لماذا نستثمر في منصات التجارة الإلكترونية؟ [رأي]
تكشف منصّات التجارة الإلكترونية عن فرصٍ كبيرة أمام المستثمرين،مستعينةً بالزيادة في عدد مستخدمي الهواتف الذكية. (الصورة من "هولند فين تك" Hollandfintech)
تحظى التجارة الإلكترونية في الوقت الحالي بمزيدٍ من الشعبية في العالم العربي.
فالزيادة في مستخدمي الإنترنت بنسبة تقارب 10% سنويّاً، وزيادة عدد مستخدمي الهواتف الذكيّة التي وصلت إلى نسبة 100% في بعض البلدان، بالإضافة إلى الزيادة في إقبال الناس على صفقات البيع والشراء الإلكترونيّة، تشكّل أرقاماً مناسبة جدّاً لشركات الاستثمار المخاطر لا يمكن تجنّبها.
من جهته، قام صندوق التمويل الخاص بنا، "ميدل إيست فينتشر فاند 2" Middle East Venture Fund II، باستثمار أكثر من 4.5 ملايين دولار في منصّات التجارة الإلكترونيّة خلال الأشهر القليلة الماضية، وبات كلٌّ من "ذا لوكجوري كلوزيت" The Luxury Closet و"يو جوت أي جيفت" YouGotAGift و"الطبّي"Altibbi و"فولت" Volt و"فيش فيش مي" Fishfishme، من الشركات الأساسيّة في محفظة أعماله.
الأسواق عبر الإنتنرت تقدّم قيمة إضافيّة
تقوم الأسواق عبر الإنترنت بسدّ فجوة العرض والطلب حول بعض السلع والخَدمات المحدّدة.
وعلى سبيل المثال، تؤمّن "ذا لوكجوري كلوزيت" وسيطاً يسمح لأصحاب السلع الفخمة والكمالية ببيعها بأسعارٍ مخفّضة إلى من يطلبون سلعاً ملبوسة سابقاً ذات اسم تجاري معروف بأسعار زهيدة.
وبالتالي، تأتي القيمة الإضافيّة في هذه المنصّات من التفاعلات التي تقدّم للشارين صفقات جيّدة.
عرض غير محدود
تكشف منصّات التجارة الإلكترونية عن أسواق جديدة يمكن من خلالها بيع السلع والمنتَجات، مثل "أمازون" Amazon و"ذا لوكجوري كلوزيت"، أو تؤدّي على الأقل إلى جعل السلع والمنتجات الحاليّة أكثر توفّراً.
فعلى سبيل المثال، يسمح تطبيق "فولت" Volt لكلّ أصحاب السيارات أن يجدوا ركّاباً، ويساعد "يو جوت أي جيفت" على بيع السلع والهدايا التي كانت تباع في المحلاّت على الإنترنت.
في هذه الحالة، يتحوّل التركيز الأساسي من زيادة العرض في الطريقة التقليديّة، إلى تحسين طريقة إيصال السلع الموجودة وتسريعها. كسر الحواجز هذا يكافئ مزوِّد السلع الذي قد يعتمد على الموقع لتأمين لقمة العيش، كما يفيد منصّات التجارة الإلكترونية بشكلٍ عام.
طلب غير محدود
لا تقدّم العمليات غير الإلكترونية خيارات عدّة للمستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي المقابل، فإنّ منصّات التجارة الإلكترونية تزيد من الخيارات المقدّمة للناس سواء كانت من حيث النوع أو السعر أو النوعيّة، داخل أو خارج البلاد. ومع خدمات مثل تشارُك السيارات عند التنقّل وإقامة الحجوزات، تصبح هذه المنصّات مفيدةً من حيث السهولة وتأمين الراحة وتوفير مزيدٍ من الخيارات.
ومؤخّراً، أظهر إحصاء قامت به "ومضة" أنّ الشركات في المنطقة تهمل 80% من البيانات الناتجة عن نشاطاتها اليوميّة. علماً أنّه يمكن الاستفادة من هذه البيانات لبناء منصّةٍ إلكترونيّة ذكيّة تساعدهم على تلبية الطلب بشكل غير محدود. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضاً، يمكن الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ من هذه المنهجيّة في العمل كون دراسة حاجات المجتمع وحتّى الفرد تشكّل عاملاً أساسيّاً وضورياً في نجاح المنصّة.
عوامل النجاح الأساسيّة
نظراً للطبيعة المزدوجة للأسواق عبر الإنترنت، على الشركات الناشئة أن تركّز على كلٍّ من العرض والطلب، لذلك يجب مراعاة بعض العوامل من أجل تحقيق النجاح. وفيما يلي، سوف نناقش ثلاثةً من هذه العوامل، وهي: الإشراف والمراقبة curation، والاكتفاء الذاتي (أو تأمين الحدّ الأدنى اللازم) critical mass والاقتصاد economics.
