لم تحتاج المنطقة أكثر من سواها إلى البطاقات المدفوعة مسبقاً؟
لا شكّ في أنّ البطاقات المدفوعة مسبقاًprepaid cards هي من الحلول التي تسد جزءاً كبيراً من الفجوة القائمة بين مَن لا حساب مصرفيّ لديه والتجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب فرنسيس بارل من "باي بال" PayPal.
في خلال مقابلة مع ومضة، يقول بارل، رئيس تنمية الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنّه على الرغم من أن الدفع عند التسليم cash on delivery لا يزال طريقة الدفع الطاغية في المنطقة، إلاّ أنّ البطاقات المدفوعة مسبقاً طريقةٌ ممتازةٌ لإدخال الناس في النظام المالي، وإنّ البطاقات الحالية المدفوعة مسبقاً لم تحقّق بعد أقصى إمكانياتها.
إنّ المستويات العالية من الإقصاء المالي بشكلٍ عام، ومن عدد الأفراد الذين لا حساب مصرفي لديهم بشكلٍ خاص – الذين قدّر البنك الدولي نسبتهم في عام 2014 بـ86% من كافة الراشدين في الشرق الأوسط – تعني أنّ النظم المعقّدة تكنولوجياً مثل عملة "بتكوين" Bitcoin لم تحظَ بعد بمكانٍ داخل باقات العروض التي تنوي منصّة "باي بال" تقديمها للمنطقة في المستقبل.
"ربمّا لا يزال من المبكر [التفكير في العملة المشفّرة] لأنّه خارج مطعم البيتزا في دبي أو بضع شركات ناشئة أخرى حيث يمكنك الدفع بعملة ‘بتكوين‘، لا يزال العملاء يجهلون أسُس هذه العملة،" على حد قول بارل الذي يضيف أنّه "في مصر مثلاً، يبلغ مستوى انتشار الحسابات المصرفية نسباً متدنية جدّاً إلى درجة أنّك إذا بدأت بتحديث الناس الذين لا حساب مصرفي لديهم [عن] استعمال ‘بتكوين‘، سيقولون لك: ممتاز، ولكن، كيف نشتري ‘بتكوين‘؟"
يعمل موقع "باي بال" حالياً مع عددٍ صغير من صرّافي عملة "بتكوين" في الولايات المتحدة، للسماح للناس بشراء هذه العملة، كما وإعداد واجهةٍ للتجار لتسمح لهم بقبول الدفع بها.
ولكن، ما دامت العملة المشفّرة تشكل سوقاً ضيقةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لن تُسرع "باي بال" إلى إدخالها في المنتَجات التي تقدّمها هنا.
وفي هذا السياق، يشرح بارل قائلاً: "لا أعتقد أنّه من السهل جدّاً إدارتها [‘بتكوين‘] في المنطقة، لأنّ العملاء يشعرون أنّهم يريدون شيئاً يسهل الوصول إليه أكثر من عملةٍ افتراضيةٍ بالكامل، وعلى الأرجح أنّهم لا يعرفون أسُس هذه العملة. تهمّ عملة ‘بتكوين‘ كلّ من يحبّ اعتناق التقنيات الجديدة، ولكن حتّى محبّي اعتناق التقنيات الجديدة في المنطقة اليوم يحتاجون [هم أيضاً] إلى شيءٍ يسهل الوصول إليه".
تسهيل الوصول إلى "بتكوين" في الوقت الحالي، يعني إبعاد المزيد من الناس عن الدفع نقداً، وبخاصّةٍ لدى الشراء عبر الإنترنت. ويعتقد بارل أنّه من "العار" ألّا يكون هناك حتّى الآن طريقة دفع إلكترونية تتمكّن من فكّ قبضة النقد على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
والمال النقدية، بحسب بارل، يحطّم تجربة المستخدم حيث يضطرّ إلى الانتظار في البيت لوصول ساعي البريد كي يدفع له المال، على أنّه يجب أيضاً أن يتمّ دفع هذا المبلغ تماماً كما هو لأنّ ساعي البريد لا يحمل فكّة في معظم الأحيان. هذا الأمر أيضاً يسبّب مشاكل للتجّار الذين عليهم أن يحملوا المال النقدي دائماً، وأن ينتظروا وقتاً أطول بكثيرٍ للحصول على الدفعة النهائية.
وبالتالي، يكمن هدف "باي بال" الحالي في المنطقة في تعزيز عروضها الحالية في البلدان الاثني عشر التي تعمل فيها الآن، قبل أن تدخل بلداناً جديدة.
ولكن، ولأنّ الموقع انطلق في عام 2007، فالبلدان الحالية التي يعمل فيها تبدو مختلفةً عن البلدان التي كان ليعمل فيها فيما لو انطلق الآن.
فاليمن من البلدان غير المتوقع إدراجها حالياً، بحسب بارل، الذي يشير إلى إدراجها سابقاً كان مبرّراً كونها كانت في ذلك الوقت قريبةً جداً من دول الخليج الستة التي أراد "باي بال" أن يستهدفها. بالإضافة إلى ذلك، كانت دول المغرب وتونس والجزائر المتكلمة بالفرنسية أيضاً سوقاً أساسية؛ إلى جانب مصر التي تحوي عدد السكان الأكبر بين دول المنطقة؛ والأردن التي كانت الأكثر تقدماً من الناحية التقنية في المنطقة.
أما لبنان، فلا يزال خارج المعادلة.
ويشرح بارل أنّه "عندما أطلقنا ‘باي بال‘ في المنطقة، كانت اليمن قريبة جداً من مجلس التعاون الخليجي حيث كان لديها صلاتٌ وثيقةٌ مع السعودية وبضعة بلدان خليجية أخرى، لذا كان من المنطقي إطلاق المنصّة في اليمن. أمّا لبنان فلم يكن حيث أصبح اليوم، سواء من حيث التجارة الإلكترونية أو التصميم أو التكنولوجيا. لذا، كان من المنطقيّ في ذلك الوقت عدم إدراجه."
كما يتابع قائلاً إنّ "الأردن دولةٌ ممتعة، لأنّها أصغر حجماً على عكس بيئتها التكنولوجية القوية جداً. لقد رأينا ديناميكية لا تصدّق هناك، ولا شكّ في أنّ الأردن من أقوى البلدان التي نتواجد فيها."
يلفت بارل إلى أنّ "بنك القاهرة عمّان" كان الأول في المنطقة الذي وقّعَت معه ‘باي بال‘ صفقةً لتقديم الخدمات لكلٍّ من المستهلك والتاجر في الوقت عينه. وعلى الرغم من أنّ هذه الصفقات تخدم في العادة إمّا المستهلك أو التاجر، إلّا أنّ الشركة الأميركية قامت بذلك الأمر كي تتمكّن من بدء تطبيق المنتَج. ويؤكّد أنّ النجاح الذي لاقاه "باي بال" في تلك السوق، يُعزى "بمعظمه" إلى رغبة ذاك البنك المحلّي في الابتكار والاستثمار والتعاون من أجل تقديم تجربةٍ أفضل للعميل.
"هناك أمرٌ هام ينطبق على التكنولوجيا المالية بشكل عام، وهو أنّك في معظم الأوقات لا تحصل سوى على فرصةٍ واحدةٍ مع العميل، وبخاصّةٍ إذا أردت تغيير شيءٍ حساس كالدفعات." يقولها بارل، ثمّ يضيف أنّه "إذا قمتَ بشيءٍ من دون الثقة الكاملة والأمن الكامل اللذين تستخدمها ‘باي بال‘ في مشاريعها، ستخسر العميل."