل والبحث في أساليب دعم الشركات الناشئة.
جاء ذلك خلال الافتتاحيّة حيث نظّم الفريق جلسة نقاش حول "أهمية ريادة الأعمال في التنمية الاقتصاديّة للمجتمعات" The importance of entrepreneurship for the economic development of societies، شهدَت نقاشاتٍ كثيرةً تمحورَت بشكلٍ أساسي حول إصلاح القوانين التجاريّة في البلاد الذي طال انتظاره.
وفي السياق، قامت أمال سعيدان، المديرة التنفيذيّة في شركة الاستشارات "سليكستون" SlickStone، بتسليط الضوء على المناقشات التي تحصل الآن في البنك المركزي التونسي حول إنشاء قانونٍ للشركات الناشئة يسهّل معاملات تسجيل الشركة، والحصول على قروض، وتفعيل بوابات الدفع الإلكتروني، وهي أمورٌ تعتبرها البيئة الرياديّة ضروريّةً لتنشيط ريادة الأعمال.
وبالرغم من سيطرة التفاؤل على هذه الافتتاحية، إلّا أنّ التحديّات الماليّة والقانونيّة التي تقف عائقاً أمام الشركات الناشئة تطرح تساؤلاتٍ عدّة حول جدوى العدد الكبير من النشاطات الريادية التي شهدتها البلاد في السنوات القليلة الماضية.
فمن دون الإصلاحات القانونيّة المرتَقَبة، تساءل بعض روّاد الأعمال المشاركين ومنهم جايجي حول ما إذا كانت نشاطات بناء القدرات التي يتفاخرون بها تكفي لإطلاق شرارة ثورةٍ في مجال الشركات الناشئة في تونس.