حاضنة أعمال مغربية تبحث عن أثر في الروّاد وفي المجتمع
رواد أعمال مستقبليون مغربيون يتعلمون حول الريادة الاجتماعية في "إمباكت كامب". (الصور من سارة قداوي)
في هذا الخريف، عادت المدرسة لتفتح أبوابها في "إيريني4إمباكت"Eiréné4Impact لصفَّين جديدَين من أجل روّاد الأعمال في فترتي الاحتضان وما قبل الاحتضان.
هذه المنظّمة التي تعمل بشكلٍ هادئٍ في المغرب، منذ كانون الأول/ديسمبر 2014، تصف عملها بأنّه "عملٌ خيريٌّ مخاطر"، حيث يكمن هدفها في مساعدة الروّاد الاجتماعيين من خلال حاضنة أعمالها وصندوق استثمارها.
في إطار برنامج "إمباكت لاب" Impact Lab المكثّف من "إيريني فور إمباكت" للاحتضان وما قبل الاحتضان، يوجد اثنتا عشر شركةً ناشئةً في مجالات التربية والبيئة والتوظيف والتغذية وغيرها. والهدف هنا، هو التحقّق من صحّة أفكارها على الأرض، إمّا من خلال تجربة المفهوم لإثبات صحته proof-of-concept، لمن هم في مرحلة ما قبل الاحتضان؛ أو من خلال تجربة المفهوم في السوق لإثبات صحّته، لمَن هم في مرحلة الاحتضان.
بدوره، يساعد فريق "إيريني فور إمباكت" الشركات الناشئة المشاركة في برنامج ما قبل الاحتضان على تحليل الاحتياجات التي تسعى إلى تلبيتها، وتحديد مفهومها، ودراسة أسواقها وتجزئتها، وبناء نماذج أعمال متينة، وإعداد استراتيجية للإطلاق.
وللوصول إلى هذه النقطة، يُطلَب من هؤلاء الراغبين في أن يصبحوا روّاد أعمال الابتعاد عن حواسيبهم واختبار حلولهم على الأرض مع عملائهم المستهدَفين.
ويقول ليث زنيبر، مؤسّس "إيريني فور إمباكت" ورئيسها التنفيذي، إنّ "الأمر يتطلّب التجربة والتكرار لكي تصقل الشركات الناشئة حلولها ثمّ تعدّلها لتلائم الواقع."
في برنامج الاحتضان، تركّز الشركات الناشئة على تنفيذ استراتيجياتها وحلولها، بحيث يكمن هدفها في التحقّق من صحّة - أو عدم صحّة - فرضياتها وتعديل القيمة التي تقدّمها لتلائم احتياجات السوق.
وباستثناء الاجتماع الأسبوعيّ للفريق، يُطبَّق معظم البرنامج خارج المكتب.
"العمل الجماعي والردود المتبادلة أمرٌ جوهري، وبخاصّة في مجتمعٍ غالباً ما يعتقد الناس فيه أنّ عليهم إبقاء أفكارهم سراً عن الجميع،" على حدّ قول زنيبر الذي يضيف أنّه "في النهاية، التنفيذ هو ما يحدّد فعلاً ما إذا كان المشروع سينجح أم لا."
يمتدّ برنامج الاحتضان على ثلاثة أشهر، قابلةٍ للتجديد مرّتين. وتسبق ذلك فترةٌ تمهيديةٌ لشهرٍ، من أجل مَن لم يشارك في برنامج ما قبل الاحتضان.
أمّا "إيريني4إمباكت"، فهي تأخذ حصّةً تبلغ 5% من الشركات التي تخضع لبرامجها.
54 رائد أعمال صاعداً شاركوا في مخيّم "إمباكت كامب".
"إمباكت كامب" يكشف الستار عن رواد الأعمال الذين يودّون تغيير العالم
يعتمد نجاح البرامج على جودة الطلبات المقدَّمة وعددها. ولزيادة احتمال نجاح الشركات، يعمل زنيبر على تعزيز ريادة الأعمال ذات الأثر الاجتماعي والبيئي. ولذلك، وعلى سبيل المثال، نظّمت "إيريني4إمباكت" في الصيف الماضي معسكراً لروّاد الأعمال الشباب والصاعدين، بالتعاون مع كلية الأعمال الفرنسية الشهيرة "إيسيك" ESSEC.