الإشراف والمراقبة
الإشراف على المنصّة ومراقبتها يؤدّيان إلى زيادة الثقة بها. أمّا الحاجة إلى هذا الأمر والهدف منه (من جهة العرض أو الطلب أو الإثنين معاً) فتتفاوت بحسب طبيعة عمل الشركة.
على سبيل المثال، تبني منصّة "الطبي" علاقات مع الأطبّاء منذ مرحلة تحضيرهم للعمل. كما أنّ "ذا لوكجوري كلوزيت" تخصّص فريقاً للإشراف على السلع الموجودة على موقعها. كذلك، يفتخر "فولت" بأمان خدماته، فهو يصل مستخدميه الذي يثق بهم بأفراد موثوق بهم من مجتمعه، كما أنّه يسمح للمستخدم أن يقيّم ويترك تعليقاً عن الخدمة.
على مستوى عالمي، يوجد لدى "إر بي أن بي" Airbnb عمليّة تحقيق دقيقة وشاملة بشأن مستخدميها، بالإضافة إلى أنّها تعتمد بشكلٍ أساسي على تقييمات المستخدِمين.
كلّما زادت الثقة، كلّما أقبل الأشخاص في المنطقة على الدفع عبر الإنترنت، والزيادة في عدد عمليات الدفع عبر الإنترنت يمكن أن تعني أنّ هذا الأمر بدأ بالحصول.
الاكتفاء الذاتي
يؤدّي الاكتفاء الذاتي (أو تأمين الحد الأدنى اللازم على صعيدي العرض والطلب) إلى زيادة في العمليّات، ونجاح منصّة التجارة الإلكترونية يعتمد على الاكتفاء الذي تحققه في جانبي العرض والطلب.
ومع هذا لاكتفاء، تزيد شهرة هذا الموقع وقيمته وعدد مستخدميه، ممّا يعود عليه بإيراداتٍ أكبر ويؤمّن سيولة أكثر للمنصّة.
وبغية تحقيق ذلك، على الشركة أن تتوسّع بسرعة وتضمن أنّ موقعها سلس وسهل الاستخدام لكلّ من المزوّدين والشارين.
الاقتصاد
تحقيق اقتصاد مؤات في جانبي المنصّة يساهم في استمرارية نجاحها.
تتطلب السواق عبر الإنترنت تمويلاً كبيراً لتأسيس علامة تجاريّةٍ تكون محلّ ثقة المستخدِمين وقادرة على الوصول إلى عددٍ معيّن منهم لتحقيق نجاحها. ومن أجل حسن استخدام هذه الموارد، على هذه المنصّات أن تبني فكرةً واضحة عن الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، المؤشّر الأكثر شعبيّة فيما يتعلّق بقيمة المستخدِم الدائمة مقابل كلفة الاستحواذ عليه LTV/CAC هو ذلك الذي يبلغ أكثر من 3.
التحدّي بالنسبة للأسواق عبر الإنترنت يمكن في أنّ الديناميات في كلا الجانبين يجب أن تؤخذ في الحسبان لتقييم هذه الأرقام؛ مثلاً هل التسويق وحده مسؤول عن عملية اكتساب مزوّدين وعملاء جدد أم أنّه يساهم بنسبةٍ محدّدة من هذه العمليّة؟
في الإجمال، يجب أن يكون نموذج الإيرادات واضحاً ومبّرراً، سواء كان ذلك نسبة الصفقات على هذه السوق أو رسوم الخدمات الإضافية أو نموذج الاشتراك.
كذلك، يجب أن تسعى المنصّات لإبقاء نسبة ابتعاد المستخدم عن المنصة ضئيلة user churn وزيادة وقت المستخدمين على المنصّة stickiness. يمكن أيضاً استخدام التحليل الجماعي للفئة المستهدفة cohort analysis من أجل تحسين عمليّة الإنفاق وتقليص كلفة التسويق من الإيرادات، إذا إنّ كميّة كبيرة من الأموال تبذّر من أجل الحصول على مستخدِمين جدد، فيما تكون كلفة الحفاظ عليهم أقل، وبخاصّة المزوّدين النشيطين والعملاء الأوفياء. ومع كلّ ذلك، من المهم جدّاً مراقبة التكاليف الأخرى.
المحصّلة
يمكن للسوق عبر الإنترنت أن يعود بفائدةٍ إضافيّة للمزوّدين وللمستخدمين، ولكن للحفاظ على ميزته عليه المحافظة على ثقتهم به. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكبر منصّة التجارة الإلكترونية وتتوسّع محافِظةً على ربحها أو على الأقلّ من دون أن تخسر.
في نهاية المطاف، التوسّع من دون اقتصادٍ يدعمه لا يشكّل سوى نصف القصّة، إن لم يكن أقلّ.