هل تحمل طنجة إمكانات تقنية كبيرة للمغرب؟
لدى مروان شلي طموحات كبيرة مع "تكنوبارك" التي انطلقت في طنجة. (الصورة من مروان شلي)
بعد الانطلاق في الدار البيضاء، العاصمة التجارية للمغرب وفي الرباط، العاصمة الإدارية، ها هي مسرّعة الأعمال "تكنوبارك" Technopark تصل إلى مدينة طنجة.
قد تبدو هذه الخطوة غريبةً للبعض، فالمدينة ليست معروفةً بنشاطها الرياديّ أو التكنولوجيي، كما يقرّ مدير "تكنوبارك" في طنجة، مروان شلي. غير أنّ هذا الأخير يعتقد بأنّها يمكن أن تصبح يوماً ما ثاني أكبر المراكز التقنية في المغرب.
وما يزيده قناعةً، هو حجم المبنى الذي يوازي حجم المبنى في الرباط، بالإضافة إلى العزم على زيادة 3 طوابق خلال الأشهر القليلة المقبلة.
أمّا في في الدار البيضاء، ونتيجةً لتعاون القطاعَين العام والخاص، تضمّ المدينة ما يقارب 230 شركةً إضافةً إلى اللاعبين الأساسيين في البيئة الحاضنة المغربية (من جمعيات وحاضنات أعمال ومستثمِرين).
لهذه الأسباب، يؤمن شلي أنّ طنجة يمكنها أن تصبح من المدن الفعّالة في هذا المجال، إذا أمكنها الحصول على مثل هذه الدينامية التي تتمتّع بها الدار البيضاء.
"ومضة": طنجة ليست من المدن المعروفة بالتكنولوجيا، لماذا اخترتموها مكاناً لمركز 'تكنوبارك' الثالث في المغرب؟
مروان شلي: في البداية، كنّا نخطّط لافتتاح مركزٍ صغيرٍ لـ'تكنوبارك' في كلّ مدينة رئيسية، ولهذا افتتحنا مركزاً في الرباط بمساحة ألفي متر مربّع.
أخذنا بعين الاعتبار عدّة مدنٍ لنقيم فيها مركزنا الثالث، إلّا أنّ طنجة توافرت فيها أفضل الظروف، وبالتالي قرّرنا أن نكون طموحين أكثر ممّا خطّطنا له. فهذه المدينة تُعدّ المركز التجاريّ الثاني للمغرب، وهي في طريقها لتكون أكثر أهمّية.
فمع مشروع ‘طنجة الكبرى‘ Métropole Tangiers الحكومي، بدأ يتغيّر وجه المدينة مع الكثير من المشاريع الجارية، مثل المناطق الحرّة والمناطق الصناعية، والساحل البحري. ومشروع ‘طنجة المتوسط‘ Tangiers Med سينتج عنه ميناء بحري ضخم، والقطاع الصناعي سيشهد إنشاء معمل ‘رينو‘Renault، كما أنّ القطاع السياحيّ سيشهد تغييراتٍ أيضاً.
في المحصّلة، هذه المشاريع سوف يكون لها احتياجاتٌ في مجال المعلوماتية والتكنولوجيا الخضراء (الصديقة للبيئة)، ما يعني أنّ شركاتنا سوف تستفيد أيضاً. وبالفعل، بدأت بعض شركاتنا في الدار البيضاء بمزاولة نشاطٍ أكبر في طنجة.
ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في قرارنا هذا كان مشاركة المدينة عبر ولاية طنجة، فهذا يلعب دوراً رئيسياً في نجاح أيّ مركزٍ تقنيّ؛ وقد وضعوا تحت تصرّفنا مبنى مركزياً ومميزّاً يلفت الانتباه في أرجاء المنطقة. هذه الشراكة مع المدينة ستمكّننا من الحصول على المزيد من الفرص، خصوصاً فيما يتعلّق بالفعاليات التي يمكن أن ننظّمها أو المؤسّسات التي يمكن أن نعمل معها على سبيل المثال.
طنجة أكبر من كونها مجرّد مدينة ساحلية وميناء. (الصورة من "شالنج")
"ومضة": من سيكون جمهوركم في طنجة؟
شلي: هناك بعض الشركات التقنية في طنجة، لكنّها مبعثرة إذ لا مكان أو فعالية يلتقون فيها. وبالرغم من ذلك، لا يزال هناك طلبٌ على هذه الفعاليات، بحيث أنّ الفعاليات النادرة التي تُقام تكون مكتظّة. وبعدما نبدأ بتنظيم فعالياتٍ هنا كالتي ننظّمها في الدار البيضاء أو الرباط، ونساعد شركاءنا على تنظيم فعاليتهم الخاصّة أيضاً، سوف نكون عندها نوحّد المجتمع التقني في طنجة.