في الوقت الذي انطلق فيه معظم المغاربة إلى عطلتهم ليحتفلوا بنهاية شهر رمضان، بقي أكثر من 50 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 21 و35 عاماً ليعيشوا أسبوعاً من التدريبات وورش العمل المكثّفة في "جامعة الأخوين" في إفران.
ومن 19 إلى 25 تموز/يوليو، تعاون المشاركون في إعداد حلول مستدامة لمشاكل مجتمعية. ثمّ ومن خلال ورش عمل متعدّدة، تمّ تحفيز المشاركين ودفعهم إلى تحديد احتياجات المجتمع والخروج بحلول على شكل شركاتٍ مستدامة.
وقد تضمّنت المشاكل التي حاولوا حلّها، الفقر والفشل الدراسي والتهميش الاجتماعي وعدم الاستقرار الاقتصادي للمزارعين، إضافةً إلى التدهور البيئي.
وفي النتيجة، فازت "كازا بلا زبال" CasaBlaZbel (أي الدار البيضاء من دون زبالة/نفايات) بالمسابقة عن مشروعها الذي يهدف إلى مساعدة المواطنين على إطلاق مبادراتٍ تهدف إلى الحفاظ على مدينة الدار البيضاء (من خلال إنشاء سلسلة القيمة، واختيار جهات فاعلة لإشراكها، وإعداد موازنة، وإيجاد التمويل، إلخ). وقد فاز أصحاب المشروع الأربع الطموحون بشيك قيمته 50 ألف درهم (أي ما يساوي 5094 دولاراً أميركياً).
فريق "كازا بلا زبال" يحتفل بفوزه بالمنصب الأول.
أما الجائزة الثانية بقيمة 25 ألف درهم (2550 دولاراً أميركياً)، فكانت من نصيب "إشيك أند مات" Echec & Mat التي تساعد طلّاب المدارس الابتدائية الرسمية على التعلّم عن المشاركة المدنية، وتطوير قدراتهم على التفكير النقديّ، من خلال الألعاب التربوية وورش العمل.
وفي إطار رسالة "إيريني4إمباكت"، دعَت هذه الأخيرة كلّاً من "كازا بلا زبال" و "إشيك أند مات" للانضمام إلى برنامج "إمباكت لاب" لما قبل الاحتضان في 2015 و2016.
"وإلى جانب الفائزين، أعربت أربعة فرق عن رغبتها في الاستمرار في العمل على مشاريعها،" على حدّ قول زنيبر.
"إيريني4إمباكت"، جهة جديدة مستثمرة عالية التأثير
إلى جانب هذه البرامج، تستثمر "إيريني4إمباكت" في الشركات الناشئة التي ما زالت في مراحلها التأسيسية والتي شاركت في برامج احتضانها.
ويشرح زنيبر الأمر قائلاً: "نستثمر في أولى مراحل حياة الشركة، بعد أن يثبت فريقها مهاراته في تنفيذ فكرته على الأرض، وبعد أن يثبت صحّة فرضية الحلّ الذي تقدّمه الشركة."
تتراوح استثمارات "إيريني4إمباكت" ما بين 500 ألف درهم (نحو 51 ألف دولار أميركي) ومليون ونصف مليون درهم (نحو 155 ألف دولار أميركيّ)، فيما تترك للمؤسّسين حصة الأغلبية.
وبالتالي، تحصل الشركات المموَّلة على يومَين من الإرشاد في الأسبوع، ونفاذٍ مجّاني إلى التدريب وإلى شبكةٍ من الشركاء والخبراء المحليين والدوليين.
ياسين فداني واسماعيل برغش وعمر قادري من شركة "ليك" الناشئة في مؤتمر "كولليجن" في لاس فيغاس. (الصورة من "ليك")
تعريف واسع للأثر الاجتماعي
استثمرت "إيريني4إمباكت" 1.6 مليون درهم (نحو 165 ألف دولار أميركي) في "ليك" Lik، وهي تطبيق للهواتف المحمولة يسمح بالحصول على رصيدٍ مجّانيٍّ، بشرط قبول عرض الإعلانات على الهاتف المحمول أثناء تلقّي المكالمات.
وبحسب زنيبر، فإنّ ريادة الأعمال عالية التأثير ليست مجرّد فعل أعمال الخير، "بل هي توفير حلول اقتصادية لتحديات اجتماعية بدلاً من فعل العكس."
ولا شكّ في أنّ ذلك يشكل خبراً ساراً للشركات المسؤولة اجتماعياً التي تكمن أهدافها أيضاً في أن تكون مربحةً وناجحةً.