من جهةٍ أخرى، الكثير من الشركات هنا تعمل مع شركاتٍ تقنيةٍ من الدار البيضاء والرباط، وبعضها من عملاء ‘تكنوبارك‘. يريد البعض التوسّع إلى طنجة، ولكنّ معظمهم يقول إنّ وجود بنيةٍ يثقون بها سوف يحفّزهم أكثر على القيام بهذه الخطوة.
مجتمع ‘تكنوبارك‘ متعدّد المواقع، فإذا كنت عميلاً ضمن أيّ مركزٍ لنا، ستكون كذلك في كلّ المراكز. كما أنّ الأعضاء، في كلّ مدينة، يستطيعون الاستفادة من قاعات الاجتماعات والنصائح وسواها من الخدمات.
بالإضافة إلى ذلك، نعمل على إنشاء مساحة عمل مشتركة في طنجة، بهدف توفير مكانٍ للقاءات روّاد الأعمال في الشمال، ومكانٍ للعمل لروّاد الأعمال المسافرين إلى المدينة.
مركز "تكنوبارك" الجديد في طنجة. (الصورة من "تكنوبارك")
"ومضة": هل سيكون مركز 'تكنوبارك' في طنجة مختلفاً عن نظيرَيه في الدار البيضاء والرباط؟
شلي: سوف نقوم في طنجة بالنشاطات ذاتها التي نقوم بها في كلٍّ من الدار البيضاء والرباط. وبالإضافة إلى الاستفادة ممّا تعلّمناه في الدار البيضاء، سوف نكتشف خلال سير العمل الاحتياجات الخاصّة بمدينة طنجة، علماً أنّ الأساسيات هي نفسها. وفي كلّ الأحوال، سوف نقدّم الخدمات والأسعار عينها.
نحاول إقناع مؤسّسات الدعم التي تتواجد في ‘تكنوبارك‘، مثل ‘صندوق المغرب الرقمي‘ MNF و‘الجمعية المغربية لرائدات الأعمال النساء‘ AFEM، و‘ريزو أنتربرندر‘ Réseau Entreprendre Maroc [شبكة من أصحاب الأعمال الذين يرشدون روّاد الأعمال الجدد]، بافتتاح فروعٍ لها في مركز ‘تكنوبارك‘ في طنجة. ومن خلال العمل معهم، نهدف إلى تقريبهم من مجتمعنا وإيجاد تآزرٍ بينهم وبين هذا المجتمع.
في الأيّام الأولى لـ‘تكنوبارك‘، أدركنا أنّ منظّمات الدعم لم تكن تعثر بسهولةٍ على أصحاب المشاريع، وأنّ أصحاب المشاريع بدورهم لم يكونوا يجدون العروض والخدمات التي كانوا يبحثون عنها. كان ذلك بسبب نقصٍ في التواصل. وبالتالي، عملنا في ‘تكنوبارك‘ على هذا الجانب، بهدف اتأمين التواصل بين أعضاء مجتمعنا وشركاء البيئة الحاضنة.
لدينا قاعة مؤتمرات جميلة [في طنجة] ستسمح لنا باستضافة ما يصل إلى 200 شخص، ونعمل في الوقت الحالي على تجديدها بهدف تنظيم المزيد من الفعاليات الريادية والثقافية.
"ومضة": هل من تحدّياتٍ ترتبط بالعمل في طنجة؟
شلي: يجب أن نغيّر النظرة الحالية إلى المدينة على أنّها ليست ديناميكيةً أو مدينةً للأعمال، كما يجب أن نشارك في عملية إطلاق علامةٍ تجاريةٍ جديدةٍ للمدينة.
في الوقت الحالي، لا تحظى الشركات الفتية بالفرص نفسها [كما هي الحال في الدار البيضاء]، ولكنّنا جئنا إلى هنا من أجل العمل على تكافؤ الفرص. يجب أن نتطلّع إلى المستقبل، وطنجة هي مدينة المستقبل؛ إنّها مدينةٌ حيث توجد الفرص ويمكن النموّ فيها.